تقارير ودراسات

المحسوبية في النظام السوري الجديد: مثل الأسد، الشرع يعيّن أقاربه في مناصب عليا

منذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، صور أحمد الشرع، زعيم هيئة تحرير الشام، نفسه خادماً متواضعاً للشعب السوري، رافضاً السلطة والهيبة. لكن أفعاله تروي قصة مختلفة. ففي حين صرح بأنه سيكون أكثر ارتياحاً لو لم يطلب منه السوريون الترشح للرئاسة، لم يمنعه هذا الشعور من إعلان نفسه رئيساً مؤقتاً.

تشير كل خطوة اتخذها إلى أنه زعيم يسعى إلى تعزيز سيطرته وسلطته. فمن خلال الأحكام التي وضعها في الدستور المؤقت، يشغل الشرع الآن عدة مناصب نافذة: رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة، والقائد العام للقوات المسلحة، ورئيس مجلس الأمن الوطني المُنشأ حديثاً. ومن المقرر أن يشغل هذه المناصب طوال الفترة الانتقالية التي حددها بنفسه، والتي تمتد لخمس سنوات.

في استعراض للمحسوبية، أحاط الشرع نفسه ليس فقط بأتباع هيئة تحرير الشام الموالين له، بل أيضاً بأفراد أسرته المقربين الذين وظفهم في مناصب عليا على المستويين الوطني والمحلي. ففي 5 أبريل/ نيسان، على سبيل المثال، عين الشرع شقيقه الأكبر، ماهر – المولود عام 1973 – أميناً عاماً لرئاسة الجمهورية السورية، وهو منصب قوي في قلب النظام الجديد. ومثّل هذا التعيين خطوة أخرى نحو تعزيز السيطرة العائلية بعد تولي ماهر منصب وزير الصحة في الحكومة المؤقتة التي تشكلت بعد ثمانية أيام من سقوط الأسد.

بعد أن عاش ودرس في روسيا، يعد ماهر وسيطاً رئيساً بين دمشق وموسكو. وتعزز نفوذه زوجته الروسية التي تحافظ عائلتها على علاقات وثيقة مع الحكومة الروسية. كان ماهر منخرطاً في المشروع السياسي لأخيه قبل سقوط نظام الأسد بوقت طويل. فمن عامي 2022 و2023، أشرف على القطاع الصحي في المناطق الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام في شمال غرب سوريا، مما يشير إلى دوره المبكر في إدارة شؤون الحكم تحت سلطة الجماعة.

برز حازم، وهو شقيق آخر للشرع، على الساحة السياسية عقب سيطرة هيئة تحرير الشام على دمشق. ولد عام 1975، درس القانون وعمل في دمشق قبل مغادرته سوريا عام 2012. بعد أن أمضى عدة سنوات في الخليج العربي، استقر في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، حيث انضم إلى شركة الحياة المتخصصة في المشروبات الغازية والمعدنية، وترقى في نهاية المطاف إلى منصب المدير العام.

في حين لم تعلن هيئة تحرير الشام رسميًّا عن تعيين حازم، فإن حضوره العلني أصبح جليًّا في الأشهر الأخيرة. وخلال أولى زيارات الشرع الخارجية إلى السعودية وتركيا، كان حازم جزءاً من الوفد. وتصدرت صورة له، انتشرت على نطاق واسع، أثناء مصافحته ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عناوين وسائل الإعلام السورية.

تشير التقارير إلى أن حازم سيشغل منصباً في مجلس الاستثمار السوري، أملاً في الاستفادة من شبكته الإقليمية الواسعة لجذب الاستثمارات إلى سوريا. وتؤكد هذه الخطوة عزم الشرع على وضع أسرته في مراكز السلطة والثروة. كما تشير التقارير إلى أن الشرع عين أفراداً آخرين من عائلته، بمن فيهم أقارب زوجته، في مناصب رئيسة في دمشق ومحافظات أخرى خاضعة لسيطرته.

كانت المحسوبية سمة راسخة في الحكم السوري لعقود في ظل آل الأسد، وهي ظاهرة مألوفة في معظم أنحاء المنطقة. ومع ذلك، فإن محسوبية الشرع تحمل طابعاً مميزاً لما بعد الصراع وتعكس جهوده المستمرة لإضفاء الشرعية على حكمه وتعزيزه. فبتعيين أفراد من أسرته في مناصب حكومية مهمة، يركز الشرع على الولاء وينشئ بيئة سياسية تضمن السيطرة وتقلل من فرص المعارضة.

في مشهد سياسي هش، يسوده تضارب المصالح بين حلفاء هيئة تحرير الشام، يشق الشرع طريقه بحذر عبر خطوط الصدع الداخلية، ساعياً إلى الحفاظ على تماسك نظامه، مع إظهار نفسه في صورة القائد الحاسم. إلا أن فعاليته في السيطرة تخفي إلى حد كبير توترات كامنة داخل جماعته الإسلاموية. ومع ارتيابه في ولاء بعض أعضاء حركته السياسية، يبدو أن الشرع يضع، على نحو متزايد، ثقته – ورؤيته للاستقرار والحكم طويل الأمد – في أيدي أسرته.

الكاتب: سيروان كاجو

https://www.meforum.org/mef-observer/like-assad-al-sharaa-puts-family-first-in-syria

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى