الحرس الثوري الإيراني
هو القوة المسلحة للدولة الإيرانية المكلفة بالدفاع عن النظام الثوري الإيراني، وهو جناح النخبة في الجيش الإيراني مع أنه منفصل عنه عملياً، وهو الأداة الرئيسة لبناء الهيمنة الإقليمية الإيرانية في الشرق الأوسط. تأسس الحرس الثوري بعد الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 بأمر من آية الله الخميني لحماية الجمهورية الإسلامية الجديدة من الانقلابات، والدفاع عنها ضد التهديدات الداخلية والخارجية، وتصدير الثورة الإسلامية الإيرانية إلى الدول المجاورة، وخاصة الدول التي تضم أعداداً كبيرة من الشيعة، ونشر الإسلام الشيعي الثوري على مستوى العالم، وقد اكتسب دوراً كبيراً في تنفيذ السياسة الخارجية لإيران ويمارس السيطرة على قطاعات واسعة من الاقتصاد. ويخضع مباشرة للمرشد الأعلى، وهو يعمل خارج حدود القانون والقضاء، كما أنه مؤثر في السياسة الداخلية، وقد مر العديد من كبار المسؤولين في صفوفه. وبفضل رعايته للجماعات المسلحة في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان، وحركتي حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، يساعد إيران على استعراض قوتها في الشرق الأوسط، والظهور على أنها القوة الأكثر نفوذاً وأهمية في المنطقة.
لقد حولت الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988) الحرس الثوري إلى قوة قتالية ذات هيكل قيادي مماثل لهيكل الجيوش التقليدية. والآن هو قوة موازية للقوات المسلحة النظامية الإيرانية، مع ما يزيد عن 190 ألف جندي تحت قيادته وفقاً للمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، نصفهم تقريباً من المجندين.
تشمل هيكلة الحرس الثوري الإيراني ما يلي:
ـ القوات البرية المتمركزة في طهران و31 محافظة إيرانية، والتي يبلغ عددها أكثر من 150 ألف جندي.
ـ القوات البحرية المنفصلة عن الفرع البحري للجيش النظامي، والتي تضم حوالي 20 ألف بحار ومكلفة بدوريات على الحدود البحرية الإيرانية، بما في ذلك مضيق هرمز، الذي يمر عبره حوالي ثلث النفط الخام المنقول بحراً في العالم كل عام.
ـ القوات الجوية، وقوامها 15 ألف فرد، وهي منفصلة أيضًا عن الفرع الجوي للجيش النظامي.
ـ قوات الباسيج المساعدة (قوات التعبئة الشعبية)، المكونة من متطوعين مدنيين، والمكلفة بفرض القانون الاجتماعي لملالي إيران، والتي تعمل كشرطة للأخلاق ومكافحة الشغب.
ـ فيلق القدس، وهو قوة شبه عسكرية، يقدر عدد أفرادها بما بين 5000 و 15000 فرد، تم اختيارهم بعناية من الحرس الثوري الأوسع لكفاءتهم وولائهم للنظام، وهو وحدة عمليات خاصة، ويتعامل بشكل أساسي مع الأنشطة السرية في الخارج، بما في ذلك الهجمات الإرهابية والاغتيالات.
انتشر الحرس الثوري لأول مرة في الخارج خلال الحرب الإيرانية العراقية، وبدأ في رعاية الجماعات المسلحة غير الحكومية في المنطقة. وبرز “فيلق القدس”، باعتباره فرع الشؤون الخارجية الفعلي للحرس الثوري، حيث يقدم نطاقاً واسعاً من التدخلات: القتال، والاستخبارات، والعمليات الخاصة. وقد طور علاقاته مع الجماعات المسلحة في أفغانستان والعراق ولبنان والأراضي الفلسطينية وأماكن أخرى، وزودها بالتدريب والأسلحة والمال والمشورة العسكرية لتنفيذ مشروع التوسع الإيراني في الخارج. وفي حين أن بعض هذه الجماعات تعمل في كثير من الأحيان بشكل مستقل عن إيران وعن بعضها البعض، فإن طهران تعتبرها جزءاً من “محور المقاومة” المناهض للغرب الواقع تحت سيطرتها.
ومن خلال دعم وتعزيز هذه الجماعات، سعت طهران إلى تصدير ثورتها وردع أي احتمالات للعدوان من الدول الغربية وعدوها الدائم إسرائيل. على سبيل المثال، يشترك حزب الله اللبناني مع إيران في العداء للولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين احتلتا جنوب لبنان، عندما تأسس الحزب. وقد نُسبت تفجيرات السفارة الأمريكية ومشاة البحرية الأمريكية وثكنات المظليين الفرنسيين في بيروت عام 1983، فضلاً عن اغتيال العديد من معارضي النظام، إلى إيران ووكلائها؛ أي حزب الله. بالإضافة إلى ذلك، ربط مسؤولو المخابرات الغربية والشرق أوسطية الحرس الثوري الإيراني بتفجير مركز يهودي في بوينس آيرس بالأرجنتين عام 1994، على الرغم من أن طهران نفت مسؤوليتها عن التفجير.
وأصبح الحرس الثوري الإيراني أيضاً، لاعباً رئيساً في السياسة الداخلية الإيرانية، ويعد المنظمة الأكثر أهمية في البلاد. وفي الفترة ما بين 1997-2005، زاد عدد أفراد الحرس الثوري السابقين الذين انخرطوا في العمل السياسي بشكل أكبر. وقام المرشد الأعلى علي خامنئي ـ الذي قاد الحرس الثوري خلال الحرب الإيرانية العراقية ـ بتعيين قادة سابقين في الحرس الثوري في مناصب سياسية عليا، ويميل هؤلاء إلى الدعوة إلى سياسة خارجية متشددة، فضلاً عن دعم تطوير البرنامج النووي الإيراني.
ومن بين المصالح التي يدافع عنها الحرس الثوري إمبراطوريته الاقتصادية؛ فوفقًا لتقرير صدر عام 2020 عن مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، “أصبح الحرس الثوري الإيراني أقوى متحكم في جميع القطاعات الاقتصادية المهمة في جميع أنحاء إيران”. لقد أصبح الحرس الثوري لاعباً اقتصادياً عندما تم تكليفه بإعادة بناء البنية التحتية التي دُمرت في الحرب الإيرانية العراقية، وتوسع نشاطه منذ ذلك الحين ليشمل العديد من الصناعات الأخرى، بما في ذلك النفط والخدمات المصرفية والبناء والاتصالات والشحن والتصنيع والواردات الاستهلاكية.
ويملك الحرس الثوري العديد من البنوك والمؤسسات الاقتصادية الضخمة أبرزها شركة خاتم الأنبياء الهندسية التي يبلغ حجم تعاقداتها في مجال النفط والغاز 20 مليار دولار، بالإضافة إلى مؤستتي “الأنصار” و”مِهْر” الماليتين.
وتعمل هذه الأنشطة الاقتصادية على إثراء قادة الحرس الثوري وتمويل عملياته، مثل شراء الأسلحة والتدخلات السرية في الخارج والبرنامج النووي الإيراني.
ولا يحظى الحرس الثوري بشعبية بين الإيرانيين؛ فقد تضررت سمعته بشدة بعد أن أسقط عن طريق الخطأ طائرة ركاب كانت تحلق فوق المجال الجوي الإيراني في يناير/ كانون الثاني 2020، ما أسفر عن مقتل جميع ركابها وعددهم 176 شخصاً، وكان معظمهم إيرانيين. بالإضافة إلى ذلك، اتُهمت قوات الباسيج والحرس الثوري عموماً بإطلاق النار والاعتداء الجنسي وتعذيب الإيرانيين المشاركين في حركة الاحتجاج المناهضة للحكومة “المرأة والحياة والحرية” التي اندلعت في إيران في أواخر عام 2022.
تتكون قيادة الحرس الثوري حالياً من:
ـ اللواء حسين سلامي: القائد العام.
ـ اللواء إسماعيل قاآني: قائد فيلق القدس.
ـ العميد محمد باكبور: قائد القوة البرية.
ـ العميد علي فدوي: قائد القوة البحرية.
ـ العميد أمير علي حاجة زاده: قائد القوة الجوية.
ـ العميد غلام رضا سليماني: قائد الباسيج.
وصنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية الحرس الثوري كمنظمة إرهابية أجنبية في أكتوبر / تشرين الأول 2017، وتبعته وزارة الخارجية في أبريل / نيسان 2019، وكانت الولايات المتحدة قد صنفت إيران بالفعل كدولة راعية للإرهاب في يناير / كانون الثاني 1984. وفي 4 سبتمبر / أيلول 2019، أصدرت الولايات المتحدة مكافأة تصل إلى 15 مليون دولار مقابل معلومات تؤدي إلى تعطيل الآليات المالية للحرس الثوري الإسلامي الإيراني وفروعه.