تقارير ودراسات

مناقشة الإسلام والإرهاب بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول: ما مدى فعاليتها؟

في العقود الأخيرة، أصبح تقاطع الإسلام والإرهاب موضوعاً رئيساً للنقاش والقلق. وقد أدى صعود الجماعات السلفية الجهادية، التي تستخدم الأيديولوجيات الدينية لتبرير العنف، إلى تعقيد هذه القضية بشكل أكبر. وقد أدت الهجمات الإرهابية الكبيرة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين – مثل هجمات 11 سبتمبر / أيلول في عام 2001، وتفجيرات مدريد في عام 2004، وتفجيرات لندن في عام 2005، وهجمات مومباي في عام 2008، وهجمات باريس في عام 2015 – إلى تكثيف هذا الارتباط. وقد أدت هجمات حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر / تشرين الأول 2023، ورد الفعل المبالغ فيه من قبل الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك اغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية، إلى تفاقم الوضع. وفي حين أن تصور الإسلام في ما يخص علاقته بالإرهاب يضر بالمجتمعات المسلمة، فإنه غالباً ما يؤدي إلى اتهامات غير عادلة بأن الإسلام يدعم الإرهاب. وقد أدت هجمات 7 أكتوبر / تشرين الأول إلى تعميق الانقسام وخلق تحديات لجهود مكافحة الإرهاب، مما سمح للجماعات الجهادية باستغلال المناخ الحالي، وجذب المزيد من المجندين المتطرفين، واكتساب القوة.

إن الإسلام ليس ديناً تمثله اليوم الجماعات الجهادية العنيفة، أو الأحزاب السياسية الإسلاموية الفاسدة، أو الأنظمة القمعية التي تسيء استخدام ما يسمى بالقوانين الإسلامية كما نرى في أفغانستان؛ فمثله كمثل الديانات الأخرى، يعارض الإسلام العنف الإرهابي. ومع ذلك، فقد ربطت الظروف السياسية منذ ثمانينيات القرن العشرين بين الإسلام والإرهاب، مما أدى إلى انتشار تصورات سلبية عن الإسلام على نطاق واسع. وتثير المناقشات الأخيرة حول فعالية مناقشة الإسلام في سياق الإرهاب، وخاصة في أعقاب هجوم حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، تساؤلات حول مدى ملاءمة وفعالية هذه الاستراتيجية. وتدرس هذه المقالة العوامل الأساسية وراء الارتباط المتكرر بين الإسلام والإرهاب وتقدم توصيات لمعالجة هذه القضية. كما توصي بإجراء بحث مفصل لاستكشاف هذه القضية في سياق بلدان ومناطق محددة.

يصنف إطار ديفيد رابوبورت [أستاذ فخري للعلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا] للموجات الأربع للإرهاب تطور الإرهاب إلى فترات مميزة، كل منها دامت حوالي أربعين عاماً. حدثت الموجة الأولى، الإرهاب الأناركي، ما بين 1880 و1920 وتميزت بأعمال العنف التي ارتكبها الأناركيون. تلا ذلك الموجة الثانية من الإرهاب المناهض للاستعمار من عام 1920 إلى عام 1960، حيث عارضت الجماعات المحلية القوى الاستعمارية. ظهرت الموجة الثالثة، المعروفة باسم الإرهاب اليساري الجديد، من عام 1960 إلى عام 1980 وشملت الجماعات اليسارية والثورية المتأثرة بالأيديولوجيات الماوية والماركسية التي تستهدف المصالح الأمريكية. تم تحديد الموجة الرابعة، التي بدأت في عام 1980، على أنها إرهاب ديني، وكان من المتوقع أن تستمر لمدة أربعين عاماً أخرى.

وعلى الرغم من استغلال الجماعات العنصرية البيضاء للمسيحية واستغلال أوم شنريكيو لمبادئ البوذية والهندوسية في الثمانينيات والتسعينيات، أصبحت الجماعات الإسلامية القوة السائدة في الموجة الرابعة من الإرهاب. فقد أدت الثورة الإيرانية عام 1979 إلى تصدير الإرهاب من قبل النظام الإيراني الجديد، في حين أدى الغزو السوفييتي لأفغانستان إلى إنشاء مقاتلين انضموا لاحقاً إلى تنظيم القاعدة. وتعدّ هذه الأحداث عوامل رئيسة في صعود الإرهاب الديني. فقد لفتت هجمات 11 سبتمبر / أيلول الانتباه العالمي إلى الجماعات الإرهابية الإسلامية، تلاها صعود تنظيم القاعدة في العراق وتحوله إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) اليوم. كما أدى الربيع العربي في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى زعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث أدت إزاحة الطغاة القدامى إلى خلق فراغات في السلطة ملأتها الجماعات الجهادية المحلية. وتنافست هذه الجماعات على التحالف مع داعش أو القاعدة في دول مثل مصر واليمن وليبيا وسوريا.

كان من المتوقع أن تنتهي الموجة الرابعة من الإرهاب وفقاً للتصنيف الذي وضعه رابوبورت في عام 2020 تقريباً، بعد فترة استمرت 40 عاماً، لكنها لم تنته بعد. تشير الأدلة إلى أن الجماعات الجهادية ستظل تشكل تهديداً كبيراً في العقود القادمة. على سبيل المثال، وفقاً لقاعدة بيانات سجلات الحوادث التابعة لمركز تحليل الإرهاب العالمي واتجاهاته، كانت الجماعات الجهادية مسؤولة عن 57.9٪ من الهجمات الإرهابية في عام 2021 و52.1٪ في عام 2022 – أكثر من 4000 حادث – وكانت مسؤولة عن أكثر من 90٪ من الوفيات المرتبطة بالإرهاب في كلا العامين. ومن بين أكبر عشر منظمات إرهابية من حيث عدد الضحايا تنظيما داعش والقاعدة وفروعهما. وتشمل هذه داعش-خراسان في أفغانستان، والدولة الإسلامية في ولاية غرب إفريقيا في نيجيريا، والدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى في منطقة الساحل، والدولة الإسلامية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، والدولة الإسلامية في موزمبيق. وتشمل الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في منطقة الساحل، وحركة الشباب في الصومال، وهيئة تحرير الشام وأحرار الشام في سوريا، وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في اليمن، وحركة طالبان باكستان.

واليوم، تختار الجماعات الإرهابية الدينية في البلدان الإسلامية أهدافها بعناية وتتصرف على نحو استراتيجي وليس عشوائياً. على سبيل المثال، تستخدم هذه الجماعات أسماء ذات دلالات إسلامية، مثل “الدولة الإسلامية”، و”الجهاد”، و”أنصار”، و”محمد”. وتُظهِر الأبحاث التي أجراها المؤلف حول أسماء هذه الجماعات أنها كثيراً ما تتبنى المصطلحات الإسلامية وتستشهد بالقرآن الكريم. وهي تشوه التعاليم الإسلامية لتبرير أفعالها، بما في ذلك تحريف الآيات لدعم العنف. فضلاً عن ذلك، غيّرت هذه الجماعات معنى “الجهاد”، الذي كان يشير في الأصل إلى “النضال” أو “الجهد” لعيش حياة إسلامية فاضلة. والآن، يُستخدم مصطلح “الجهادي” عادة لوصف الإرهابيين الذين يرتكبون أعمالاً وحشية، مثل قطع الرؤوس وحرق الناس أحياء.

هناك عدة عوامل تشكل التصور الحالي للإسلام فيما يخص علاقته بالإرهاب. أحد العوامل الرئيسة هو القضايا السياسية والاقتصادية القائمة منذ فترة طويلة في البلدان الإسلامية. بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية في أوائل القرن العشرين، فقد العالم الإسلامي نفوذه العالمي، مما أدى إلى نتيجتين رئيستين. أولاً، ترك سقوط الخلافة فراغاً في السلطة حاولت الجماعات الجهادية والزعماء السياسيين الإسلاميين الفاسدين ملءه. ثانياً، أدى هذا الفقدان للنفوذ إلى صعود الأنظمة الاستبدادية في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي غالباً ما تسعى إلى تحقيق مصالحها الخاصة. ترك القمع المستمر لبعض المجموعات خيارات قليلة للحل السلمي، مما دفع بعضهم إلى اللجوء إلى المقاومة العنيفة. تفاقمت هذه الدورة من العنف بسبب الحكم الاستبدادي طويل الأمد الذي لم يستفد منه سوى النخب الفاسدة. أدت الجهود في تونس لكسر هذه الدورة إلى تحركات مماثلة في جميع أنحاء العالم العربي. عُرفت هذه الانتفاضات باسم “الربيع العربي”، وكان يُنظر إليها في البداية على أنها فرص للتغيير الديمقراطي. ومع ذلك، تم استبدال العديد من القادة المخلوعين بحكام استبداديين جدد واصلوا ممارسات النظام القديم.

لقد خلق القمع المستمر من قبل الحكام في العالم الإسلامي إرثاً من الإرهاب. وبعد إدراك قوة استخدام الإرهاب كعلامة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر / أيلول، بدأت هذه الأنظمة في تصنيف المعارضين على أنهم إرهابيون. واليوم، غالباً ما يتم تصنيف جماعات المعارضة في هذه البلدان على أنها منظمات إرهابية. على سبيل المثال، صنفت الحكومة المصرية جماعة الإخوان المسلمين وملايين من أتباعها على أنهم إرهابيون، على غرار الطريقة التي صنفت بها الحكومة التركية أتباع حركة غولن على أنهم إرهابيون. وعلى الرغم من هذه التسميات، لا تظهر سجلات الحوادث التابعة لمركز تحليل الإرهاب العالمي واتجاهاته سوى بضع عشرات من الحوادث الإرهابية في كلا البلدين سنوياً.

هناك قضية أخرى مهمة في العالم الإسلامي تتلخص في كيفية تفسير القواعد الإسلامية في سياقها الحالي؛ ذلك أن الجماعات الإرهابية تعمل على تحريف آيات القرآن الكريم من خلال استخدام أجزاء مختارة فقط لدعم أجنداتها. على سبيل المثال، يتم تفسير الآيات المتعلقة بالحرب بشكل خاطئ لتبرير قطع الرؤوس، ويتم تحريف الآيات الموجهة إلى غير المؤمنين لتبرير الهجمات على الغربيين. وينبغي فهم هذه الآيات في سياقها الصحيح. على سبيل المثال، تشير الآيات القرآنية إلى غير المؤمنين باعتبار أولئك الذين يهدفون إلى إيذاء المسلمين. ونظراً للتحديات التعليمية الحالية في العالم الإسلامي، فإن الجماعات الإرهابية قادرة بسهولة على التأثير على الناس من خلال استغلال هذه التفسيرات الخاطئة.

إن الفجوات السياقية في العالم الإسلامي تملأها نسخة عنيفة من السلفية، حيث يقوم رجال الأعمال من بعض دول الخليج بإنشاء المساجد والمدارس الدينية لنشر هذا الشكل من السلفية في العديد من البلدان الإسلامية. على سبيل المثال، قاموا بفتح مساجد في بلدان مثل بنجلاديش وباكستان وإندونيسيا والفلبين وكوسوفو وألبانيا ودول إفريقية مختلفة، وهم يواصلون تمويل المدارس الدينية في أفغانستان وغرب باكستان. وتنتج هذه المدارس والمساجد المزيد من المتطرفين وتروج للتفسير الحرفي للقرآن. إن أفغانستان اليوم تجسد نتائج التفسيرات الصارمة للإسلام، حيث يتم تبرير قمع النظام للمرأة وانتهاكات حقوق الإنسان بما يسمى الخطاب الإسلامي. وهذا يساهم في خلق صور وتصورات سلبية عن الإسلام في العالم الغربي.

إن الحكومات الاستبدادية في العالم الإسلامي تسعى إلى توسيع نفوذها خارج حدودها واستخدام الإرهاب كأداة. وتدرج الحكومة الأمريكية إيران ضمن قائمة الدول الأربع الراعية للإرهاب. وتشارك إيران بالفعل في حروب بالوكالة وترعى مجموعة من الميليشيات في سوريا واليمن والعراق تستهدف المصالح الأمريكية. ومع ذلك، فإن إيران ليست الدولة الوحيدة في العالم الإسلامي التي ترعى الإرهاب وتمكِّنه. وتستخدم العديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تكتيكات إرهابية لقمع المعارضة ورعاية الجماعات العنيفة لتحقيق مكاسبها الخاصة. وهذا لا يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع والإضرار بسمعة الإسلام، حيث ترتكب هذه الجماعات الفظائع تحت مسميات إسلامية. ويتطلب معالجة هذه القضية بشكل فعال قطع الموارد المالية عن هذه الجماعات الإرهابية، مما يعني محاسبة الدول الداعمة. ويتعين على العالم الغربي أن يتعامل مع هذه الدول على قدم المساواة، بغض النظر عن مبيعات الأسلحة والمصالح الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وإلا فإن استراتيجيات مكافحة الإرهاب الحالية من المرجح أن تفشل. وقد توفر العمليات العسكرية راحة مؤقتة ولكنها لن توفر حلاً دائماً.

لقد أدت التعميمات والتمييز ضد المجتمعات المسلمة في أوربا إلى تأجيج كراهية الأجانب وكراهية الإسلام. والأجيال الأصغر سناً معرضة بشكل خاص لخطر التطرف من قبل الجماعات الإسلاموية على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد شارك هؤلاء الأفراد، المعروفون بالمتطرفين المحليين، في هجمات مختلفة في الدول الغربية. واستغل تنظيم القاعدة هذا من خلال تشجيع المتعاطفين على تنفيذ هجمات في بلدانهم، مدركاً أن تحقيق النصر ضد الجيوش الغربية المجهزة تجهيزاً جيداً أمر صعب. واليوم، يُنظر إلى المتطرفين المحليين على أنهم يشكلون تهديداً كبيراً، جنباً إلى جنب مع المتطرفين اليمينيين، نظراً لصعوبة تعقبهم ومنعهم.

إن بعض وسائل الإعلام في كل من العالم الإسلامي والدول الغربية تلعب دوراً حاسماً في تشكيل تصورات المجتمعات الإسلامية، وغالباً ما يكون ذلك بطرائق قد تكون ضارة. ففي العالم الإسلامي، يمكن التلاعب أحياناً بالتقارير الإعلامية لتناسب روايات معينة. على سبيل المثال، في أعقاب هجمات حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، غالباً ما تتضمن التغطية الإعلامية مشاعر معادية لأميركا ومعادية للسامية. وتستخدم بعض وسائل الإعلام الإسلامية الصمت المتصور للدول الغربية فيما يتصل بأفعال الحكومة الإسرائيلية ـ مثل قتل الآلاف من المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال ـ لتعزيز الكراهية تجاه الغرب. بالإضافة إلى ذلك، كثيراً ما يتم الإبلاغ عن حظر الحجاب في بعض الدول الغربية كدليل على العداء الغربي للإسلام. وعلى العكس من ذلك، غالباً ما تظهر بعض وسائل الإعلام الغربية تحيزاً ضد المجتمعات الإسلامية. على سبيل المثال، هناك ميل إلى وصف الأفراد المسلمين بالإرهابيين فور وقوع أي هجوم إرهابي تقريباً، حتى عندما لا تكون الحقائق واضحة بعد. ويحدث هذا التصنيف السريع بغض النظر عما إذا كان المهاجم مرتبطاً بجماعة إرهابية أو كان مدفوعاً بمظالم شخصية أو مشاكل تتعلق بالصحة العقلية. وتساهم مثل هذه التعميمات السريعة والشاملة في ترسيخ الصور النمطية السلبية عن المسلمين.

في العديد من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يواجه أتباع الإسلام المعتدل القمع من جانب الأحزاب الحاكمة ما لم يقدموا دعمهم المطلق لهذه الأحزاب. ويقوم هؤلاء الحكام بقمع أي فصائل يعتبرونها تهديداً. على سبيل المثال، غالباً ما تسعى الأحزاب الإسلاموية إلى الحصول على الدعم غير المشروط من جميع الجماعات الإسلامية، وتتوقع من هذه الجماعات أن تؤيد ممارساتها الفاسدة وانتهاكاتها لحقوق الإنسان. وتواجه الجماعات التي ترفض دعم أخطاء هذه الحكومات القمع. وقد شكل الضغط السياسي من جانب هذه الأحزاب تصوراً جديداً للإسلام، والذي يبدو أنه يتسامح مع تصرفات هذه الأنظمة. ونتيجة لهذا، تتعرض الأجيال الشابة التي تعيش في ظل مثل هذه الأنظمة بشكل متزايد لوجهة نظر مشوهة للإسلام، كما تمثلها الأحزاب الإسلاموية الفاسدة.

إن العالم لم ير بعد نموذجاً ناجحاً لدولة تجمع بين الديمقراطية والإسلام. وكثيراً ما تُعزى قضايا الاستغلال والقمع في العالم الإسلامي خطأً إلى معارضة الإسلام المزعومة للديمقراطية. والواقع أن هذه المشاكل متجذرة في عوامل تاريخية وسياسية وثقافية، وليس في الدين نفسه. على سبيل المثال، فشلت الجهود الغربية الرامية إلى تعزيز الديمقراطية في العراق وأفغانستان على الرغم من إنفاق مليارات الدولارات. والواقع أن المشاكل المستمرة المتمثلة في الفساد والصراع العرقي لا ترجع إلى الإسلام، بل إلى قضايا تاريخية وثقافية. ففي أفغانستان على سبيل المثال، لا تحظى حكومة طالبان التي يقودها البشتون بالاعتراف الشرعي من قِبَل جماعات عرقية أخرى مثل الأوزبك والطاجيك والهزارة. فضلاً عن ذلك، فإن قدراً كبيراً من المساعدات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة لأغراض التنمية أساء المسؤولون الحكوميون الأفغان استخدامها.

تجدر الإشارة إلى أن الفساد المتفشي في البلدان الإسلامية أثر بشكل كبير على استراتيجيات مكافحة الإرهاب. غالباً ما تحتل البلدان ذات الكثافة السكانية المسلمة الكبيرة، مثل سوريا وباكستان ونيجيريا ومالي والصومال وبوركينا فاسو وأفغانستان، مراتب عالية في كل من الحوادث الإرهابية والفساد. هذا الفساد واسع النطاق يقوض الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب بشكل فعال. بالإضافة إلى ذلك، تستغل الأحزاب الإسلاموية الدين باستخدام تفسيرات مشوهة للقرآن لتبرير أفعالها. إنهم يقومون بتطبيع ممارساتهم الفاسدة وإضفاء الشرعية عليها من خلال هذه التفسيرات الملتوية. يسيء القادة الذين اختلسوا الملايين من بلدانهم استخدام المبادئ الإسلامية للتلاعب بالأتباع وإخفاء سوء سلوكهم.

إن العالم الغربي ينفق مليارات الدولارات لمكافحة المنظمات الإرهابية الجهادية. ومنذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول عام 2001، كان العدد المنخفض نسبياً من الحوادث الإرهابية الكبرى في الدول الغربية يعتبر دليلاً على نجاح جهود مكافحة الإرهاب. وقد أدى هذا إلى الاعتقاد بأن الجماعات الجهادية محصورة إلى حد كبير في المناطق التي كانت نشطة فيها. ومع ذلك، وفقاً لسجلات الحوادث التابعة لمركز تحليل الإرهاب العالمي واتجاهاته، لا يزال أكثر من 20 ألف شخص يموتون كل عام في أكثر من 7000 هجوم إرهابي، وكثير منها تنفذه الجماعات الجهادية.

إن مناقشة الإرهاب في سياق الدين ليست استراتيجية مثمرة. فكثيراً ما تتشابك القضايا الاقتصادية والسياسية القائمة منذ أمد بعيد في البلدان الإسلامية مع الدين من قِبَل الأحزاب الإسلاموية التي تسيء استخدام الإسلام للتغطية على أخطائها، ومن قِبَل الجماعات الإرهابية التي تستخدمه لتبرير هجماتها الوحشية. وتتجذر أسباب الإرهاب الجهادي في عدة عوامل: انتشار نسخة متشددة من السلفية من خلال المساجد والمدارس الدينية في العديد من البلدان النامية في العالم الإسلامي؛ والشعور بالتمييز الذي يشعر به الناس تحت حكم الحكام المستبدين في البلدان الإفريقية والشرق الأوسط؛ والأزمات التعليمية والاقتصادية المستمرة.

ومن المؤسف أن الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين قد تم تأطيره في سياق ديني يمتد إلى ما هو أبعد من المنطقة. والواقع أن المناقشات التي تربط الإسلام بالإرهاب لا تخدم سوى مصالح الجماعات الإرهابية. وتستغل هذه الجماعات مثل هذه المناقشات لتصوير العالم الغربي على أنه متحيز ضد الإسلام، وهو ما يساعدها على حشد وتجنيد المزيد من الأتباع. ومن أجل مكافحة الإرهاب بفعالية، لابد أن تعالج الاستراتيجيات الأسباب الكامنة وراء الإرهاب داخل مناطق محددة، وأن تمنع الجماعات الإرهابية من استخدام الإسلام لتبرير أفعالها.

الكاتب: محمود جنكيز*

الرابط:

https://smallwarsjournal.com/jrnl/art/perspective-debating-islam-and-terrorism-after-october-7-hamas-attacks-how-effective-it

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* أستاذ مساعد وعضو هيئة تدريس في مركز مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود الوطنية والفساد وكلية شار للسياسة والحكومة في جامعة جورج ماسون. يتمتع الدكتور جنكيز بخبرة ميدانية دولية، حيث قدم المساعدة على بناء القدرات والتدريب للشركاء الدوليين في الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا. كما شارك في مشاريع بحثية لصالح معهد بروكينجز والاتحاد الأوروبي ووكالات أمريكية مختلفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى