كيف تم ترتيب العلاقات المبكرة بين حماس وإيران في الولايات المتحدة؟
على مدى الأيام القليلة الماضية، شاركت إسرائيل مجموعة متنوعة من الوثائق السرية لحماس، والتي تزعم تخليد ذكرى اجتماعات حماس مع عضو في النظام الإيراني في الأشهر التي سبقت هجوم حماس في 7 أكتوبر / تشرين الأول. تشير الوثائق إلى أن إيران كانت لديها معرفة مسبقة بخطط حماس لمهاجمة إسرائيل. لا ينبغي أن تكون الاتصالات بين حماس وإيران بشأن الهجوم على إسرائيل مفاجئة، حيث عزز الطرفان تحالفهما منذ أكثر من ثلاثين عاماً.
إن ما قد لا يدركه الكثيرون هو أن الاجتماعات الأولى لحماس مع إيران كانت بقيادة رجل بدأ صعوده داخل حماس على الأراضي الأمريكية. فقد قاد موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي الحالي لحماس، الاجتماعات الأولى لحماس مع النظام الإيراني، عندما كان طالباً في جامعة لويزيانا للتكنولوجيا في روستون، لويزيانا. وفي الوقت نفسه، كان أبو مرزوق مشغولاً بإنشاء البنية التحتية لحماس في الولايات المتحدة والإشراف عليها، والتي تضمنت مؤسسة الأرض المقدسة، والجمعية الإسلامية لفلسطين، والجمعية المتحدة للدراسات والبحوث. تزامن صعود أبو مرزوق إلى السلطة في حماس مع الانتفاضة الأولى (1987-1993). في ذلك الوقت، ركزت حماس قدراً كبيراً من طاقتها على تجاوز منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الحزب الرسمي الذي يمثل الشعب الفلسطيني، كما عملت على إلحاق الهزيمة باتفاقيات السلام المحتملة مع إسرائيل. وكان أبو مرزوق استراتيجياً بارعاً، وقد أدرك حاجة الحركة إلى استخدام موارده في الولايات المتحدة، جنباً إلى جنب مع حلفاء مثل إيران، لتحقيق أهدافها المتمثلة في القضاء على إسرائيل.
وقد كشفت وثيقة مخفية عُثر عليها أثناء عملية تفتيش سرية قام بها مكتب التحقيقات الفيدرالي في عام 1994 في أحد المساكن بولاية ميسيسيبي عن أول سلسلة من الاجتماعات بين أبي مرزوق والنظام الإيراني، حيث سعى أبو مرزوق إلى الحصول على الدعم المالي والإعلامي والعسكري من إيران. وعلى الرغم من أن الوثيقة قُدِّمَت في المحاكمة الفيدرالية التي أقيمت عام 2008 ضد مؤسسة الأرض المقدسة بسبب دعمها لحماس، فإن محتويات الوثيقة وأهميتها لم يتم تحليلها بعد في سياق الأحداث الجارية.
تفصيلاً، تناولت الوثيقة اللقاء الأول بين حماس، ممثلة بأبو مرزوق، ومدير الحركات الدينية في وزارة الخارجية الإيرانية علي محمدي، والذي جرى في 30 سبتمبر/ أيلول 1990. في ذلك اللقاء، سعت حماس إلى شرح أهدافها لإيران وتحديد ما تريده إيران من العلاقة.
أثناء إقامته في الولايات المتحدة للإشراف على البنية التحتية لحماس هناك، قاد أبو مرزوق وفداً آخر إلى طهران من 13 إلى 25 أكتوبر / تشرين الأول 1991، حيث التقى هو وقادة آخرون من حماس بمدير قسم الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الإيرانية، وكان هذا أول “اجتماع رسمي مع الحكومة الإيرانية”. في هذا الاجتماع، وافق وزير الخارجية على السماح لحماس بفتح مكتب في طهران. خلال هذه السلسلة من الاجتماعات، التقت حماس أيضاً بمسؤولين من حزب الله والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجهاد الإسلامي الفلسطيني، وكلها متحالفة الآن مع إيران في “محور المقاومة” ضد إسرائيل والولايات المتحدة.
كما تحدثت الوثيقة عن سلسلة من الاجتماعات التي عقدت بين حماس وإيران في عام 1992، والتي أدت إلى التزام إيران بدعم حماس مالياً. وفي الوثيقة، اعترفت حماس بأهمية علاقتها بإيران؛ لأن إيران تمتلك “موارد مادية وبشرية هائلة”. وأشارت حماس إلى أن إيران كانت لتستفيد من علاقتها مع الحركة في سعيها إلى “كسر العزلة الإقليمية والدولية التي فرضت عليها بسبب الحرب العراقية الإيرانية”، وأشارت أيضاً إلى أن إيران عارضت القوة الأمريكية في المنطقة وسعت إلى “احتوائها”.
وفي الوقت الذي كان يؤكد التزام إيران بدعم حماس مالياً، كان أبو مرزوق يعمل من خلال بنيته التحتية الموجودة في الولايات المتحدة على وضع حماس في مرتبة أعلى من منظمة التحرير الفلسطينية، وتحديداً حزب ياسر عرفات، فتح، في غزة والضفة الغربية.
في صيف عام 1992، أرسلت حماس رسائل إلى أبو مرزوق تطلب منه المال لشراء الأسلحة، والذي قام أبو مرزوق بعد ذلك بتحويله عبر مؤسسته الخيرية، مؤسسة الأرض المقدسة، إلى منظمة خيرية مقرها غزة تسمى جمعية الإغاثة الإسلامية. ولكن تلك الأسلحة لم تكن لمحاربة إسرائيل، بل أرادوا الحصول عليها حتى يتمكنوا من “مواجهة الخونة من فتح”.
وفي غضون أشهر قليلة، تم توقيع اتفاقيات أوسلو بين إسرائيل وياسر عرفات نيابة عن الشعب الفلسطيني. وقد مهدت الاتفاقيات للسلام المحتمل في المنطقة وللحكم الذاتي الفلسطيني في غزة والضفة الغربية. واحتفل العديد من الفلسطينيين بالاتفاق، حيث كان هناك أمل في مستقبل أفضل. لكن حماس، بقيادة أبو مرزوق، لم تحتفل. لقد تعهدوا بإفشال الاتفاقيات، وتقويض عرفات، وهزيمة الحكم الذاتي الفلسطيني. وقفت إيران وراء حماس، وهكذا بدأت سنوات من التفجيرات الانتحارية التي نفذتها الحركة في إسرائيل، والتي أدت في نهاية المطاف إلى اندلاع انتفاضة ثانية، تلاها سيطرة حماس على غزة، لينتهي الأمر بالهجوم الذي نفذته حماس في 7 أكتوبر / تشرين الأول 2023.
لقد أدركت حماس وإيران دوماً قوة تحالفهما، حيث استغل كل منهما الآخر بطرق مختلفة. وقد استفادا من قدرتهما المشتركة على بث الفتنة في الشرق الأوسط، وتعطيل محاولات السلام، وتخريب أيّ إمكانية للتسوية، في حين سعيا معاً إلى تحقيق الهدف النهائي المتمثل في القضاء على إسرائيل وإنهاء ما يعتبرانه نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة.
الكاتب: لورينزو فيدينو، لارا بيرنز
الرابط:
https://extremism.gwu.edu/how-hamas-early-ties-iran-were-brokered-us