تقارير ودراسات

هيكل السلطة في إيران

المرشد الأعلى

يوجد على رأس هيكل السلطة في إيران المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، الذي خلف آية الله روح الله الخميني، أبو الثورة الإيرانية، بعد وفاته في عام 1989؛ الخميني وخامنئي هما الرجلان الوحيدان اللذان شغلا هذا المنصب منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979.

وفقاً للدستور الإيراني، المرشد الأعلى مسؤول عن رسم “السياسات العامة لجمهورية إيران الإسلامية” والإشراف عليها، وهو ما يعني أنه يحدد اتجاه سياسات إيران الداخلية والخارجية، كما أن المرشد الأعلى هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ويسيطر على العمليات الاستخباراتية والأمنية للجمهورية الإسلامية؛ فهو وحده يستطيع أن يعلن الحرب أو السلام. ويتمتع بسلطة تعيين وإقالة قادة السلطة القضائية وشبكات الإذاعة والتلفزيون الحكومية، وهو القائد الأعلى للحرس الثوري الإسلامي، كما يقوم بتعيين ستة من الأعضاء الاثني عشر في مجلس صيانة الدستور، وهو الهيئة القوية التي تشرف على أنشطة البرلمان وتحدد المرشحين المؤهلين للترشح للمناصب العامة.

ويمتد نطاق سلطة المرشد الأعلى من خلال ممثليه الذين يعملون كوكلاء ميدانين، والذين يقدر عددهم بـ 2000 منتشرين في جميع قطاعات الحكومة. وفي بعض النواحي، يكون ممثلو المرشد الأعلى أقوى من وزراء الرئيس ويتمتعون بسلطة التدخل في أي مسألة تخص الدولة نيابة عن المرشد الأعلى.

الرئيس

الرئيس هو ثاني أعلى مسؤول في إيران. وعلى الرغم من أنه يتمتع بمكانة عامة عالية، فإن سلطته يتم تقليصها بطرائق عديدة بموجب الدستور، الذي يُخضع السلطة التنفيذية بأكملها للمرشد الأعلى. وفي الواقع، فإن إيران هي الدولة الوحيدة التي لا تسيطر فيها السلطة التنفيذية على القوات المسلحة.

الرئيس مسؤول عن وضع السياسات الاقتصادية للبلاد. وعلى الرغم من أنه يتمتع بحكم اسمي على المجلس الأعلى للأمن القومي ووزارة الاستخبارات والأمن، فإن المرشد الأعلى في الواقع هو الذي يقرر في جميع المسائل المتعلقة بالأمن الخارجي والداخلي. يتوفر الرئيس على ثمانية نواب يعملون تحت قيادته، بالإضافة إلى مجلس وزراء مكون من 22 وزيراً. ويجب أن تتم المصادقة على مجلس الوزراء من قبل البرلمان.

مجلس الشورى الإسلامي

مجلس الشورى الإسلامي أو البرلمان الإيراني هو هيئة تشريعية ذات غرفة واحدة يتم انتخاب أعضائها البالغ عددهم 290 عضواً علنياً كل أربع سنوات. ويقوم بصياغة التشريعات، والتصديق على المعاهدات الدولية، والموافقة على ميزانية البلاد. الجلسات البرلمانية مفتوحة للجمهور، وتذاع مداولاته وتنشر محاضره.

ويخضع البرلمان للرقابة من قبل مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة رقابية مؤثرة تقوم بفحص جميع القوانين التي يقرها البرلمان لتحديد مدى توافقها مع الشريعة الإسلامية.

مجلس خبراء القيادة

يتكون مجلس خبراء القيادة، الذي يجتمع لمدة أسبوع واحد كل عام، من 86 من رجال الدين ينتخبهم الجمهور لمدة ثماني سنوات. وكما هو الحال في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، يحدد مجلس صيانة الدستور من يمكنه الترشح لمقعد في مجلس الخبراء.

ويقوم أعضاء مجلس الخبراء بدورهم بانتخاب المرشد الأعلى من بين صفوفهم، ويعيدون تثبيته بشكل دوري، ولم يُعرف قط أن المجلس عارض أيّاً من قرارات المرشد الأعلى.

روبن رايت، مراسل أجنبي لصحيفة لوس أنجلوس تايمز ومؤلف كتاب “الثورة الكبرى الأخيرة: الاضطرابات والتحول في إيران” (2000)، قارن مجلس الخبراء بمجمع الكرادلة في الفاتيكان، وكتب أنه “الأكثر غموضاً بين الهيئات [الحاكمة] العديدة في إيران”.

مجلس صيانة الدستور

يتكون مجلس صيانة الدستور من اثني عشر قاضياً، ستة منهم يعينهم المرشد الأعلى، ويوصي رئيس السلطة القضائية بالستة الباقين، ويتم تعيينهم من قبل البرلمان رسمياً.

يتولى مجلس صيانة الدستور سلطة تفسير الدستور وتحديد ما إذا كانت القوانين التي أقرها البرلمان متوافقة مع الشريعة الإسلامية. وهذا يعني أن المجلس لديه حق النقض على السلطة التشريعية للبرلمان. إذا رأى المجلس أن القانون الذي أقره البرلمان لا يتوافق مع الدستور أو الشريعة، يتم إحالته مرة أخرى إلى البرلمان لمراجعته.

ويقوم المجلس أيضاً بفحص المرشحين الرئاسيين والبرلمانيين والتدقيق في سيرهم الذاتية ومسارهم المهني لتحديد مدى أهليتهم لأداء مهاهم.

مجلس تشخيص مصلحة النظام

في عام 1988، أنشأ آية الله الخميني مجلس تشخيص مصلحة النظام وكلفه بالتوسط في النزاعات بين مجلس الشورى الإسلامي ومجلس صيانة الدستور. والآن، وفقاً للدستور، يعمل المجلس كهيئة استشارية للمرشد الأعلى، مما يجعله أحد أقوى الهيئات الحاكمة في البلاد.

وينحدر أغلبية أعضاء مجلس تشخيص مصلحة النظام البالغ عددهم 34 عضواً من الأحزاب المحافظة. وفي أغلب الأحيان، ينحاز هؤلاء الأعضاء إلى جانب مجلس صيانة الدستور المحافظ في نزاعاته مع البرلمان.

السلطة القضائية

يخضع الفرع القضائي للحكومة الإيرانية إلى حد كبير لسيطرة المرشد الأعلى، الذي يعين رئيس السلطة القضائية، والذي بدوره يعين رئيس المحكمة العليا والمدعي العام.

وتتعامل المحاكم العامة مع القضايا المدنية والجنائية، وهناك أيضاً محاكم “ثورية” تتعامل مع فئات معينة من الجرائم، بما في ذلك الجرائم ضد الأمن القومي، وتهريب المخدرات، والأفعال التي تقوض الجمهورية الإسلامية. والقرارات الصادرة عن المحاكم الثورية نهائية وغير قابلة للاستئناف.

وأحكام المحكمة الدينية الخاصة، التي تعمل بشكل مستقل عن الإطار القضائي العادي ولا تخضع للمساءلة إلا أمام المرشد الأعلى، هي أيضاً نهائية ولا يمكن استئنافها. وتتعامل المحكمة الدينية الخاصة مع الجرائم التي يُزعم أن رجال الدين ارتكبوها، على الرغم من أنها تنظر أيضاً في قضايا تتعلق بأشخاص عاديين.

المجلس الأعلى للأمن القومي

تنص المادة 176 من الدستور الإيراني على إنشاء المجلس الأعلى للأمن القومي وتكليفه بمهمة “الحفاظ على الثورة الإسلامية، وسلامة الأراضي، والسيادة الوطنية”. ومن بين أعضائه: الرئيس، رئيس البرلمان، رئيس السلطة القضائية، رئيس هيئة الأركان العامة المشتركة للقوات المسلحة، ووزراء الخارجية والداخلية والمخابرات، وقادة الحرس الثوري الإسلامي والجيش النظامي.

بصفته رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي، يساعد الرئيس في تنسيق توجيهات السياسة الخارجية للمرشد الأعلى.

الجيش النظامي

يضم الجيش النظامي القوات المسلحة للجمهورية الإسلامية. ووفقاً للدستور، فإن الجيش النظامي للجمهورية الإسلامية مسؤول عن حماية استقلال البلاد وسلامة أراضيها والحفاظ على النظام. ويجب أن يكون الجيش الذي يقع تحت سيطرة المرشد الأعلى ملتزماً بالعقيدة الإسلامية.

الحرس الثوري الإسلامي

الحرس الثوري الإسلامي، الذي أنشأه الخميني في مايو/ أيار 1979، مكلف بحماية الثورة وإنجازاتها. وهو منفصل ومتميز عن الجيش “النظامي”، وكان التنافس بين الفرعين العسكريين حاضراً على الدوام منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية.

وعلى الرغم من اختلاف الأرقام المتعلقة بعدد قوات الحرس الثوري الإيراني، فإن التقديرات الأخيرة تشير إلى أنها تصل إلى قرابة 125 ألف جندي.

في عام 1982، أرسل الحرس الثوري الإيراني قوات إلى لبنان لدعم جماعة حزب الله الشيعية، ومنذ ذلك الحين أصبح نشطاً في دعم الحركات الثورية الإسلامية في أجزاء أخرى من العالم الإسلامي. ويُفترض على نطاق واسع أن الحرس الثوري الإيراني هو أحد أقوى الداعمين للجماعات الإسلامية الفلسطينية المسلحة، بما في ذلك حركتي الجهاد الإسلامي وحماس.

في كتابه “من يحكم إيران؟” (2000)، كتب ويلفريد بوشتا: “من الواضح أن الحرس الثوري الإيراني هو من بين مراكز السلطة الأكثر استقلالية في إيران، وقد قاوم التبعية لأي سلطة مدنية، من السلطة التنفيذية الرئاسية إلى جهاز الرقابة الدينية المتجسد في ممثلي المرشد الأعلى”.

وزارة الاستخبارات والأمن

تعد وزارة الاستخبارات والأمن واحدة من أكثر الكيانات العاملة في الجمهورية الإسلامية غموضاً، ومن الصعب الحصول على معلومات موثوقة حول هيكلها ومدى نفوذها. والمعروف أن المرشد الأعلى هو المسيطر على كافة شؤون الدفاع والأمن والسياسة الخارجية، وأن هناك قانوناً خاصاً يفرض أن يكون المسئول عن وزارة الاستخبارات والأمن من رجال الدين، مما يعزز نفوذ المرشد الأعلى.

ووفقاً لقانون تأسيس وزارة الاستخبارات والأمن، الذي أقره البرلمان في عام 1983، فإن الوزارة مكلفة بـ “جمع وتحليل وتصنيف المعلومات الضرورية داخل البلاد وخارجها”. وهي مسؤولة عن كشف المؤامرات التي تستهدف سلامة الجمهورية الإسلامية والتصدي لها.

في كتابها “المرايا الفارسية: الوجه المراوغ لإيران”، كتبت إيلين سيولينو من صحيفة نيويورك تايمز أن المهمة الأساسية لوزارة الاستخبارات والأمن تتمثل في القضاء على المعارضين السياسيين داخل حدود إيران. ومع ذلك، يقول مايكل آيزنشتات، في مقال نشره في مجلة الشرق الأوسط للشؤون الدولية في مارس / آذار 2001، إن وزارة الاستخبارات والأمن “تلعب دوراً قيادياً في تنظيم وتنفيذ العمليات الإرهابية خارج إيران، وتدير العمليات من السفارات والقنصليات والمراكز الإسلامية الإيرانية في الخارج”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى