عميل استخبارات تركي يعترف بتهريب الأسلحة للجهاديين في سوريا ويكشف عن علاقاته بهيئة تحرير الشام

في الثاني من يناير/ كانون الثاني، زعم ضابط عسكري سابق وعميل استخبارات تركي أدين بتهريب الأسلحة إلى جماعات جهادية في سوريا أمام المحكمة أنه كان على علاقة وثيقة مع زعيم هيئة تحرير الشام في سوريا، وهي جماعة مسلحة تطورت من فرع سابق للقاعدة في سوريا وأطاحت بالرئيس بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024.
وقال نوري جوكهان بوزكير في دفاعه عن نفسه، بحسب ما نقلت وسائل إعلام تركية: “كنت صديقاً لأحمد الشرع السوري المعروف أيضاً باسم الجولاني. والآن الجولاني في السلطة، وأنا من يقضي عقوبة بسبب بيع الأسلحة لهم”.
كان بوزكير قد أُفرج عنه في وقت سابق في محاكمة تابعها الرأي العام التركي تتعلق بقتل الأكاديمي نجيب هابلميت أوغلو في عام 2002، ثم حُكم عليه لاحقاً بالسجن لأكثر من 21 عاماً بتهمة تهريب الأسلحة والمتفجرات في هيئة شحنات بصل إلى سوريا. وعلى الرغم من عقوبته الطويلة، فقد أُطلق سراحه بشكل مفاجئ تحت المراقبة، ولكن أعيد اعتقاله بتهمة انتهاك تدابير الرقابة القضائية.
وفي الجلسة الأخيرة، أعرب عن إحباطه مما وصفه بالخيانة من قبل الدولة، قائلا: “العمل الذي قمت به من أجل مصلحة بلدي تحول إلى قضية قانونية ضدي”.
وكان موقع “نورديك مونيتور” قد جمع في وقت سابق تقارير تفصيلية عن تصريحات بوزكير أمام المحكمة وملامح خلفيته المعقدة، وسلط الضوء على دوره في العديد من العمليات السرية والمعاملات الغامضة. بوزكير هو ضابط عسكري تركي سابق ومهرب أسلحة، اتسمت قصته بمزاعم عن عمليات سرية وأعمال تسليم غير قانونية وعلاقات مثيرة للجدل مع المخابرات التركية والأوكرانية.
ولد بوزكير في حياة دارت في البداية حول الانضباط العسكري، لكن مساره تغير بشكل جذري بعد طرده من القوات المسلحة التركية. بعد اتهامه بالاتجار غير المشروع في الأسلحة، تورط في جرائم دولية، وخاصة فيما يتعلق بالصراع السوري وعالم العمليات الاستخباراتية السرية.
في عام 2015، فر بوزكير من تركيا في خضم تحقيق جنائي حول دوره في توريد الأسلحة إلى الجماعات الجهادية في سوريا بالتنسيق مع جهاز الاستخبارات التركي. وكان رحيله إلى أوكرانيا بمثابة بداية لقصة طويلة تنطوي على معارك قانونية واتهامات سياسية ومزاعم بالإساءة. وعلى الرغم من عيشه في أوكرانيا في أمان نسبي، استمرت السلطات التركية في ملاحقته. وجاءت نقطة التحول في يناير/ كانون الثاني 2022، عندما سلم عملاء الاستخبارات الأوكرانية بوزكير إلى المخابرات التركية في عملية سرية. وقد سلطت طريقة نقله – التي ورد أنها كانت في نعش على متن طائرة أوكرانية – الضوء على الطبيعة السرية وغير القضائية للعملية.
بعد وصوله إلى تركيا، زعم بوزكير أنه تعرض للتعذيب لمدة 25 يوماً في موقع أسود تديره المخابرات التركية بالقرب من مطار إيسنبوغا في أنقرة. ووصف احتجازه في صندوق صغير وضربه وإجباره على تحمل ظروف مسيئة جسدياً ونفسياً. وزعم أن خاطفيه حقنوه بمواد غير معروفة، مما جعله غائباً عن الوعي لأيام. ورفضت السلطات التركية ادعاءاته بالتعذيب، وقدمت احتجازه على أنه عملية قانونية. وعلى الرغم من مناشداته بإجراء تحقيق في سوء المعاملة المزعوم، بدا أن النظام القضائي يحمي وكالة الاستخبارات من التدقيق، حيث ورد أن القاضي الذي يرأس المحكمة متحالف مع الأجندة السياسية للحكومة.
ويرتبط اسم بوزكير أيضاً بواحدة من أكثر جرائم القتل التي لم تُحل شهرة في تركيا: اغتيال الأكاديمي نجيب هابلميت أوغلو عام 2002. واتهم المدعون الأتراك بوزكير بالتورط في عملية القتل، زاعمين أن العملية نفذتها وحدة عسكرية كان ينتمي إليها. ومع ذلك، يصر بوزكير على أنه كان كبش فداء من قبل إدارة الرئيس رجب طيب أردوغان كجزء من استراتيجية أوسع للقضاء على المعارضين السياسيين.
كذلك ساعد بوزكير حكومة أردوغان في حملة مطاردة شرسة شنتها ضد أعضاء حركة غولن، وهي جماعة معارضة لأردوغان وتنتقد نظامه بسبب الفساد المستشري ومساعدة تركيا للجماعات الجهادية المسلحة. وقال إنه أبلغ السلطات التركية عن أعضاء في القوات المسلحة التركية زعم أنهم مرتبطون بالحركة حتى يمكن تطهير الجيش منهم.
وقد أضافت حياته الشخصية في أوكرانيا، حيث عاش مع زوجته الأوكرانية وأقام شبكة من المصالح التجارية، طبقة أخرى من التعقيد إلى قصته. فقد زعم أن له علاقات بمسؤولين أوكرانيين رفيعي المستوى، بما في ذلك الرؤساء السابقون والحاليون، بل وعرض حتى مساعدة الاستخبارات التركية على تعقب المنشقين في أوكرانيا.
وفي جلسات المحكمة السابقة، اعترف بوزكير أيضاً بالعمل كمقاول من الباطن لشركات لديها عقود مع مؤسسة المشتريات الدفاعية العليا في تركيا، وهي وكالة صناعة الدفاع:
“في عام 2018، أثناء عملية عفرين، كان هناك حظر سري على تركيا، مما جعل من الصعب الحصول على الذخيرة الضرورية للمعارك. لم يكن الجيش السوري الحر يتلقى الإمدادات. كان لدي مخزونات في مستودعاتي في أوكرانيا وكنت أقوم بتوريدها. عملت كمقاول من الباطن لشركات متعاقدة مع وكالة صناعة الدفاع التركية”.
المصدر: موقع “نورديك مونيتور”
