بوكو حرام والتعليم الغربي: آراء مفاجئة لبعض النيجيريين الذين تركوا الجماعة المتمردة
لقد أصبح العالم يربط بين التمرد الجهادي في شمال شرق نيجيريا والشعار القائل إن “التعليم الغربي حرام”. وهذا هو السبب وراء ترجمة “بوكو حرام” ـ الاسم الذي يطلق على المتمردين ـ من لغة الهاوسا إلى اللغة الإنجليزية.
ولكن “بوكو حرام” ليس هو الاسم الذي يطلقه المتمردون على أنفسهم أو الذي يرغبون في أن يطلق عليهم. فالفصائل هناك تعمل تحت أسماء مختلفة، ولا يستخدم أي منها اسم “بوكو حرام”.
وتطلق إحدى الفصائل على نفسها اسم “جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد”، وتستخدم فصيلة أخرى اسم “ولاية غرب إفريقيا” أو “ولاية الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا”.
وقد أدت خطب زعيم التمرد الراحل محمد يوسف (1970-2009) ضد التعليم الغربي إلى حصول حركته على لقب “بوكو حرام”، الذي اكتسب زخماً بدءاً من عام 2009 فصاعداً.
وقد أدت الهجمات البارزة على المدارس الغربية، بما في ذلك اختطاف 276 تلميذة من شيبوك في أبريل/ نيسان 2014، إلى تعزيز التصورات عن التمرد على أنه معارض للتعليم الغربي.
لقد تم إدخال التعليم الغربي إلى شمال شرق نيجيريا في ظل الحكم الاستعماري البريطاني، مما أدى إلى إزاحة نظام التعليم الإسلامي الذي أنتج النخبة في فترة ما قبل الاستعمار. واليوم، يشترط أغلب الوظائف في القطاع الرسمي والمناصب الحكومية في نيجيريا التعليم الغربي.
نظراً للدمار وإراقة الدماء والنزوح الجماعي الذي أحدثه التمرد في نيجيريا، أردنا أن نعرف المزيد عن الدور الذي يلعبه التعليم كمظلمة وكوسيلة لبناء السلام.
كان هدف بحثنا هو استكشاف ما دفع أعضاء الجماعة المتمردة، المعروفة شعبياً باسم “بوكو حرام”، إلى القتال. هل كانت معارضة التعليم الغربي سبباً؟ أردنا أيضاً أن نعرف كيف أثر كونهم جزءاً من التمرد على آرائهم بشأن هذا النظام التعليمي.
ومن خلال التحدث إلى القواعد الشعبية، سعينا إلى تجاوز خطاب قادة التمرد.
وقال أغلب المشاركين إن كراهية التعليم الغربي لم تكن الدافع وراء انضمامهم إلى التمرد، بل كانت لديهم أسباب أخرى. كما عززت تجاربهم كمتمردين قيمة التعليم الغربي.
ونحن نرى أن هذه النتائج تظهر مدى أهمية جعل التعليم الغربي في متناول كل من يريده.
آراء حول التعليم الغربي
أجرينا 13 مقابلة معمقة وخمس محادثات جماعية مع المتمردين السابقين في باما ومايدوغوري بولاية بورنو، ما بين 2021 و2024. وكان هذا جزءاً من مشروع بحثي أكبر حول “التعليم والصراع العنيف في شمال شرق نيجيريا”.
ركزت محادثاتنا على أسباب انضمام الأعضاء السابقين، وتجاربهم في التعليم داخل التمرد، ووجهات نظرهم بشأن التعليم بعد المغادرة. كانت أغلبية المستجيبين من الرجال الكانوري في العشرينيات والثلاثينيات من العمر، ومعظمهم تلقوا تعليماً قرآنياً.
وقد اعترف البعض بأن خطب يوسف [مؤسس جماعة “بوكو حرام”] لاقت صدى في نفوسهم وقت تجنيدهم، ولكنهم لم ينضموا إلى الجماعة بدافع الكراهية للتعليم الغربي.
وبدلاً من ذلك، ناقشوا أسباباً أخرى للانضمام:
ـ الحوافز المادية.
ـ إيمان المتمردين بأنهم يقومون “بعمل من أجل الله”.
ـ الوقوع تحت تأثير أفراد الأسرة والأقران.
ـ الخوف من الانتقام.
ولم يعترض أغلب المشاركين في الاستطلاع على التعليم الغربي، بل على العكس من ذلك، اعتبروه مرغوباً فيه. وقد التحق العديد منهم أو أبناؤهم بالمدارس الغربية.
لكن لم يتفق الجميع على كل ما يحدث داخل المدارس الغربية. فقد أبدى بعض المشاركين تحفظاتهم على التعليم المشترك [الذكور والإناث] وبعض محتويات المناهج، وخاصة في علم الأحياء والجغرافيا، مثل التطور، ودورة المطر، ودوران الأرض حول الشمس.
بشكل عام، كانت الآراء إيجابية. اعتبر المستجيبون أن التعليم الغربي مهم لإيجاد فرص عمل، والتعامل مع مواقف الحياة اليومية، وتحقيق التقدم المجتمعي، على سبيل المثال فيما يتعلق بالرعاية الصحية.
ولكي نفهم لماذا ينظر الأعضاء السابقون إلى التعليم الغربي بمثل هذه اللغة الإيجابية، من المفيد أن نلقي نظرة فاحصة على تجاربهم داخل التمرد.
الأيديولوجية مقابل الاحتياجات التكتيكية
على الرغم مما يقوله زعماء “بوكو حرام” عن الأيديولوجية، فقد ذكر المشاركون في بحثنا أنهم يقدّرون المعرفة الغربية بسبب المزايا التكتيكية التي تقدمها.
وكان المتعلمون في الغرب هم الذين يتولون تشغيل أجهزة الكمبيوتر المحمولة، وإصلاح الهواتف والسيارات، وتصوير ومشاركة لقطات الفيديو، وتوزيع الأدوية، وعلاج الجرحى.
وقال الأعضاء الذين تحدثنا إليهم إنهم رأوا الفرق الذي أحدثه التعليم الغربي. فالذين لم يتلقوا سوى قدر محدود من التعليم القرآني أو لم يتلقوا أي تعليم على الإطلاق احتلوا رتباً أدنى داخل التمرد. وكانوا أكثر عرضة للإرسال إلى القتال، مع تعرضهم أكثر من غيرهم لخطر الإصابة أو القتل.
وخلص المشاركون إلى أن الآراء التي أعلنها زعماء التمرد بشأن التعليم الغربي لا يمكن الوثوق بها.
ولكن ما كان بوسعهم أن يثقوا فيه هو ما رأوه بأعينهم. على سبيل المثال، تم تجنيد بعض المنشقين المتعلمين في الغرب للعمل لصالح المنظمات غير الحكومية التي تعمل على الأزمة الإنسانية في شمال شرق نيجيريا.
وقد وجد بعض أقرانهم المتعلمين في المدارس الغربية والذين لم ينضموا إلى التمرد وظائف بأجر لائق في الشرطة أو الجيش، أو كمدرّسين.
وزعم أغلب المشاركين أن التعليم الجيد قد يحمي الناس من التلقين والتلاعب. ويشمل هذا التعليم الغربي. وقال أحد المشاركين:
“لقد جاؤوا وأضلونا باستغلال التعليم الإسلامي، وربما في المرة القادمة سيستخدمون التعليم الغربي لتضليلنا. إذا كنت متعلماً فلا أحد يستطيع أن يفعل ذلك”.
ولكنهم لم يتجاهلوا عيوب نظام التعليم الغربي كما هو مطبق حالياً في شمال شرق نيجيريا. كما كانوا يدركون مدى صعوبة الحصول على التعليم والعمل دون دعم مالي أو علاقات مناسبة.
وكما قال أحد المشاركين:
“لا يمكنك البحث عن المعرفة دون أن يكون في يدك فلس واحد”.
ماذا بعد؟
بناءً على النتائج التي توصلنا إليها، فإننا نوصي صناع السياسات بما يلي:
ـ ضمان أن يكون التعليم الغربي مجانياً ومتاحاً حقاً، بما في ذلك الامتحانات والزي المدرسي والكتب.
ـ التأكد من إمكانية ترجمة المهارات التعليمية المكتسبة إلى فرص عمل ذات قيمة.
ـ تسهيل التبادل بين الأشخاص ذوي الخلفيات التعليمية المختلفة.
الرابط: