تقارير ودراسات

أردوغان لا يزال يحافظ على علاقات وثيقة مع الإخوان المسلمين رغم التقارب مع السيسي

في أعقاب لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أنقرة في الرابع من سبتمبر/ أيلول الماضي، بدأ فصل جديد في العلاقات المتوترة بين تركيا ومصر. وبينما يعمل أردوغان على الحد من أنشطة جماعة الإخوان المسلمين، التي تعارض السيسي، فإنه يواصل في تركيا تقديم الدعم للمجموعات المرتبطة بالإخوان المسلمين في الخارج. ويسلط هذا التوازن الدقيق الضوء على محاولة تركيا تحسين العلاقات مع مصر مع الحفاظ على روابطها الأيديولوجية والسياسية مع جماعة الإخوان المسلمين على المستوى الدولي.

في الآونة الأخيرة، في 12 سبتمبر/ أيلول، زار وفد من حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان أسامة جمال، الأمين العام للمجلس الأمريكي للمنظمات الإسلامية، والشخصية البارزة المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، خلال زيارة للولايات المتحدة.

وقد ترأس الزيارة ظافر سيراكايا، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية المسؤول عن الشؤون الخارجية، وضمت خليل موتلو، ممثل حزب العدالة والتنمية في الولايات المتحدة وابن عم أردوغان، إلى جانب كنعان أصلان، الرئيس الجديد لاتحاد الديمقراطيين الدوليين. ويُعد اتحاد الديمقراطيين الدوليين منظمة مثيرة للجدل تعمل كمجموعة مصالح أجنبية تدافع عن حكومة أردوغان في الخارج.

وفي تعليقه على الزيارة، كتب سيراكايا أنهم تبادلوا وجهات النظر حول الموقف الذي ينبغي اتخاذه ضد تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا في جميع أنحاء العالم، وخاصة التعامل مع “الإبادة الجماعية” التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني. ولم يصدر المجلس الأمريكي للمنظمات الإسلامية أيّ بيانات بشأن الزيارة.

وقد استغل أردوغان المجلس الأمريكي للمنظمات الإسلامية للتواصل مع المجتمعات المسلمة في الولايات المتحدة، كما قامت شركات مملوكة للدولة التركية برعاية فعاليات المجلس في الماضي. وكان هناك حوار وثيق بين أردوغان وجمال منذ عام 2016.

في سبتمبر / أيلول 2023، استقبل أردوغان وفداً برئاسة جمال، الذي قال إن الزيارة تهدف إلى تهنئة أردوغان على إعادة انتخابه في مايو / أيار 2023. وذكر جمال أن فوز أردوغان يُنظر إليه على أنه انتصار للعالم الإسلامي بأسره.

وخلال لقائهما، أكد أردوغان على الحاجة الملحة إلى اتحاد المجتمع الإسلامي العالمي ضد الإسلاموفوبيا والتعصب والتمييز، داعياً إلى التضامن في معالجة هذه القضايا. كما طلب دعم المجلس الأمريكي للمنظمات الإسلامية في مواجهة جهود الضغط المناهضة لتركيا في الولايات المتحدة، وأعرب عن رغبته في تعزيز العلاقات مع الجالية التركية في الولايات المتحدة.

في ديسمبر/ كانون الأول 2023، أفادت وسائل إعلام محلية بسحب الجنسية التركية من محمود حسين، زعيم جماعة الإخوان المسلمين في إسطنبول، وهو ما اعتبر إشارة إلى الإخوان المسلمين تم تفسيرها على أنها لفتة دبلوماسية من تركيا إلى مصر قبل الزيارة المرتقبة لأردوغان إلى القاهرة في فبراير/ شباط 2024.

وكانت “جبهة إسطنبول” في جماعة الإخوان المسلمين قد عينت حسين زعيماً مؤقتاً للجماعة بعد وفاة إبراهيم منير في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022.

وفي ظل التكهنات بأن أردوغان يعطي الأولوية لتحسين العلاقات مع مصر على دعم الإخوان المسلمين، ظهرت تطمينات للإخوان في وسائل الإعلام التركية. فقد ذكر الصحفي أونور إركان أن السلطات التركية زعمت أن إلغاء جنسية حسين وغيره من قادة الإخوان الذين حصلوا على الجنسية التركية من خلال شراء العقارات كان بسبب خطأ إجرائي. ومع ذلك، بدا من غير المرجح أن يتأثر مثل هذا الزعيم رفيع المستوى بخطأ إجرائي بسيط.

على مدى العقد الماضي، استقر العديد من شخصيات الإخوان المسلمين، بما في ذلك أعضاء في حركة حماس، في تركيا، حيث أنشأوا مؤسسات ومدارس وشركات. وقد سهلت حكومة أردوغان الموافقة السريعة لهم على الإقامة والعمل، حيث حصل العديد منهم في وقت لاحق على الجنسية التركية، ومُنحت لهم هويات جديدة.

كما وفرت الحكومة التركية ملاذاً للصحفيين المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين المضطهدين منذ الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي عام 2013، والذي كان مدعوماً من تركيا. ومع ذلك، في مارس / آذار 2021، زُعم أن السلطات التركية طلبت من ثلاث محطات تلفزيونية معارضة مصرية مقرها إسطنبول تخفيف تغطيتها الانتقادية للحكومة المصرية، تزامناً مع جهود أنقرة لإصلاح علاقاتها المتوترة مع القاهرة. وأكدت إحدى المحطات تلقي هذا الطلب، وأصدرت القنوات بعد ذلك إعلانات غير مباشرة وإن كانت مترددة بالامتثال، مما يشير إلى الخضوع للنفوذ التركي، حتى أن بعض وسائل الإعلام توقفت عن البث.

وكانت تقارير إعلامية قد ذكرت في وقت سابق أن أردوغان لا يزال ملتزماً بالحفاظ على علاقاته مع جماعة الإخوان المسلمين، على الرغم من التقارب مع مصر والدعم المالي المتوقع من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، اللتين تنظران إلى الإخوان المسلمين على أنهم تهديد.

كما يحافظ أردوغان على علاقات وثيقة مع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وهو منظمة تابعة لجماعة الإخوان المسلمين. ويلتقي أردوغان بشكل متكرر بوفود الاتحاد في أنقرة، ويشجع على إقامة علاقات قوية بين الاتحاد ومديرية الشؤون الدينية التركية. ويتمتع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي صنفته مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين كمنظمة إرهابية في عام 2018، بالحماية السياسية والدعم الدبلوماسي والمساعدات المالية من تركيا وكذلك قطر.

 

الرابط:

https://nordicmonitor.com/2024/09/erdogan-still-maintains-close-ties-with-muslim-brotherhood-despite-rapprochement-with-sisi/

زر الذهاب إلى الأعلى