المؤسسات والمنظمات

حزب الله

حزب الله أو المقاومة الإسلامية في لبنان هو جماعة شيعية مسلحة ترعاها إيران، ولها أجندة سياسية وقتالية دولية تقوم على مناهضة إسرائيل والولايات المتحدة. يتمركز الحزب بشكل أساسي في لبنان، لكنه ينفذ عملياته خارج الساحة اللبنانية في جميع أنحاء العالم.

وقد ظهر حزب الله في لبنان عام 1982 في أعقاب الغزو الإسرائيلي لوقف الهجمات التي تشنها عبر الحدود منظمة التحرير الفلسطينية. وكان هدف الحزب المعلن هو القتال “من أجل تحرير الأراضي المحتلة وطرد القوات الإسرائيلية”.

وصيغت أيديولوجية حزب الله على غرار الثورة الإيرانية التي قادها آية الله الخميني عام 1979. ووفقاً لخبير مكافحة الإرهاب مات ليفيت، ففي إطار الحرب الأهلية اللبنانية، “أدى الغزو الإسرائيلي عام 1982، والاحتلال اللاحق لجنوب لبنان، إلى خلق المساحة التي يمكن للدبلوماسيين والعملاء الإيرانيين استغلالها لتشكيل كيان موحد من طاقم متنوع من الميليشيات والجماعات الشيعية”. وهكذا نظرت إيران إلى حزب الله باعتباره فرصة لتوسيع نفوذها، وعملت على تعزيز مكانته كقوة بالوكالة، ومده بالتمويل والتدريب والأسلحة من خلال الحرس الثوري.

ويعد حزب الله جزءاً من محور المقاومة الذي تقوده إيران ضد الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وحلفائهم في الشرق الأوسط. وساعدت إيران على إنشاء حزب الله في لبنان من أجل توسيع نفوذها في المنطقة والوصول إلى العالم العربي الأوسع. وتحت ذريعة محاربة المحتلين الأجانب في لبنان، كان حزب الله مسؤولاً عن هجمات قاتلة ضد أهداف إسرائيلية وأمريكية ويهودية في جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من خطابه الداعي إلى تحرير لبنان من الاحتلال الأجنبي، لم يخف حزب الله أنه يحظى بدعم كبير من قوى أجنبية، وبالتحديد النظام الإيراني.

ومثل إيران، يعد حزب الله الولايات المتحدة وإسرائيل عدوين رئيسين له، وحتى 11 سبتمبر / أيلول 2001، كان حزب الله مسؤولاً عن قتل عدد من الأمريكيين أكثر من أي منظمة إرهابية أخرى. ومن بين الهجمات القاتلة الأخرى، تم ربط حزب الله بهجوم عام 1983 على ثكنات مشاة البحرية الأمريكية في لبنان، والتفجير الانتحاري الذي وقع عام 1992 في السفارة الإسرائيلية في بوينس آيرس، الأرجنتين، والتفجير الانتحاري الذي استهدف الجمعية اليهودية الأرجنتينية في بوينس آيرس عام 1994، وتفجير حافلة سياحية إسرائيلية في بلغاريا عام 2012. ويشتبه أيضاً في تورط حزب الله في التفجير الانتحاري الذي وقع في بيروت في فبراير 2005، وأدى إلى مقتل 22 شخصاً، من بينهم رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. وفي غشت / آب 2020، وجدت المحكمة الخاصة في لبنان أن عضو حزب الله سليم عياش مذنب بالمشاركة في الهجوم.

وعلى مدار السنوات الماضية، نجح حزب الله في التسلل إلى النسيج الاجتماعي في لبنان، حيث أنشأ مئات الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية التي تقدم خدماتها في الجزء الجنوبي من البلاد، حيث سلطة الحكومة أضعف. وقد عززت هذه الخدمات الاجتماعية شعبيته بما يكفي للسماح له بأن يصبح جزءاً من البنية السياسية اللبنانية. ومنذ عام 1992، أصبح لحزب الله حضور ونفوذ كبير في دوائر الحكم في لبنان.

ويعد حزب الله أداة في يد النظام الإيراني، وينص بيان الحزب لعام 1985 صراحة على ما يلي: “نحن أبناء الأمة ـ حزب الله الذي نصر الله طليعته في إيران”. علاوة على ذلك، فإن الحزب صريح في خضوعه لسلطة المرشد الأعلى الإيراني، معلناً امتثاله لإملاءات “قائد واحد، حكيم وعادل، وهو معلمنا وفقيهنا الذي تتوفر فيه جميع الشروط اللازمة: [آية الله]” روح الله الموسوي الخميني”.

وحزب الله متشدد في تمسكه بفلسفة الخميني المتمثلة في ولاية الفقيه، والتي تدعو إلى الحكم المطلق لفقيه واحد في الشؤون الدينية وشؤون الدولة. لقد استخدم الخميني هذا المفهوم للاستيلاء على السلطة المطلقة، باعتباره المرشد الأعلى لإيران، وتعهد حزب الله بالولاء للخميني وخليفته علي خامنئي. وفي مقابلة أجريت معه عام 2012، وصف نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم ولاية الفقيه بأنها “سبب تأسيس حزب الله”. ووفقاً لقاسم، في عام 1982، أرسلت ما تسمى بلجنة التسعة ـ التي سبقت مجلس شورى حزب الله ـ وفداً لتلقي مباركة الخميني في طهران.

وبعد اجتماع عام 1982، أفادت التقارير أن إيران أرسلت 1000 جندي من الحرس الثوري لتوفير التدريب العسكري لمقاتلي الحزب، وفي فبراير 1985، ظهر حزب الله رسمياً وأصدر بياناً تعهد فيه بالولاء للخميني، وطالب بطرد القوات الأجنبية (أي إسرائيل وفرنسا والولايات المتحدة) من لبنان، ودعا إلى تدمير إسرائيل، وإلى إنشاء دولة إسلامية في لبنان.

وباعتباره وكيلاً لإيران، فإن بيئة التهديد المتصورة لحزب الله تكاد تكون مماثلة لبيئة إيران؛ فأعداء طهران هم أعداء حزب الله. ومثل إيران، يعتبر حزب الله الولايات المتحدة وإسرائيل عدويه الرئيسين، ويصف بيان للحزب الولايات المتحدة بأنها “أصل الرجس”، ويعلن أن “تصميمه على محاربة الولايات المتحدة قوي”. ومن بين أولى الهجمات الكبرى التي شنها حزب الله على المصالح الأمريكية والغربية كان تفجير شاحنة عام 1983 في مجمع لمشاة البحرية الأمريكية في بيروت، والذي أسفر عن مقتل 241 جندياً، كما نفذ الحزب تفجيراً متزامناً بشاحنة مفخخة على القوات الفرنسية في بيروت، ما أسفر عن مقتل 58 جندياً.

منذ وفاة الخميني عام 1989، حافظ حزب الله على ولائه لخليفة المرشد الأعلى الإيراني، خامنئي. فعلى سبيل المثال، اتفق حزب الله والجناح الخارجي للحرس الثوري الإيراني، فيلق القدس، في كانون الثاني/ يناير 2010 على التعاون لمهاجمة أهداف إسرائيلية وأمريكية وغربية. وفي عام 2012، تعهد حزب الله بالدفاع عن إيران ضد أي هجوم من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل، وانضم الحزب أيضاً ًإلى الحرس الثوري الإيراني في معركته المستمرة لدعم نظام الأسد في سوريا. وفي المقابل، تعهد خامنئي بمواصلة دعم إيران لحزب الله، الذي وصفه بأنه “مصدر شرف للعالم الإسلامي”.

ووفقاً لصبحي الطفيلي، أول أمين عام لحزب الله من عام 1989 إلى عام 1991، فقد دعمت إيران حزب الله من أجل توسيع نفوذها في المنطقة. وقال لمجلة عرب ويكلي ومقرها لندن في مايو 2016: “لا يوجد صوت داخل المجتمع الشيعي في لبنان غير مرتبط بإيران”.

وبينما يروج حزب الله لنفسه، باعتباره حارس لبنان ضد الغزاة الأجانب، فإنه يقدم أيضاً خدمات اجتماعية للشعب اللبناني في المناطق التي تفتقر فيها الحكومة إلى وجود قوي، كما هو الحال في الجنوب. ومن أجل الحفاظ على الدعم الشعبي، يهدف حزب الله إلى إظهار قدرته على توفير الدعم للشعب اللبناني في المناطق التي فشلت فيها الدولة اللبنانية؛ فعلى سبيل المثال، في عام 2004، قدم الحزب مبلغ 100 ألف دولار شهرياً لمستشفى الجنوب في مدينة النبطية بجنوب لبنان، وبعد الحرب بين حزب الله وإسرائيل عام 2006، قدم الحزب أموالاً طائلة لإعادة بناء المساكن والمنشآت التي دمرتها الحرب. وفي أبريل / نيسان 2021، افتتح الحزب سلسلة متاجر سوبر ماركت بأسعار مخفضة في لبنان أطلق عليها اسم “السجاد”، نسبة إلى رجل الدين الشيعي الإمام علي السجاد.

ويلعب حزب الله دوراً رئيساً في السياسة اللبنانية منذ عام 1992، وتعاظم هذا الدور منذ عام 2008؛ حيث قال صبحي الطفيلي، أول أمين عام لحزب الله من عام 1989 إلى عام 1991، في مايو 2016، إن حزب الله يجب أن تكون لديه سيطرة كاملة على القرارات الاستراتيجية في لبنان، وأن الحكم والجيش في لبنان “يجب أن يتجه أينما يقوده حزب الله”. وقد أدت سيطرة الحزب على الوزارات الرئيسة في الحكومة، وتصنيفه تنظيماً إرهابياً من قبل العديد من الدول الأوروبية، والولاء الأيديولوجي لإيران، إلى تعقيد الأزمات السياسية وزعزعة استقرار الحكم في لبنان.

ويتكون الهيكل التنظيمي لحزب الله من مجلس الشورى، وهو الهيئة القيادية المركزية للحزب، ويتكون من 7 أعضاء تسند إليهم مسؤولية متابعة جميع أنشطة الحزب السياسية والإعلامية والاجتماعية والقتالية، وهو الذي يقوم بتعيين الأمين العام، كما يشرف أيضاً على المجالس الخمسة للحزب: المجلس السياسي، مجلس الجهاد، الكتلة النيابية، المجلس التنفيذي، والجمعية القضائية.

ويرأس مجلس الشورى الأمين العام الحالي للحزب حسن نصر الله، وهو أيضاً رئيس مجلس الجهاد. في ما يرأس المجلس السياسي إبراهيم أمين السيد، والمجلس التنفيذي هاشم صفي الدين، والكتلة النيابية محمد رعد.

ويضم الحزب أيضاً أجهزة أمنية معددة ومتداخلة أبرزها جهاز الأمن الخارجي، المعروف باسم منظمة الجهاد الإسلامي، وهو الجهاز المسؤول عن العمليات الأمنية وشبه العسكرية التي ينفذها الحزب خارج لبنان.

وهناك أيضاً وحدة العلاقات الخارجية المسؤولة عن جهود التوعية العالمية. وقد صنفتها وزارة الخارجية الأمريكية ككيان إرهابي عالمي في يناير/ كانون الثاني 2017. ووفقاً لوزارة الخارجية، فإن وحدة العلاقات الخارجية “تشارك في عمليات سرية في جميع أنحاء العالم، ويشمل نشاطها التجنيد وجمع الأموال وجمع المعلومات الاستخبارية لصالح حزب الله”.

وتعد إيران الداعم المالي الرئيس لحزب الله. ومع ذلك، طوّر الحزب مصادر متعددة ومتنوعة لتمويل أنشطته. وفقاً لوكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، سيجال ماندلكر، في يونيو / حزيران 2018، فإن إيران تزود حزب الله بما يصل إلى 700 مليون دولار سنوياً، ويتم تمرير الدعم المالي والعسكري الإيراني إلى الحزب من خلال فيلق القدس، فرع النخبة في الحرس الثوري الإيراني.

وللمساعدة في تسهيل تحويل الأموال إلى حزب الله ووكلائه الآخرين، أنشأت إيران شبكة مؤسسة الشهداء الخيرية في لبنان. ووفقاً للولايات المتحدة، تقوم مؤسسة الشهداء بتحويل الأموال إلى حزب الله وحماس وجماعات أخرى في سوريا، كما أنشأت مؤسسة الشهداء منظمة النوايا الحسنة الخيرية، وهو مكتب لجمع التبرعات في ديربورن، ميشيغان، كان بمثابة منظمة واجهة لحزب الله، ويقدم تقاريره إلى مؤسسة الشهداء في لبنان. وقد أدرجت الحكومة الأمريكية كلاً من مؤسسة الشهداء ومنظمة النوايا الحسنة عل قائمة المنظمات الداعمة للإرهاب.

وفي يونيو/ حزيران 2016، قال نصر الله في خطاب أذيع علناً: “نحن منفتحون بشأن حقيقة أن ميزانية حزب الله ودخله ونفقاته وكل ما يأكله ويشربه وأسلحته وصواريخه تأتي من جمهورية إيران الإسلامية.. و[طالما] أن إيران لديها المال، فنحن لدينا المال… ومثلما نتلقى الصواريخ التي نستخدمها لتهديد إسرائيل من إيران، فإننا نتلقى أموالنا أيضاً، ولن يمنعنا أي قانون من الحصول عليها”.

ويدير حزب الله شبكات متداخلة من المدارس والمخيمات والبرامج الدينية في جميع أنحاء لبنان. ومن خلال استهداف الشباب، يكتسب حزب الله مجندين جدد ويبني الدعم المحلي المسؤول عن نجاحاته الانتخابية. ويدير الحزب أيضاً معسكرات صيفية ورحلات ميدانية وبرامج عطلات دينية. ويحتفظ بمجموعات للتوعية الطلابية في المدارس غير التابعة له. وهناك شبكة من المعلمين الدينيين التابعين له في جميع أنحاء البلاد مكلفة بتعزيز القيم الشيعية وأيديولوجيا الحزب.

في سنواته الأولى، أشرف الحرس الثوري الإيراني على تدريب أعضاء حزب الله. ومنذ ذلك الحين، طور الحزب شبكة خاصة من معسكرات التدريب في لبنان، حيث يخضع الطلاب لبرنامج معقد من الدراسات الدينية لغرس الشعور بالالتزام الديني والرغبة في مقاومة الاحتلال والأخوة العسكرية والانضباط لديهم. واعتباراً من عام 2014، خفض الحزب سن القتال من 18 إلى 16 عاماً.

ويتعين على المقاتلين أن يمروا بمرحلة الاستعداد، حيث يتم تلقينهم تعاليم الثورة الإسلامية في إيران، والنصوص الإسلامية الشيعية، وفكرة الاستشهاد. خلال المرحلة الثانية، مرحلة الالتزام، يخضع الأعضاء للتدريب العسكري الأساسي. وتستمر كلتا المرحلتين لمدة عام تقريباً. يستمر برنامج التدريب العسكري الأولي لمدة 33 يوماً، يتعلم خلالها المجندون أساسيات حرب العصابات واللياقة البدنية. يتم التدريب في وادي البقاع. وهذا المستوى من التدريب مطلوب لجميع المجندين، حتى أولئك الذين قد يلعبون في نهاية المطاف أدواراً ثانوية. التدريب القتالي الأعلى مخصص لوحدة القوات الخاصة التابعة للحزب، حيث يخضع المجندون لبرنامجين مدة كل منهما 45 يوماً مع استراحة لمدة خمسة أيام بينهما.

وضعت الولايات المتحدة الأمريكية حزب الله على قائمة المنظمات الإرهابية، وكذلك فعلت جامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي، وفي عام 2013، صنف الاتحاد الأوروبي الجناح المسلح لحزب الله منظمة إرهابية، بعد فصله عن الجناح السياسي، وقال المتحدث الرسمي باسم الحزب رداً على هذا التصنيف إن “حزب الله منظمة واحدة كبيرة، وليس لدينا أجنحة منفصلة عن بعضها البعض”. ومن أبرز الدول التي صنفت حزب الله ككل على أنه منظمة إرهابية المملكة المتحدة وهولندا وفرنسا وسويسرا وكندا وأستراليا، وقد انضمت إليهم ألمانيا في أبريل / نيسان 2020، والنمسا في مايو / أيار 2021.

زر الذهاب إلى الأعلى