تقارير ودراسات

إيران تواجه معضلة في الرد على اغتيال زعيم حزب الله

تواجه إيران معضلة كبرى بعد اغتيال إسرائيل لزعيم حزب الله حسن نصر الله، الحليف الرئيس لطهران، في غارات جوية على لبنان في 27 سبتمبر/ أيلول.

إذا شنت إيران ضربة عسكرية مباشرة على إسرائيل، فإنها بذلك تخاطر بإشعال حرب شاملة مع عدوها اللدود. وإذا اختارت طهران ضبط النفس، فقد تتعرض سمعتها بين حلفائها وأعدائها في المنطقة لضربة موجعة.

حزب الله، وهو جماعة مسلحة وحزب سياسي يسيطر على جزء كبير من جنوب لبنان، هو عضو بارز في ما يسمى محور المقاومة الإيراني وشبكته الواسعة من الوكلاء والجماعات المسلحة ضد إسرائيل.

وتعدّ المنظمة الشيعية ـ التي تعتبرها الولايات المتحدة منظمة إرهابية، على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي أدرج جناحها المسلح فقط على القائمة السوداء ـ عنصراً أساسياً في استراتيجية إيران الرادعة ضد إسرائيل والولايات المتحدة.

وقال ماثيو ليفيت من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: “إيران في وضع صعب، حيث ترغب بشدة أن تكون قادرة على الرد، لكنها تخشى عواقب القيام بذلك بشكل مباشر”.

لا خيارات جيدة

قال خبراء إن من غير المرجح أن تشنّ إيران ضربة عسكرية مباشرة على إسرائيل، وهي الخطوة التي قد تؤدي إلى حرب شاملة باهظة التكلفة كانت طهران حريصة على تجنبها.

وفي حالة الصراع المباشر، تتمتع إسرائيل بتفوق عسكري ساحق، على الرغم من أن ترسانة إيران من الطائرات من دون طيار والصواريخ تشكل تهديداً كبيراً وفقاً للخبراء.

وقال بهنام طالبلو، زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، إن “خيارات إيران ضد إسرائيل تتراوح من السيئ إلى الأسوأ بالنظر إلى عيوبها العسكرية التقليدية والضربات التي تعرضت لها شبكتها الإرهابية الإقليمية”.

في أبريل/ نيسان، شنت إيران هجوماً غير مسبوق بطائرات من دون طيار وصواريخ ضد إسرائيل. وجاء ذلك بعد وقت قصير من غارات جوية إسرائيلية أسفرت عن مقتل سبعة من كبار القادة الإيرانيين في سوريا.

لكن طالبالو قال إن الجمهورية الإسلامية لن تشنّ على الأرجح هجوماً مباشراً آخر على إسرائيل، إلا إذا كان التهديد “وجودياً وحقيقياً”.

ومع احتمال أن تصبح المواجهة المباشرة غير واردة، قال خبراء إن إيران قد تلجأ إلى أعضاء آخرين في محورها ـ بما في ذلك الميليشيات الشيعية الموالية لها في العراق، والمتمردون الحوثيون في اليمن، والميليشيات في سوريا ـ لإلحاق الضرر بإسرائيل وحليفتها الرئيسة الولايات المتحدة.

وتكبد محور المقاومة الإيراني خسائر فادحة منذ أن شنت إسرائيل حربها المدمرة على قطاع غزة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ما ألقى بظلال من الشك على قدرته على الرد على إسرائيل.

لقد ضعفت حماس بشكل كبير في القطاع الفلسطيني. وفي الوقت نفسه، قتلت إسرائيل نصر الله ومعظم قادة حزب الله في لبنان في الأشهر الأخيرة، كما استهدفت إسرائيل الحوثيين والجماعات الموالية لإيران في سوريا والعراق.

الميل إلى ضبط النفس

وبدا القادة الإيرانيون منضبطين بشكل غير عادي منذ مقتل نصر الله.

ولم يهدد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بالرد الإيراني المباشر. وهذا يتناقض مع وعده الصريح بالانتقام بعد اغتيال إسرائيل لإسماعيل هنية، الزعيم السياسي لحركة حماس الفلسطينية التي صنفتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أنها منظمة إرهابية، في طهران في يوليو/ تموز.

وقال طالبلو: “لقد تراجعت إيران عن وعدها بالانتقام العنيف بعد مقتل هنية في طهران؛ لأنها شعرت أن الأمور تسير في صالحها على الأقل سياسياً في المنطقة”.

وأضاف أن “الأعمال الإسرائيلية الجريئة والمميتة على نحو متزايد ضد حزب الله في الأسبوعين الماضيين لم تكن أقل من تغيير استراتيجي لقواعد اللعبة ضد الجمهورية الإسلامية ومحور المقاومة”.

وعلى الرغم من ذلك، يبدو أن إيران تتبنى استراتيجية ضبط النفس.

فقد قالت وزارة الخارجية الإيرانية في 30 سبتمبر/ أيلول إن طهران لن تنشر قوات في لبنان أو قطاع غزة لمحاربة إسرائيل؛ لأن حماس وحزب الله “لديهما القدرة والقوة للدفاع عن نفسيهما ضد العدوان”.

وقال فرزان ثابت، الباحث البارز في معهد جنيف للدراسات العليا، إن عدم رغبة إيران في الرد على هجمات إسرائيل على حلفائها قد يوجه ضربة لسمعة طهران ومكانتها في المنطقة.

وقال إن “التصور السائد هو أن طهران غير قادرة على فرض خطوطها الحمراء ضد إسرائيل. وحتى لو لم يكن هذا صحيحاً، فإنه يجعل إيران تبدو ضعيفة. والضعف المتصور يدعو إلى تحديات أكبر”.

السلاح النووي

على الرغم من أن خامنئي يبدو متمسكاً بضبط النفس، فقد دعا المتشددون في إيران إلى اتخاذ إجراء عسكري ضد إسرائيل، بل إن بعضهم حث طهران على تسليح برنامجها النووي، بحجة أن الردع النووي وحده من شأنه أن يضمن عدم قيام إسرائيل بمهاجمة إيران بشكل مباشر.

وذكرت تقارير إعلامية إيرانية أن البلاد تمتلك ما يكفي من اليورانيوم المخصب لإنتاج عشر قنابل نووية. لكن الخبراء قالوا إن الأمر قد يستغرق شهوراً، أو حتى أكثر من عام، لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم الصالح للاستخدام في صنع الأسلحة لصنع قنبلة.

وقال ثابت إن حسابات إيران قد تتغير إذا رأت أن قدرات حزب الله، وهو الرادع الرئيس لطهران ضد إسرائيل، قد تدهورت بشكل كبير.

وأضاف: “مع تطور الصراع الإقليمي الحالي، قد تواجه الجمهورية الإسلامية قريباً لحظة “استخدمها أو اخسرها”، عندما يتعين عليها أن تقرر ما إذا كانت ستصنع أسلحة نووية [أم لا]”.

الرابط:

https://www.rferl.org/amp/iran-israel-hezbollah-nasrallah/33140755.html

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى