المؤسسات والمنظمات

شبكة حقاني

شبكة حقاني هي جماعة إسلامية متشددة تنشط في أفغانستان وباكستان، وتعد فرعاً من حركة طالبان الأفغانية، ولكنها تعمل بشكل مستقل عن الحركة ولها هيكلها القيادي الخاص. أنشأها جلال الدين حقاني الذي برز اسمه في عقد الثمانينيات من القرن الماضي، وحصل على دعم من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لقتال القوات السوفيتية إبان احتلالها لأفغانستان، وهي من أكثر الجماعات الجهادية خطورة في الشريط القبلي لباكستان وأفغانستان. بعد الانسحاب السوفييتي من أفغانستان عام 1989، شكل جلال الدين حقاني تحالفاً مع طالبان ودعم تنظيم القاعدة. وعندما سيطرت طالبان بالعنف على أفغانستان عام 1996، عينت الحركة حقاني وزيراً لشؤون القبائل. ومنذ ذلك الحين، تم تصنيف شبكة حقاني ضمن حركة طالبان الأكبر. وفي ديسمبر / كانون الأول 2018، رافق ثلاثة ممثلين عن الشبكة وفد طالبان إلى محادثات السلام التي ترعاها باكستان بين طالبان والولايات المتحدة، والتي عقدت في الإمارات العربية المتحدة.

منذ الإطاحة بنظام طالبان عام 2001، كانت شبكة حقاني بمثابة ذراع فتاكة ومتطورة للتمرد الأفغاني ضد الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية في كابول. وتقع قاعدة عمليات شبكة حقاني بالقرب من ميرامشاه، في شمال وزيرستان، وهي جزء من المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الفيدرالية في باكستان. وعلى الرغم من أنها تعاونت مع تنظيم القاعدة بل وأشادت به، فإن تركيز شبكة حقاني محلي / إقليمي وليس عالمياً مثل القاعدة.

تلقى جلال الدين حقاني ومقاتلوه الإسلاميون مساعدة عسكرية كبيرة من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية خلال الحرب ضد السوفييت، كما قدمت وكالة الاستخبارات الباكستانية دعماً واسع النطاق، بما في ذلك الملاذ الآمن والوصول إلى الأسلحة، لشبكة حقاني، مما مكن المجموعة من التوسع. ومع ذلك، ألحقت الحكومة الأفغانية وقوات التحالف أضراراً كبيرة بالشبكة في السنوات الأخيرة، ما أدى إلى انخفاض حجم قوتها الإجمالي.

ومنذ مرض جلال الدين حقاني، أصبح ابنه سراج الدين المدير التنفيذي للشبكة، مما عزز تعاونها مع تنظيم القاعدة والجماعات الإسلامية العنيفة الأخرى في المنطقة. وكانت حركة طالبان قد أعلنت وفاة جلال الدين حقاني في سبتمبر / أيلول 2018، لكن المراقبين لم يتوقعوا أن يكون لمقتل حقاني تأثير على عمليات الشبكة. ويعتبر مجتمع الاستخبارات الأمريكي شبكة حقاني قوة التمرد الرائدة في جنوب آسيا، ولها علاقات وثيقة مع الجماعات الجهادية العربية والمخابرات الباكستانية أكثر من أي فصيل آخر. وفي عام 2011، وصف الأدميرال مايك مولن، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية آنذاك، شبكة حقاني بأنها “الذراع الحقيقية” لأجهزة الاستخبارات الباكستانية.

تتمركز شبكة حقاني في المقام الأول في شمال وزيرستان بباكستان، وتنفذ عملياتها عبر الحدود في شرق أفغانستان وكابول. وتتكون المجموعة في المقام الأول من أفراد قبيلة زادران. تعتبر حقاني الجماعة المتمردة الأكثر فتكاً وتطوراً التي تستهدف القوات الأمريكية وقوات التحالف والقوات الأفغانية في أفغانستان. وعادة ما يقوم مقاتلوها بهجمات منسقة بالأسلحة الصغيرة مقترنة بهجمات صاروخية وعبوات ناسفة وهجمات انتحارية وهجمات باستخدام مركبات مفخخة. إلى جانب القاعدة، تتمتع شبكة حقاني بعلاقات وثيقة مع جماعة جيش محمد المناهضة للهند وجماعة لشكر طيبة. بعد سقوط كابول عام 2021، كُلفت المجموعة من قبل طالبان بمسؤولية الحفاظ على الأمن الداخلي في أفغانستان. وصفت صحيفة وول ستريت جورنال المجموعة بأنها “أكثر فروع طالبان تطرفاً وعنفاً”.

وتسعى شبكة حقاني إلى إقامة دولة إسلامية في باكستان وأفغانستان وبناء الخلافة بموجب الشريعة الإسلامية. ومثل حركة طالبان، تؤيد شبكة حقاني تفسيراً متشدداً ومتطرفاً للإسلام، وتفترض أن المسلمين يجب أن يطمحوا إلى العيش وفقاً لأفعال السلف: الجيل الأول من المسلمين بعد النبي محمد.

اكتسبت شبكة حقاني زخماً خلال الاحتلال السوفييتي لأفغانستان ولعبت دوراً مركزياً في حركة المجاهدين الأفغان. ومثل حركة طالبان، فإن أعضاء الشبكة يعتنقون تفسيراً متشدداً للإسلام السني المعروف باسم الديوبندية. كانت هذه المدرسة الفكرية فرعاً من الإسلام الحنفي الذي تطور في أواخر القرن التاسع عشر في المدارس الدينية في شبه القارة الهندية. ما يميز الديوبنديين هو عادتهم في تلقين الشباب العقيدة الإسلامية، حيث سعوا إلى غرس احترام شديد للتقوى في نفوس الطلاب. لقد نتج عن هذه التعليمات الصارمة مسلمون أتقياء كانوا قادرين على الالتزام قدر الإمكان بالتجربة الحياتية للنبي محمد والجيل الأول من المسلمين. إلى جانب رؤية دينية متطرفة قائمة على تمييز صارخ في العلاقة بين غير المسلمين (= الكفار) والأمة الإسلامية (= مجتمع المؤمنين).

بعد الاستيلاء على السلطة في كابول عام 1996، أعلنت حركة طالبان أهدافها في فرض النظام وتطبيق الشريعة. وللدفاع عن الطابع الإسلامي الخاص “لإمارة أفغانستان”، حظرت حركة طالبان معظم الأحداث الرياضية وأشكال الترفيه، من الشعر والموسيقى إلى الطائرات الورقية، وأغلقوا مدارس البنات فقط، ولم يُسمح للنساء بالتواجد في الأماكن العامة إلا تحت إشراف صارم من الذكور. وحتى عندما كانت النساء في المنزل، كانت النوافذ تُطلى باللون الأسود لمنع المارة من رؤية النساء في بيوتهن الخاصة.

في عام 2008، صرح جلال الدين حقاني أن “جميع المجاهدين يخوضون حروبهم تحت قيادة [زعيم طالبان الملا محمد عمر] ضد الغزاة الأمريكيين وأتباعهم”. وفي سبتمبر/ أيلول 2012، أعلن نجله سراج الدين: “نحن إحدى جبهات الإمارة الإسلامية… ونحن فخورون بعهدنا لأميرها [الملا عمر] وننفذ أوامرها وجميع أنظمتها… ونحن على طاعة كاملة لأمير المؤمنين الملا محمد عمر”. كما أصدرت طالبان بياناً على موقعها على الإنترنت جاء فيه أنه “لا يوجد كيان أو شبكة منفصلة في أفغانستان باسم حقاني، وأن جلال الدين حقاني عضو في مجلس قيادة الإمارة الإسلامية وهو صديق مقرب ومخلص وموثوق به للملا عمر”. وفي غشت / آب 2015، عينت طالبان سراج الدين نائباً لزعيم طالبان الجديد الملا أختر محمد منصور، مما أدى إلى دمج شبكة حقاني في طالبان بشكل كامل.

ولم تغير أي أحداث منذ ذلك الحين تعهد شبكة حقاني بالولاء لطالبان. مع صعود تنظيم داعش، على سبيل المثال، أصبحت شبكة حقاني متوافقة مع حلفائها من طالبان والقاعدة في مواجهة التنظيم. نصحت حركة طالبان داعش بـ “تجنب التطرف” الذي يهدد بتقسيم الحركة الإسلامية الجهادية في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وعلى الرغم من هذه التحذيرات، فقد انضم المئات من أعضاء طالبان إلى فرع داعش في باكستان، وتشير بعض الأدلة إلى أن صفوف داعش آخذة في النمو في جميع أنحاء منطقة الهندوكوش.

تنظيمياً، تعتمد قيادة شبكة حقاني إلى حد كبير على العشائرية والتسلسل الهرمي. وتقع قيادتها بالقرب من ميرامشاه، في شمال وزيرستان، وهي جزء من المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الفيدرالية في باكستان. وعلى الرغم من أن الشبكة مسؤولة عن بعض من أبشع أعمال العنف في أفغانستان وباكستان في السنوات الأخيرة، فإن الاستخبارات الباكستانية وصفتها بأنها “شريك محتمل في السلام”.

وتتكون قيادة شبكة حقاني من الأبناء الثلاثة الكبار لمؤسسها، حيث يتزعمها اليوم سراج الدين حقاني، الذي يتولى أيضاً منصب وزير الداخلية في حركة طالبان، والذي تصفه القوات الأمريكية في أفغانستان بأنه “أحد أخطر أعدائها”، ورصدت واشنطن جائزة قيمتها عشرة ملايين دولار لاعتقاله. ومنهم أيضاً ناصر الدين حقاني الذي تعتقد الأمم المتحدة أنه يجيد التحدث بالعربية.

يضم الهيكل التنظيمي لشبكة حقاني أجنحة عسكرية وسياسية ويتكون من أفراد من عائلة حقاني إلى جانب القادة المخضرمين الذين تثق بهم العائلة. اعتباراً من عام 2015، يقود سراج الدين حقاني مجلس شورى الشبكة وهو مسؤول الاتصال الرئيس مع حركة طالبان الباكستانية وتنظيم القاعدة. ووفقاً لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، لعبت شبكة حقاني دوراً حاسماً في بناء وصيانة البنية التحتية للتمرد على جانبي الحدود الأفغانية الباكستانية، وهي تعمل كقناة بين طالبان الأفغانية والمخابرات الباكستانية، إلى جانب تنظيم القاعدة والجماعات المتمردة الأخرى في المنطقة.

وتم تمويل شبكة حقاني منذ فترة طويلة من قبل حلفائها المحليين، بدءاً من المخابرات الباكستانية إلى حركة طالبان وتنظيم القاعدة. وتتلقى المجموعة أيضاً تمويلاً من مانحين أثرياء في جميع أنحاء العالم العربي، وخاصة في دول الخليج. وقد افتتح مؤسس الشبكة جلال الدين حقاني مكاتب لجمع التبرعات في العديد من دول الخليج. وقد سافر أبناء جلال الدين شخصياً للقاء هؤلاء المانحين في عدة مناسبات.

وتشارك المجموعة أيضاً في عدد من الأنشطة الإجرامية في أفغانستان وباكستان، بما في ذلك الابتزاز والاختطاف للحصول على فدية والتهريب. كما أنها تدير مؤسسات تجارية مشروعة، خاصة تلك المرتبطة بالنخبة العسكرية والاستخباراتية الباكستانية.

وتدير شبكة حقاني سلسلة معقدة من المدارس الدينية في شمال وزيرستان، والتي تعتمد عليها في تجنيد أعضائها. كما تستخدم الشبكة المدارس الدينية الوهابية التي تمولها السعودية للعثور على مجندين جدد. ويمكن العثور على هذه المدارس على جانبي خط ديورانت، وهي تمثل أرض التجنيد الأساسية لطالبان أيضاً.

ودرس العديد من قادة شبكة حقاني وطالبان، بما في ذلك سراج الدين حقاني، في مدرسة رجل الدين الباكستاني مولانا سامي الحق المرخصة رسمياً في باكستان. وقُتل سامي حق، المعروف باسم “أبو طالبان”، في هجوم بسكين في منزله في باكستان في 2 نوفمبر / تشرين الثاني 2018.

وتقوم شبكة حقاني بتدريب مقاتليها في معسكرات خاصة على جانبي الحدود الأفغانية الباكستانية. ووفقاً للاستخبارات الأمريكية، على سبيل المثال، تم تسجيل شريط فيديو تدريبي عام 2011 نشرته شبكة حقاني في وزيرستان الشمالية التي تسيطر عليها القبائل في باكستان. يُظهر هذا الفيديو مجندي الشبكة المسجلين في نوع من الدورات التدريبية الأساسية المليئة بالكمائن الوهمية وغيرها من ظروف القتال الأخرى، إلى جانب التدريب على الأسلحة والمتفجرات.

وفي عام 2011 أيضاً، أصدرت شبكة حقاني دليلاً ميدانياً لأساليب التدريب والتكتيكات التي تستخدمها. يقع الدليل الميداني في 144 صفحة، وتم نشره تحت إشراف خليفة سراج الدين حقاني، قائد العمليات في الشبكة. وهو يعرض بالتفصيل طرائق الحصول على التمويل، ويوجه القراء لتجنيد وتدريب أعضاء جدد. كما يوثق أساليب الكمائن والمتفجرات والتعليمات الخاصة بالمهام الانتحارية. علاوة على ذلك، يتضمن فقرات خاصة بالدعاية الدينية والثناء على تنظيم القاعدة.

وتعد شبكة حقاني مسؤولة عن بعض أبرز الهجمات في الحرب الأفغانية الأخيرة، بما في ذلك هجوم يونيو / حزيران 2011 على فندق إنتركونتيننتال في كابول، والذي تم تنفيذه بالاشتراك مع حركة طالبان، وتفجيران انتحاريان كبيران في عامي 2008 و 2009 ضد السفارة الهندية في كابول. في سبتمبر / أيلول 2011، شاركت شبكة حقاني في هجوم استمر يوماً واحدًا ضد أهداف رئيسة في كابول، بما في ذلك السفارة الأمريكية، ومقر قوة المساعدة الأمنية الدولية (إيساف)، والقصر الرئاسي الأفغاني، ومقر المديرية الوطنية الأفغانية للأمن. وفي أكتوبر / تشرين الأول 2013، اعترضت قوات الأمن الأفغانية شاحنة مفخخة نشرتها شبكة حقاني ضد قاعدة العمليات المتقدمة غود في مقاطعة باكتيا. وكانت العبوة التي لم تنفجر تحتوي على حوالي 61500 رطل من المتفجرات.

في مايو/ أيار 2011، صنفت حكومة الولايات المتحدة شبكة حقاني كمنظمة إرهابية أجنبية بسبب تورطها في التمرد الأفغاني، وهجماتها على العسكريين والموظفين المدنيين الأمريكيين والمصالح الغربية في أفغانستان، وبسبب علاقاتها بطالبان والقاعدة.

في غشت / آب 2022، كشف المدير السابق لوكالة التجسس الأفغانية، رحمة نبيل، أن العديد من قادة طالبان من شبكة حقاني غادروا كابول إلى مخابئ في جنوب غرب أفغانستان، بعد مقتل زعم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري قبلها بأيام بضربة أمريكية.

وأوضح رحمة في تصريحات لشبكة راديو “صوت أمريكا” أن وزير الداخلية الأفغاني، سراج الدين حقاني، شوهد آخر مرة في تغريدات نشرتها وزارة الداخلية مطلع غشت / آب، أثناء لقائه بمجموعة من سكان مناطق ريفية في ولاية بكتيا.

وأكد أن “حقاني ذهب إلى بكتيا، واختفى هو ومساعدوه المقربون”، ولم يعد أحد يشاهدهم في مبنى الوزارة أو في أي مكان عام في أفغانستان.

زر الذهاب إلى الأعلى