تقارير ودراسات

الإخوان المسلمون في روسيا

لم تخلُ روسيا من الوجود الإخواني، إذ عمد الإخوان المسلمون منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي؛ أي مباشرة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، إلى تأسيس بنية تحتية بشرية وتنظيمية تساعدهم على تثبيت وجودهم في هذا البلد المهم وممارسة أنشطتهم بفعالية، وكان مدخلهم إلى ذلك الطلبة والمهاجرين العرب الذين ينتمون إلى الجماعة أو يتعاطفون مع أيديولوجيتها، والذين جاءوا إلى روسيا بغرض الدراسة أو العمل، واستقروا هناك، وحصلوا على الجنسية.

على مدار سنوات، نجح الإخوان في الانتشار في موسكو ومختلف جمهوريات ومحافظات الاتحاد الروسي، وأقاموا شبكة مترابطة من الجمعيات والمراكز الثقافية والاجتماعية والتعليمية والخيرية، وعلى الرغم من صدور قرار من السلطات الروسية عام 2003 بحظرهم ومنعهم من مزاولة أي نشاط، ظل هذا القرار حبراً على ورق لأسباب براجماتية تتعلق بحسابات السلطة وتعقيداتها؛ إذ سُمح للإخوان فعلياً بالاستمرار في التوسع ونشر أيديولوجيتهم وترسيخ تواجدهم في أوساط المسلمين الروس الذين يقدر عددهم بنحو 28 مليون مسلماً (الإحصاء الأخير لعام 2022)، تؤطرهم مئات الجمعيات والمراكز الثقافية والاجتماعية الإسلامية وأزيد من 8 آلاف مسجد في روسيا وحدها.

اتحاد المنظمات الإسلامية في روسيا 

هو التنظيم المظلي للإخوان المسلمين في الاتحاد الروسي، تأسس عام 2006 من قبل مجموعة من الطلبة العرب أبرزهم الفلسطينيان وسام البردويل ونضال الحيح، وتم تسجيله رسمياً في موسكو، حيث يقع مقره الرئيس، وحصل على الاعتماد القانوني عام 2008. 

يهدف الاتحاد إلى تعليم المسلمين الروس الدين الصحيح وتوجيههم للتمسك بهويتهم وممارسة شعائرهم الدينية، بالإضافة إلى متابعة أوضاعهم وقضاياهم والتحديات التي يواجهونها في مختلف مجالات الحياة الدينية والاجتماعية وحتى السياسية.

من أهداف الاتحاد أيضاً نشر العلوم الشرعية بين الجالية المسلمة في روسيا لمعالجة مشكلة فقدان الهوية الإسلامية عند المسلم الروسي بسبب الحقبة الشيوعية. يسعى الاتحاد إلى خلق وعي ديني إسلامي قائم على أساس عقائدي صحيح في أوساط الجيل الجديد من المسلمين؛ وذلك من خلال الفعاليات الدينية المختلفة التي ينظمها (محاضرات، ندوات، ورش عمل)، إلى جانب ترجمة الكتب التي تقدم مادة فكرية إسلامية إلى اللغة الروسية، ومنها كتب مفكري الإخوان المشهورين وعلى رأسهم حسن البنا وسيد قطب ويوسف القرضاوي.

من الأنشطة التي يوليها الاتحاد الأولوية الموضوعات التي تخص المرأة المسلمة في روسيا والتحديات التي تواجهها ودورها في استقرار وتطوير المجتمع. يركز الاتحاد على الدفاع عن حقوق المرأة الروسية المسلمة المحجبة، وبيان دورها في المجتمع الروسي؛ وذلك من خلال المشاركة في القنوات الإعلامية وتنظيم تظاهرات ونقاشات شعبية على مستوى الشارع.

البنية التنظيمية

تتكون هيكلة الاتحاد من ثلاثة أجهزة رئيسة:

ـ جمعية عمومية تضم 30 عضواً.

ـ مجلس شورى مكون من 9 أعضاء. 

ـ مكتب تنفيذي تتفرع عنه 6 أقسام تخصصية:

1 ـ القسم الدعوي.

2 ـ القسم التربوي / التعليمي.

3 ـ القسم الإعلامي.

4 ـ القسم النسائي (قسم الأخوات).

5 ـ قسم التنمية والموارد.

6 ـ قسم العلاقات العامة.

الهياكل المحلية التابعة

يشكل الاتحاد تجمّعاً لشبكة واسعة من المراكز والجمعيات التي تنشط في المجالات الدينية والثقافية والخيرية والاجتماعية، أبرزها:

ـ المركز الثقافي الإسلامي في سان بطرسبرغ (تأسس عام 2003).

ـ المركز الإسلامي في سراتوف (تأسس عام 2005).

ـ جمعية الدعوة الإسلامية في جمهورية كاريليا (تأسست عام 2006).

ـ مركز الوسطية في موسكو (تأسس عام 2009).

ـ المركز الإسلامي الثقافي في موسكو (تأسس عام 2009).

ـ جمعة المرأة المسلمة “ردنيك” (= النبع) في سراتوف.

ـ جمعية الرحمة (جمعية خيرية).

ـ بيت الخير (جمعية نسائية).

ـ جمعية المجلس (جمعية خيرية).

ـ مركز “دار” في موسكو (مركز ثقافي / اجتماعي).

ـ جمعية “فردوس” في بالاكوفا (جمعية نسائية).

ـ جمعية البعثة الإسلامية العالمية.

ـ وكالة الأنباء الإسلامية الروسية.

ـ الجمعية الإسلامية لمسلمي موسكو.

كما يعمل الاتحاد على إدارة سلسلة من المؤسسات التعليمية التي تهدف إلى تخريج أجيال جديدة تنهض بأعباء الدعوة الإسلامية في روسيا أبرزها مركز “مدينة” التعليمي بموسكو، وهو مركز معترف به من قبل وزارة التعليم الاتحادية، ويضم مدرسة ابتدائية (من الصف الأول حتى السادس) لتدريس اللغة العربية والتربية الإسلامية، ومدرسة الشيخ سعيد الإسلامية في سراتوف التي تأسست عام 2007، وهي كلية شرعية لتكوين الأئمة ورجال الدين تابعة إدارياً للمركز الإسلامي في سراتوف، ويدرُس بها ما يقارب 200 طالباً وطالبة من مختلف الأعمار، موزعين على أربعة مستويات، وتستغرق الدراسة فيها أربع سنوات يحصل بعدها الطالب المتخرج على دبلوم دراسات إسلامية معترف به من قبل الدولة.

وقد تفرع عن مدرسة الشيخ سعيد الإسلامية مركز لتحفيظ القرآن الكريم للصغار أصبح الآن مؤسسة مستقلة يقدم خدماته لما يقارب 120 طفلاً وطفلة، كذلك تفرع عن المدرسة مؤسسة تعليمية للأطفال تحت اسم “مكتب” تقدم دروساً للتقوية لتلاميذ المرحلة الابتدائية يومي السبت والأحد، حيث العطلة المدرسية الأسبوعية، وتقدم خدماتها لما يقارب 170 تلميذاً وتلميذة.

العلاقة مع هياكل الإخوان المسلمين في أوروبا

يملك الاتحاد شراكات إستراتيجية مع مختلف الهياكل الأوروبية التابعة للتنظيم الدولي للإخوان على رأسها اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا (مجلس مسلمي أوروبا حالياً): الجناح الأوروبي للتنظيم الدولي للإخوان، والمنتدى الإسلامي الأوروبي، والمركز الأوروبي للأبحاث والتأهيل القيادي، والمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث الذي يشكل المرجعية الأساسية للاتحاد في مجال الفتوى والاجتهادات الدينية.

كذلك شارك أحد مؤسسي الاتحاد: وسام البردويل، أكثر من مرة، بصفته عضواً، في أعمال مجلس شورى اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا (مجلس مسلمي أوروبا حالياً). بالإضافة إلى ذلك، استفاد البردويل مع عدد من قيادات وكوادر الاتحاد من دورات تدريبية متقدمة أجريت لهم خصيصاً عام 2016 في المركز الأوروبي للأبحاث والتأهيل القيادي الذي يقع مقره بمدينة فريبورغ السويسرية.

التمويل

المصدر الرئيس لتمويل الاتحاد هو التبرعات التي يتلقاها من الجالية المسلمة في روسيا الاتحادية، بالإضافة إلى بعض الجهات الرسمية الخارجية كوزارة الأوقاف الكويتية، التي تعد من الداعمين الأساسيين للاتحاد. يتلقى الاتحاد أيضاً دعماً مالياً من هياكل الإخوان المسلمين في أوروبا، وبالأخص اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا (مجلس مسلمي أوروبا حالياً)، لتنفيذ مشروعاته في موسكو وغيرها من الجمهوريات والمحافظات الروسية.

القيادات

ـ وسام البردويل: أحد مؤسسي الاتحاد ورئيسه السابق. فلسطيني يحمل الجنسية الروسية، ولد في ليبيا عام 1975. أنهى دراسته الثانوية في ليبيا، ثم انتقل إلى روسيا لدراسة الطب في أوائل التسعينيات، كما درس بالمراسلة في كلية الشريعة بالمعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية التابع للتنظيم الدولي للإخوان، وهو من أقارب صلاح البردويل: عضو المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية. بعد تخرجه من كلية الطب، تفرغ للدعوة والخطابة في المساجد، وشغل منصب مفتي جمهورية كاريليا (إحدى المقاطعات الروسية) لمدة 15 عاماً، ثم ثلاث سنوات أخرى مفتياً لمحافظة مورمانسك، وهو حالياً عضو مجلس العلماء في الإدارة الدينية لمسلمي روسيا، بالإضافة إلى عمله مدرساً في كلية موسكو الإسلامية وخطيباً بالمسجد الجامع في موسكو وإماماً وخطيباً في الجمعية الإسلامية لمسلمي موسكو التي تأسست مؤخراً.

ـ نضال عوض الله الحيح: فلسطيني (من مواليد محافظة الخليل) يحمل الجنسية الروسية، تخرج من كلية الطب مع وسام البردويل، وشارك معه في تأسيس الاتحاد. يشغل حالياً منصب نائب رئيس الإدارة الدينية لمسلمي حوض الفولكا (وسط روسيا) للعلاقات الخارجية، إلى جانب عمله مدرساً في مدرسة الشيخ سعيد الإسلامية في سراتوف، كما أطلق في فبراير 2021 قناة على اليوتيوب للتعريف بتاريخ الإسلام والمسلمين في روسيا.

ـ محمد هني: جزائري يحمل الجنسية الروسية. رئيس سابق للاتحاد، كما تولى رئاسة المركز الثقافي الإسلامي في سان بطرسبرغ، وهو حالياً عضو في اللجنة التنفيذية للاتحاد، إلى جانب عضويتيه في مجلس إدارة المركز الأوروبي للأبحاث والتأهيل القيادي التابع لاتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا (مجلس مسلمي أوربا حالياً).

زر الذهاب إلى الأعلى