حكومة أردوغان تستمر في تقديم معلومات متضاربة عن أعضاء داعش في السجون التركية
تستمر الحكومة التركية في تقديم أرقام متضاربة بشأن أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) المعتقلين في السجون التركية. ومؤخراً، قدم وزير الداخلية علي يرلي كايا تحديثاً للجنة حقوق الإنسان البرلمانية في 24 يوليو/ تموز 2024، كاشفاً أنه منذ تولّيه منصبه في 3 يونيو/ حزيران 2023، أدت العمليات إلى اعتقال 945 عضواً من داعش.
لكن في بيان أصدره في 24 مارس/ آذار، أفاد يرلي كايا أنه منذ أدائه اليمين في 3 يونيو/ حزيران 2023، تم تنفيذ 1316 عملية أمنية استهدفت داعش، مما أدى إلى القبض على 2733 مشتبهاً به. وقال يرلي كايا إن 692 من بين المعتقلين تم سجنهم، بينما تم الإفراج عن 529 تحت الإشراف القضائي.
وبناء على هذه المعلومات، يمكن افتراض أن 253 من أعضاء داعش كان من المفترض أن يتم اعتقالهم خلال فترة الأشهر الأربعة من مارس/ آذار حتى الآن. ومع ذلك، تشير البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية إلى أن عدد الأفراد الذين تم اعتقالهم في العمليات بعد هذا التاريخ أقل بكثير من هذا الرقم. بالإضافة إلى ذلك، فإن عدداً قليلاً جداً من المعتقلين يتم حبسهم بالفعل.
وعلى الرغم من حرص السلطات على الإعلان عن عدد عناصر داعش الموقوفين، فإنها لا تحرص على الكشف عن عدد المحبوسين بعد محاكمتهم. ولا يُعرف عدد الإرهابيين من داعش الذين تم إطلاق سراحهم بالفعل من مراكز الاحتجاز والسجون؛ لأن الحكومة لم تعلن عن هذا الرقم مطلقاً. ومع ذلك، تشير التقديرات إلى أن الآلاف من عناصر داعش تم إطلاق سراحهم بعد الاعتقال، استناداً إلى إحصاءات قدمها مسؤولون حكوميون في أوقات مختلفة.
لقد فشل نظام العدالة الجنائية في تركيا، الخاضع لسيطرة صارمة من الحكومة الإسلاموية، بشكل منهجي في سجن مقاتلي داعش. وقد نشر موقع “نورديك مونيتور” المتخصص في الشؤون التركية تقارير متعددة تستند إلى وثائق سرية وروايات المبلغين عن المخالفات التي تُظهر كيف عملت المخابرات التركية بشكل وثيق مع مقاتلي داعش والقاعدة للترويج للأجندة السياسية لحكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، بالإضافة إلى وثيقة استخباراتية سرية من المديرية العامة للأمن في تركيا تؤكد إطلاق سراح مقاتلي داعش من السجون التركية بعد فترات قصيرة من الاحتجاز قبل المحاكمة.
وتهدف الحكومة إلى إظهار موقف قوي ضد داعش من خلال إبقاء عدد المحتجزين مرتفعاً، ولكن بعد ذلك أصبح من الواضح أن عدداً قليلاً جدّاً من هؤلاء الأفراد مرتبطون بالفعل بالمنظمة الإرهابية.
بالإضافة إلى ذلك، نادراً ما يكشف المسؤولون في تصريحاتهم عما إذا كان الأفراد المحتجزون لا يزالون في السجن أو تم إطلاق سراحهم بعد فترة وجيزة من اعتقالهم.
تجدر الإشارة إلى أن وزارة الداخلية، التي كانت تنشر شهرياً في عام 2018 عدد الأشخاص المعتقلين في عمليات مكافحة الإرهاب على موقعها الإلكتروني، توقفت عن مشاركة هذه المعلومات اعتباراً من 1 يناير / كانون الثاني 2019 لأسباب غير معروفة. بالإضافة إلى ذلك، لم يتم تحديث المعلومات حول عدد الأجانب بين المعتقلين والموقوفين في السجون التركية منذ ذلك الحين.
كما أن إطلاق سراح أعضاء داعش في تركيا يشكل مصدر قلق عالمي. فقد كشف وزير الداخلية السابق سليمان صويلو في فبراير/ شباط 2023 أن الحكومة أعادت 1126 من مقاتلي داعش من أصل أوروبي إلى أوربا خلال السنوات الخمس الماضية. وقد مر العديد من أعضاء داعش الذين شاركوا في أنشطة إرهابية في أوروبا بطريقة ما عبر تركيا أو عاشوا هناك لبعض الوقت.
وفي النهاية، سمحت تركيا للمقاتلين الإرهابيين الأجانب بالسفر إلى البلدان التي يختارونها أو إلى البلدان التي يحملون جنسيتها أو يقيمون فيها بدلاً من محاكمتهم ومحاسبتهم على جرائمهم الماضية.
وبموجب سياسة وافق عليها الرئيس أردوغان في عام 2018، تم تكليف هيئة إدارة الهجرة، وهي جزء من وزارة الداخلية، بترحيل المقاتلين الإرهابيين الأجانب من الأراضي التركية، إما بموافقتهم أو بالقوة.
وقد سهلت هذه السياسة، التي لا تزال سارية حتى اليوم، انتقال آلاف المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى خارج تركيا، وخاصة إلى سوريا والعراق. وقد سمح لهم هذا بالانضمام إلى نظرائهم الجهاديين في الجماعات الإرهابية مثل القاعدة وداعش، إلى جانب الجماعات التابعة لهما والمنشقة عنهما.
وعلى الرغم من أن الحكومة لم تعلن صراحة عن تفاصيل السياسة المتعلقة بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب، فقد ظهرت مجموعة متزايدة من الأدلة على مر السنين توضح كيف تطبق إدارة أردوغان هذه السياسة.
يتم تنفيذ هذه السياسة بمجرد تصنيف السلطات التركية لشخص ما بصفته مقاتلاً إرهابياً أجنبياً؛ وذلك بناءً على تقارير استخباراتية سرية. وإذا لم يرتكب الشخص أي جرائم في تركيا أو لم يواجه أي عقوبات إدارية أو مالية أو قضائية معلقة، يتم وضعه في مراكز الإعادة أو الإبعاد التي يديرها موظفون مدنيون في وكالة الهجرة.
وفي الوقت نفسه، لا تزال تركيا دولة يهرب إليها الأفراد الذين نفذوا أنشطة إرهابية في الخارج. على سبيل المثال، أعلنت السلطات التركية أن يفجيني سيريبرياكوف، الذي دبر تفجير سيارة مفخخة في شمال موسكو في 24 يوليو / تموز الماضي، تم القبض عليه في بودروم. وقالت السلطات التركية إنه في الساعة 10:30 صباحاً، أبلغها مسؤولون روس من الإنتربول أن سيريبرياكوف وصل إلى تركيا على متن رحلة من موسكو إلى بودروم. كما أفاد المسؤولون الروس أن التفجير الذي دبره سيريبرياكوف أدى إلى إصابة شخصين. وتم التعرف على سيريبرياكوف عند دخوله مطار بودروم في الساعة 9:40 صباحاً، لكن لم يتم إيقافه على الفور لأنه لم يكن مدرجاً في قاعدة بيانات الإنتربول الدولية للأشخاص المطلوبين أو قواعد البيانات الوطنية.
إن إحدى سياسات حكومة الرئيس أردوغان هي تنفيذ عمليات واسعة النطاق ضد الجماعات الإرهابية بما في ذلك داعش والمنظمات الجهادية الأخرى كلما ظهرت ادعاءات بالإهمال أو الارتباط بتركيا.
وفي أعقاب القبض على سيريبرياكوف في تركيا، أعلن يرلي كايا أنه تم اعتقال 72 مشتبهاً بهم في عمليات أجريت ضد شبكات داعش في 13 محافظة.
الرابط: