تقارير ودراسات

الكتب المدرسية الحكومية الإيرانية تحرض على الإرهاب

لقد دأبت حكومة الولايات المتحدة على تصنيف إيران كدولة راعية للإرهاب منذ ثمانينيات القرن العشرين. علاوة على ذلك، فإن جهود طهران لتصدير ثورتها معروفة على نطاق واسع. ومع ذلك، لم يتم إيلاء سوى قدر ضئيل نسبياً من الاهتمام لتحريض إيران المستمر على الكراهية والتطرف والإرهاب في الكتب المدرسية الرسمية. على سبيل المثال، فإن آخر دراسة متخصصة في المناهج الدراسية الإيرانية لم تُنشر إلا في عام 2016.

لهذا السبب، نشرت رابطة مكافحة التشهير، وهي منظمة غير حكومية تعنى بالدفاع عن الحقوق المدنية، وتتخذ من الولايات المتحدة مقرّاً لها، وتدعم حل الدولتين الذي يضمن حقوق الشعب الفلسطيني، دراسة تتناول الكتب المدرسية الرسمية في إيران للعام الدراسي 2020-2021.

وعلى الرغم من أن تحديد المحتوى المتطرف في المناهج الدراسية الإيرانية ليس بالأمر المفاجئ بأي حال من الأحوال، فإن بعض الأشكال التي يتخذها هذا التطرف مثيرة للاهتمام. علاوة على ذلك، فإن توثيق الطبيعة الشاملة والمستمرة لمثل هذا التلقين التعليمي يوفر معلومات يمكن أن تكون مفيدة لصناع السياسات ومسؤولي الاستخبارات والصحافيين والرأي العام. كما يؤكد أن التحديات التي تفرضها سياسات إيران على المجتمع الدولي تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد قضية واحدة ولا تقدم إجابات سهلة.

شيطنة أمريكا

إن المنهج الإيراني الحالي يعلمنا أن طهران هي حاملة لواء العقيدة الإسلامية في معركة وجودية و”دائمة” ضد الإمبريالية، حيث تقف الولايات المتحدة الأميركية اليوم في طليعة هذه المعركة. كما يُنظَر إلى أوروبا وإسرائيل والدول العربية بوصفهم شركاء في هذه المعركة العالمية، مع الإشارة إلى كل من الاتحاد السوفييتي وبريطانيا العظمى كأعداء تاريخيين بارزين. ويستخدم هذا المفهوم في المنهج لتبرير رعاية النظام المستمرة للعنف الدولي.

على سبيل المثال، تدرس الكتب المدرسية الإيرانية الحالية للمرحلتين المتوسطة والثانوية أن العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة ضد إيران (حتى تلك متعددة الأطراف والتي وافقت عليها الأمم المتحدة) تمثل مجرد “خطة شيطانية” لاستهداف الإسلام نفسه والسير على خطى رجال القبائل الذين فرضوا حصاراً اقتصادياً على النبي محمد وأتباعه في القرن السابع.

كما تعلمنا المناهج الإيرانية أن الجماعات الإرهابية السُنّية مثل تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية هي في الواقع اختلاقات أمريكية لإضعاف الإسلام الحقيقي وتشويه سمعته، في شراكة تآمرية مع حلفاء أمريكا في المنطقة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وإسرائيل. وتعلمنا المناهج الإيرانية أيضاً أن أمريكا تسعى إلى تقويض إيران وغيرها من المجتمعات الإسلامية من خلال “حرب ناعمة” أو “هجوم ثقافي” لنشر تعاطي المخدرات، والزنا، والأفلام وألعاب الفيديو المعادية للإسلام، في دور تقول الكتب المدرسية إن الماسونيين والمبشرين المسيحيين لعبوه تاريخياً كبيادق في يد الغرب.

حتى إن الكتب المدرسية لهذا العام أضافت نظريات مؤامرة جديدة حول فيروس كورونا، مدعية أن “وسائل الإعلام الغربية” حاولت منع الإيرانيين من حضور التجمعات الحاشدة للنظام في فبراير/ شباط 2020 من خلال المبالغة في تهديد كوفيد-19 والدعوة إلى الحجر الصحي.

التشدد والإرهاب

لعل الاستخدام الأكثر لفتاً للانتباه للغة القتالية في المناهج الدراسية الإيرانية كان في الواقع الإشارة إلى البرنامج النووي للبلاد. كما يمجد المنهج الدراسي الأطفال الجنود وكذلك الإرهابيين المعروفين.

والجدير بالذكر أن كتاب “تاريخ إيران المعاصرة” الذي يدرسه النظام في الصف الحادي عشر يعلن أنه “على الرغم من المؤامرات والمعارضات المستمرة من جانب أعداء الجمهورية الإسلامية، فقد حقق العلماء النوويون الإيرانيون العديد من النجاحات”. بعد ذلك مباشرة، يتابع النص باقتباس من المرشد الأعلى الإيراني السابق آية الله روح الله الخميني، والذي يتم ربطه بالبرنامج النووي: “أوصي الشعب الإيراني العزيز بأن يعلم أنه قد نال نعمة بجهاده العظيم ودماء شبابه الطاهرة”.

ومن بين الموضوعات التي تم تحديثها في الكتب المدرسية للعام الدراسي 2020-2021 التركيز المستمر على الإرهابيين المعروفين بصفتهم شهداء، وقد تم تعديل بعض الفقرات في عدة كتب لتشمل الإشارة إلى الراحل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني الذي قتل في يناير / كانون الثاني 2020، بصفته “شهيداً” و”مثالاً”. كما تم تمجيد الزعيم الراحل لحزب الله اللبناني مصطفى بدر الدين والقائد الراحل لكتائب حزب الله في العراق أبو مهدي المهندس.

بالإضافة إلى ذلك، يواصل المنهج الإيراني تقديم الأطفال الجنود، وخاصة من الحرب الإيرانية العراقية، باعتبارهم نماذج معاصرة للشجاعة والتضحية يحتذى بها. على سبيل المثال، تُظهر النصوص أطفالاً يحملون الأسلحة النارية وقاذفات الصواريخ، ويشجعون على التجنيد والاستشهاد في خدمة قوات الباسيج شبه العسكرية التابعة للنظام، ويستشهدون بطفل جندي من الحرب الإيرانية العراقية يحرض الشباب على الدفاع عن النظام “حتى آخر قطرة دم”.

كما تعلم الكتب الطلاب كيفية تجميع بنادق الكلاشينكوف الهجومية وتشجعهم على التعرف على الحرب السيبرانية. وفي حين يتم الترويج لفكرة تحقيق السلام من خلال القوة، فإن التركيز ينصب بوضوح على إعداد الجيل القادم في إيران لما يتم تصويره على أنه “حرب حتمية” بين “الإسلام” و”الغرب” دون الإشارة إلى أي إمكانية للسلام.

الدعوة إلى الكراهية وإسقاط النظام

على الرغم من أن حكومة إيران تزعم بشكل روتيني أن معارضتها موجهة بشكل صارم نحو دولة إسرائيل والأيديولوجية الصهيونية، فإن هذا المبدأ يتناقض مع الكتب المدرسية الموجهة للأطفال. تستخدم الحكومة الإيرانية عبارات الإطراء الإيجابية لوصف ولاء الجالية اليهودية التي بقيت في إيران، فضلاً عن اليهود المناهضين للصهيونية خارج إسرائيل، ولكن بخلاف ذلك، فإن كل اليهود يوصفون بشكل قاطع بأنهم “أعداء الإسلام”. علاوة على ذلك، يتم تصوير اليهود باستمرار على أنهم أشرار وجشعون ومتآمرون عدائيون في كتب التاريخ المدرسية، والتي تغطي فترات ما قبل تطور الصهيونية الحديثة.

ومن الجدير بالملاحظة أن المناهج الدراسية الإيرانية تطبق مثل هذه الأحكام أيضاً على بلدان ومجموعات أقلية أخرى، وليس فقط على اليهود. على سبيل المثال، يتعرض البهائيون لتشويه خاص في الكتب المدرسية، ويوصفون بأنهم “طائفة منحرفة” أنشئت “كواحدة من حيل الاستعمار لتدمير الأسس الثقافية للدول الإسلامية”، فضلاً عن “خلق الاضطرابات والتمرد”. كما يشير المنهج الدراسي الإيراني إلى أن البهائيين والبوذيين والمسلمين السنة الذين يلتزمون بالعقيدة السلفية الوهابية قد يكونون أيضاً نجسين جسدياً.

بالإضافة إلى ذلك، يدعو المنهج إلى الإطاحة بنظامين على وجه الخصوص، أحدهما يهودي والآخر عربي. وتكرر الكتب المدرسية تعاليم الخميني القائلة بأن “إسرائيل يجب أن تمحى”، بالإضافة إلى تمجيد شعار “الموت لإسرائيل”. كما تدعو الكتب المدرسية إلى الإطاحة بالنظام الملكي البحريني، وتأسف على أن “الثورة البحرينية [احتجاجات عام 2011] لم تصل إلى ذروتها بعد”.

خاتمة

في حين أنه ليس من المستغرب بأي حال من الأحوال أن تقوم أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم بالتحريض على الكراهية والتطرف والإرهاب في الكتب المدرسية التي تنشرها الحكومة، فإن متابعة ذلك تؤكد على أن طهران لم تستمر فقط في تدريس مثل هذا المحتوى الخطير منذ آخر مرة تم توثيقه قبل ما يقرب من نصف عقد من الزمن، بل إنها قامت أيضاً بتحديث هذا المحتوى أو تعديله استجابةً للأحداث الأخيرة، بما في ذلك الحرب في سوريا، وقتل قاسم سليماني، وحتى الوباء العالمي. تؤكد هذه النتائج أيضاً على حاجة الحكومات والمجتمع المدني العالمي إلى التعامل بحزم مع الحزمة الكاملة من الأنشطة الضارة والعدوانية التي تمارسها حكومة إيران، فضلاً عن معالجة الصعوبات، ومنها العقبات التي تضعها إيران نفسها، والتي تحول دون القيام بذلك على المدى الطويل.

المصدر:

https://www.longwarjournal.org/archives/2021/03/analysis-iranian-state-textbooks-incite-terrorism.php

زر الذهاب إلى الأعلى