تقارير ودراسات

التحدي الدائم لتنظيم القاعدة: رؤية النصر على أمريكا

“بلغة الأرقام، نحن نرى حجم الخسائر الفادحة التي ألحقها المجاهدون بأمريكا بفضل الله”

خالد محمد صلاح الدين زيدان

هذه الكلمات، التي كتبها الراحل خالد محمد صلاح الدين زيدان، نجل زعيم القاعدة سيف العدل، ونشرت في العدد الأخير من مجلة صدى الملاحم الصادرة عن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، يتردد صداها دائماً كتذكير صارخ بعزم تنظيم القاعدة الذي لا يتزعزع.

فمن الصراعات الإقليمية مثل حرب غزة إلى التحديثات العملياتية من حركة الشباب في الصومال، لا يعلن تنظيم القاعدة النصر على أمريكا فحسب، بل يعرض أيضاً استراتيجية تتكيف بمهارة مع المشهد الجيوسياسي العالمي. وفي حين خفت صوت زيدان بسبب وفاته المزعومة مؤخراً في اليمن، فإن رسالته تستمر في توضيح الرؤى الاستراتيجية لتنظيم القاعدة وانتصاراته المتصورة في الصراع الذي يعلن أنه لم ينته بعد.

يصف المقال الذي كتبه زيدان قصة واحدة: يعتقد تنظيم القاعدة أنه ليس فقط ما يزال على قيد الحياة، بل يزدهر أيضاً.

ومن ثم، فإن رواية زيدان تعكس المبادئ التأسيسية للقاعدة، وتصور الصراع على أنه أبدي: “معركة بين الحق والباطل… من المحتمل أن تستمر حتى يوم القيامة”. تعد هذه النظرة الأخروية بمثابة صرخة حاشدة وأداة استراتيجية، حيث تقوم بتجنيد الأتباع وجعلهم متطرفين تحت راية النصر الإلهي فيما يرونه حتمية تاريخية للصراع بين الإسلام والكفر.

ثم يؤكد زيدان: “النصر بفضل الله ثمرة صبركم وصمودكم.. الفتح القادم سيكتب بدمائكم إن شاء الله”.

ويقارن هذه المهمة الإلهية بالمظالم التاريخية، حيث تسببت فترات الحكم غير الإسلامي في معاناة واسعة النطاق، ويدعو إلى الحكم الإسلامي ليس فقط باعتباره مفضلاً ولكنه أمر إلهي. وهذا التصوير يحفز الدعم من خلال تصوير المسلمين كضحايا دائمين للهيمنة الغربية.

ويتحول زيدان إلى محطات بارزة في الحد من النفوذ الأمريكي العالمي، قائلاً: “قبل 11 سبتمبر وبعد هزيمة السوفييت… تولت أمريكا السيادة العالمية… وأنا هنا أتحدث بصيغة الماضي”. كما أنه يحدد هجمات 11 سبتمبر / أيلول بوصفها نقطة تحول تبشر “بنهاية العصر الأمريكي”، وهو نجاح استراتيجي يحبط معنويات الأعداء في حين يلهم أتباعه.

وفي قلب حجته تكمن الخسائر الاقتصادية لحملات تنظيم القاعدة. ويشير كذلك إلى أن “الدين العام الأمريكي كان يبلغ 3.4 تريليون دولار قبل هجمات 11 سبتمبر… واليوم يتجاوز 33 تريليون دولار”.

ومن خلال تسليط الضوء على الضغوط المالية – مثل ارتفاع الدين الوطني الأمريكي وتكاليف الحروب الطويلة – يصور تنظيم القاعدة أمريكا على أنها قوة عظمى ضعيفة، يفترض أنها تنهار ببطء تحت وطأة تجاوزاتها العسكرية.

ويشير زيدان إلى أن “الحرب في أفغانستان انتهت، لكن أمريكا لا تزال تدفع ثمنها وستستمر في دفع الثمن”، مما يوضح فعالية استراتيجية الحرب طويلة الأمد لتنظيم القاعدة. ثم يتوقف عند الانتصارات النفسية التي تحققت من خلال الصراع المستمر، مسلطاً الضوء على التكاليف المستمرة للحروب والتدابير الأمنية الأمريكية كعلامات على ضعف الولايات المتحدة بسبب تمددها المفرط في العالم.

علاوة على ذلك، يعتبر زيدان تنظيم القاعدة شخصية مركزية في الصراع العالمي ضد النفوذ الغربي، من خلال دوره في إلهام وتنسيق الجهاد عبر مناطق جغرافية مختلفة.

وفي النهاية، يختتم المقال بدعوة قوية لحمل السلاح، ويحث أتباعه على المثابرة حتى يحصلوا على النصر النهائي – الحكم بالقانون الإلهي. ويؤكد هذا الالتزام الهدف النهائي لتنظيم القاعدة المتمثل في إقامة خلافة إسلامية واسعة النطاق تتمتع بنفوذ عالمي كبير.

ويستمر تنظيم القاعدة في التهديد، لكن يتم تجاهله إلى حد كبير.

ويوضح المقال الأخير لزيدان كيف ترى القاعدة نفسها حالياً وكيف تسعى إلى مواصلة “جهادها” المستمر منذ عقود.

ومع استمرار تنظيم القاعدة تحت قيادة سيف العدل في التعبير عن رؤيته للنصر وقدرته على الصمود من خلال مزيج متطور من الحرب الأيديولوجية والدعاية الاستراتيجية، يجب على واشنطن أن تلتفت إلى ذلك ليس بوصفه مجرد خطاب، بل دعوة واضحة لإعادة ضبط استراتيجياتنا لمكافحة الإرهاب.

إذا استمرت حكومة الولايات المتحدة في رفض روايات تنظيم القاعدة، بوصفها المخاض الأخير لحركة تحتضر، فإنها تخاطر بتجاهل تطور التهديد الذي يتغذى على الاستهانة به. إن تصوير تنظيم القاعدة لنفسه بوصفه طائر الفينيق الذي ينهض من رماد ساحات القتال في أفغانستان لابد وأن يزعجنا جميعاً، ليس فقط لأنه يدعي أنه يعمل على إضعاف قوة عظمى؛ بل لأنه يهدف إلى إعادة تشكيل السياسة العالمية في بيئة دولية مضطربة.

فلتكن هذه دعوة للاستيقاظ: إن رواية انتصار تنظيم القاعدة قد تؤدي إلى فصل جديد خطير في الإرهاب العالمي ما لم تتحرك الولايات المتحدة بشكل حاسم. إن المعركة من أجل كسب القلوب والعقول لا تقتصر على التصدي للروايات فحسب؛ بل يتعلق الأمر بتقديم بديل مقنع يقلل من جاذبية الأيديولوجيات المتطرفة. لقد حان الوقت الآن لتعزيز الدفاعات وإعادة التفكير في الاستراتيجيات قبل أن تُكتب رواية النصر التالية، لا بالكلمات، بل بالدم.

 

الرابط:

https://www.gfatf.org/archives/al-qaedas-enduring-challenge-a-vision-of-victory-over-america/

زر الذهاب إلى الأعلى