تقارير ودراسات

هل تؤدي الحرب بين إسرائيل وحماس إلى إشعال موجة جديدة من التطرف في آسيا الوسطى؟

ـ عززت حكومات آسيا الوسطى إجراءات الأمن في المواقع الإسرائيلية واليهودية، وأعربت عن حيادها بشأن الصراع في غزة، لكن الاضطرابات قد تلهم هجمات متطرفة.

ـ دعت دعاية تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان إلى شنّ هجمات على أهداف إسرائيلية ويهودية في أوزبكستان، ونشرت تفاصيل مثل مواقع المعابد اليهودية ومعلومات الرحلات الجوية من تل أبيب.

ـ تمت أربع محاولات لتنفيذ هجمات ضد شركات ومراكز ثقافية إسرائيلية في آسيا الوسطى منذ بدء الصراع في غزة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وكان أحدها ناجحاً.

في 21 ديسمبر/ كانون الأول 2023، اشتعلت النيران في مزرعة دواجن تسمى “ساكسوفات برويلر” في منطقة بسكينت بالقرب من العاصمة الأوزبكية طشقند. ونشرت وزارة الطوارئ خمسة أطقم إطفاء وإنقاذ لإخماد الحريق، مما يدل على حجم الحادث. ولم تقدم وسائل الإعلام الأوزبكية أي تفاصيل أخرى، باستثناء عدم وقوع إصابات بشرية.

وفي الثامن والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول 2023، ظهرت تقارير تفيد بأن الحريق كان في الواقع نتيجة لهجوم متعمد نفذته مجموعة من أربعة أشخاص انتقاماً لمعاناة المسلمين في غزة. وقد اختار الجناة المزرعة كهدف لهم بسبب علاقاتها المزعومة مع إسرائيل والولايات المتحدة. وقد دفع هذا المحللين إلى التنبؤ بأن آسيا الوسطى لديها “بنية تحتية سرية معادية لإسرائيل” مكتملة التكوين ستنفذ المزيد من الهجمات على أهداف إسرائيلية ويهودية – أو تلك التي يُعتقد أنها مرتبطة بها – في المنطقة في عام 2024.

لقد أصبح الحريق الذي اندلع في مزرعة الدواجن أحدث وأكبر هجوم معادٍ لإسرائيل في آسيا الوسطى منذ بدء الصراع بين إسرائيل وحماس في أكتوبر / تشرين الأول 2023. يستكشف هذا المقال تأثير الصراع في غزة على التطرف في آسيا الوسطى ويناقش الهجمات التي تستهدف الإسرائيليين واليهود والمصالح في المنطقة. ويتناول ما إذا كانت الاضطرابات في غزة ستشعل موجة جديدة من الإرهاب والتطرف في آسيا الوسطى.

المصالح الإسرائيلية تحت الهجوم

منذ بداية الصراع في غزة، جرت أربع محاولات أخرى لشنّ هجمات ضد شركات ومراكز ثقافية إسرائيلية كان أحدها ناجحاً. في نوفمبر / تشرين الثاني 2023، أُضرمت النيران في مستودع شركة “تكنو بارك” الأوزبكية الإسرائيلية المشتركة في عمل انتقامي لمعاناة المسلمين في غزة. ولم تحدد السلطات هوية الجناة. وأوردت وسائل الإعلام المحلية تقارير موجزة عن الحريق دون تقديم أي تفاصيل، ولم تذكر أنه كان هجوماً ضد إسرائيل.

ومن بين الهجمات الثلاث الأخرى التي أُحبطت، كان أحدها في أوزبكستان، بينما وقع الآخران في كازاخستان. ففي 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ألقت السلطات الأوزبكية القبض على مواطنين أوزبكي وقرغيزستاني بتهمة التخطيط لمهاجمة مكاتب شركات إسرائيلية في طشقند. ورداً على هذه الاعتقالات، عززت السفارة الإسرائيلية في طشقند التدابير الأمنية وأغلقت المراكز الثقافية اليهودية في المدينة. وبعد شهر، بين 18 و20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، ألقت السلطات الكازاخستانية القبض على مجموعة من مواطني آسيا الوسطى، بما في ذلك مواطنان طاجيكيان، بتهمة التخطيط لشن هجمات ضد المراكز الثقافية اليهودية في ألماتي. ولم يتم الإبلاغ عن أي من هذه الحوادث في وسائل الإعلام الأوزبكية والكازاخستانية بسبب مخاوف هذه الدول من أن تخلق مشاعر معادية لإسرائيل على نطاق واسع.

وردت إسرائيل على هذه الحوادث بإرسال وفد أمني مشترك يتألف من مسؤولين في جهاز الأمن الداخلي (شين بيت) والموساد إلى أوزبكستان وكازاخستان وطاجيكستان في أوائل ديسمبر/ كانون الأول 2023. وكانت مهمتهم الرئيسية تقييم المخاطر التي تهدد المصالح الإسرائيلية في المنطقة. وتحتفظ إسرائيل بسفارات في كازاخستان وتركمانستان وأوزبكستان. وقد وسعت إسرائيل تدريجياً التعاون الأمني ​​والاجتماعي والثقافي والاقتصادي مع هذه الدول الثلاث منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

تنظيم داعش يدعو إلى مهاجمة أهداف إسرائيلية ويهودية

إن الافتقار إلى مصادر إعلامية متنوعة حول هذه الهجمات يمنع المحللين من التوصل إلى استنتاجات مؤكدة حول التهديدات الأمنية للمصالح الإسرائيلية في المنطقة، وخاصة في المستقبل القريب. ومع ذلك، شجعت دعاية تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان باللغة الأوزبكية على شن هجمات ضد المصالح الإسرائيلية في أوزبكستان وخارجها. في نهاية أكتوبر / تشرين الأول 2023، شاركت قناتان من أوزبكستان مؤيدتان لتنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان على تيليجرام صوراً وعناوين لمعابد يهودية في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، نشرت هذه القنوات تفاصيل الرحلات الجوية القادمة من تل أبيب إلى طشقند، داعية المسلمين إلى “منع اليهود” من الهبوط في البلاد. وهذا يذكرنا بالعديد من المظاهرات ضد الأفراد القادمين من رحلات جوية من إسرائيل والتي حدثت في شمال القوقاز في أواخر أكتوبر / تشرين الأول 2023.

وتُظهر التدابير الأمنية التي اتخذتها حكومات آسيا الوسطى أن السلطات تنظر إلى هذه التهديدات على أنها حقيقية وليست مبالغ فيها. على سبيل المثال، في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، ظهر مقطع فيديو لضباط شرطة يحرسون مقبرة يهودية في قوقند بأوزبكستان. وذكر الرجل الذي يتحدث في الفيديو أن الوضع مستقر، ولم يتم تسجيل أي هجمات حتى الآن.

من جانبها، ظلت حكومات آسيا الوسطى محايدة فيما يتصل بالصراع في غزة. ومنذ بدء الأعمال العدائية بين حماس وإسرائيل، أعربت هذه الحكومات عن قلقها إزاء تصاعد العنف ودعت الطرفين إلى حل الصراع بالوسائل الدبلوماسية. وفي الوقت نفسه، لم تشهد طشقند أي مظاهرات كبيرة مؤيدة لفلسطين من شأنها أن تؤدي إلى نشر المشاعر المعادية لإسرائيل. وحتى الآن، سارعت السلطات الأوزبكية إلى منع أي محاولات لتنظيم أي مظاهرة من هذا القبيل في طشقند من خلال تفريق الجماهير واعتقال المنظمين.

خاتمة

تستغل المنظمات الإرهابية موضوعات الظلم ومعاناة المسلمين في جهودها لتجنيدهم. وتنتشر هذه الموضوعات في تغطية الصراع الدائر في غزة، وهي قوية بما يكفي لإحداث صدى لدى المسلمين في آسيا الوسطى. ومع استهداف المصالح التجارية والمراكز الثقافية الإسرائيلية واليهودية المتعددة في المنطقة، والتدفق المستمر للدعاية الجهادية، فإن الصراع الدائر في غزة قادر على إلهام المتطرفين في المنطقة لتنفيذ المزيد من الهجمات. وبعد أن شهدت المنطقة نهاية موجة التطرف التي أشعلها ظهور تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، تواجه الآن خطر التعامل مع موجة متجددة مصدرها من غزة.

 

الرابط:

https://jamestown.org/program/will-the-israel-hamas-war-spark-new-waves-of-extremism-in-central-asia/

زر الذهاب إلى الأعلى