تقارير ودراسات

الدعاية قصيرة المدى لتنظيم الدولة الإسلامية وتهديد الذئاب المنفردة للغرب

في أعقاب الهجوم على قاعة كروكس سيتي هول في موسكو في 22 مارس / آذار 2024، كثف تنظيم الدولة الإسلامية من دعايته على الإنترنت، داعياً أتباعه إلى تنفيذ عمليات جديدة على مستوى العالم. ولم يتوقف نشاط ولايات تنظيم الدولة الإسلامية في إفريقيا والشرق الأوسط، بل شهد بالفعل زيادة أخرى في الهجمات ضد المدنيين.

إن الطلب المتزايد على العنف العشوائي، الذي يتم الترويج له على منصات البث المختلفة التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، يثير قلقاً متزايداً. ففي أعقاب إطلاق النار في موسكو، أصدر أبو حذيفة، المتحدث الرسمي باسم تنظيم الدولة الإسلامية، رسالة صوتية كرر فيها “الدعوة إلى العمل” التي تم تقديمها في بداية عام 2024.

في الوقت نفسه، أنتجت بعض الوكالات المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية مجموعة واسعة من الصور التي تدعو “الجهاديين المنفردين” في الغرب إلى تقليد الهجمات التي تم تنفيذها في روسيا، وتُظهر الأهداف المحتملة وطرائق العمل.

الدعاية قصيرة المدى: التحليل والمخاطر

في النسخ الرسومية، يبدو أن تنظيم الدولة الإسلامية يخاطب في المقام الأول المتعاطفين والأعضاء الموجودين في الغرب بدلاً من ولايات محددة. ومن خلال تناول موضوع الدين والمعاناة التي يعيشها المسلمون على مستوى العالم (الفقر، المعاناة الفردية، الأزمات في فلسطين والشرق الأوسط)، فإن الهدف هو تقديم حل لهذه المواقف المعقدة من خلال الدعوة إلى العمل الفردي.

إن وجود مجتمع افتراضي كبير من الأتباع يقلل من الحاجة إلى الدعاية المادية البحتة، وفي الوقت نفسه يزيد من سرعة نقل الرسائل إلى عدد أكبر من الناس. كما أن الصعوبة في تحديد الشبكات تجعل من الصعب التعرف على المشاركين المحتملين القادرين على العمل.

وهذا يفسر الرسائل الدعائية الموجهة إلى ما يسمى “الذئاب المنفردة”، والتي تدعوهم إلى الهجوم دون تمييز وتقليد المهاجمين في قاعة كروكس سيتي هول. وبالتالي، يصبح من الواضح أن الدعاية تستهدف جمهوراً فردياً أو عدداً صغيراً من الناس، وليس مجموعة محددة، وتطمح إلى الاستمرارية والفورية في العمل.

ومع ذلك، من المهم أن نأخذ في الاعتبار إمكانية أن يكون تنظيم الدولة الإسلامية يستعد لتنفيذ عمليات مدروسة متوسطة الأجل، إذ توجد إشارات إلى مناطق يمتلك فيها التنظيم قوة كبيرة، مثل إفريقيا وآسيا الوسطى.

تهديد الغرب

عند فحص الدعاية التي يبثها تنظيم الدولة الإسلامية، يتبين أن المسيحيين، الذين يطلق عليهم وصف “الصليبيين”، واليهود، هم المحور الرئيسي للتهديدات. وتشجع الدعاية على تنفيذ الهجمات دون تمييز، في أي مكان وفي أي وقت.

ومن بين “الصليبيين”، تستهدف التهديدات الدول التي قدمت الدعم لإسرائيل، وفي مقدمتها الولايات المتحدة.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تمثل هدفاً محتملاً، فإن تنظيم الدولة الإسلامية لم ينفذ حتى الآن أي عمليات على الأراضي الأمريكية، في حين أن الدول الأوروبية هي الأكثر عرضة للتهديد بسبب الوجود المعروف لأعضاء مختلفين من التنظيم داخل أراضيها. ومع ذلك، فإن الإشارات المستمرة إلى الولايات المتحدة ومؤسستها السياسية ـ عدة رسائل موجهة إلى بايدن ـ ترفع مستوى التأهب في أمريكا الشمالية.

وفي المدونات والمجموعات الخاصة لمؤيدي تنظيم الدولة الإسلامية، دارت مناقشات حول الاهتمام بمهاجمة الشرق، وخاصة الصين وإندونيسيا، وهو ما يوضح الطبيعة العالمية لهذا التهديد. وعلى الرغم من أن قيادة التنظيم لم تصدر التهديدات بشكل مباشر، فإن الرسائل تُظهر متعاطفين أو تابعين له في هذه المناطق الجديدة. ومن ثم، لا يمكن استبعاد هذه المناطق من المخاطر المحتملة؛ لأن هناك احتمالاً لوقوع أعمال فردية.

إن الأحداث الرياضية الكبرى في أوروبا تشكل حالياً واحدة من النقاط الرئيسة التي تثير اهتمام الدعاية الجهادية لتنظيم الدولة الإسلامية. وفي حين كانت هناك في السابق تهديدات للألعاب الأولمبية التي أقيمت في صيف عام 2024 في باريس، فإن تنظيم الدولة الإسلامية يدعو حالياً إلى شنّ هجمات على الملاعب خلال الأحداث الرياضية، حيث يراها أهدافاً سهلة مع إمكانية وقوع خسائر بشرية كبيرة.

تركز التهديد في البداية على ألمانيا، واستهدف بشكل خاص ملعب أليانز أرينا، وهو ملعب كرة قدم مهم في مدينة ميونيخ، نظراً لأن البلاد كانت ستستضيف بطولة أمم أوروبا لكرة القدم في الصيف، ثم امتد التهديد إلى مناطق غير محددة، حيث يمكن أن تصبح الملاعب أهدافاً للعبوات الناسفة.

في الماضي، حاول تنظيم الدولة الإسلامية تنفيذ عمليات خلال الأحداث الرياضية (على سبيل المثال نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 في باريس)، وهو ما قد يشجع الأفراد على الاستجابة للدعوة. والواقع أن العدد الكبير من الأحداث الرياضية ـ حتى الحدث البسيط من شأنه أن يجذب قدراً كبيراً من الاهتمام ـ قد يجعل من الصعب تحديد نطاق المؤامرة، الأمر الذي من شأنه أن يعقد أي جهد لمنعها.

خاتمة

إن الدعوات المستمرة إلى التحرك ترفع مستوى المخاطر الدولية. وفي حين يوجه التنظيم حملته الدعائية المتوسطة والطويلة الأجل نحو ولايات الدولة الإسلامية، وخاصة في إفريقيا وآسيا الوسطى، فإنه يركز في المقام الأول على الجهات الفاعلة المنفردة في استراتيجيته المباشرة. ومن الصعب التنبؤ بهذه الجهات الفاعلة، ولكن من السهل تنظيمها، ولديها القدرة على إحداث نطاق أوسع من التأثير.

إن تعزيز السيطرة على الفضاءات الافتراضية والتحليل الدقيق للأهداف المحتملة التي يتم تحديدها في الدعاية يمكن أن يكونا عنصرين أساسيين في التعامل الاستباقي مع الهجمات الإرهابية، مع إدراك الصعوبة واسعة النطاق المتمثلة في التدخل في الوقت المناسب لمنع مثل هذه الهجمات.

 

الرابط:

https://www.specialeurasia.com/2024/04/04/islamic-state-propaganda-west/

زر الذهاب إلى الأعلى