أبحاث ودراسات

الإخوان المسلمون يخترقون المنتدى الفرنسي الرسمي لمكافحة الإسلاموية

لقد تم اختراق “منتدى الإسلام في فرنسا” (فوريف) الذي أطلقته الحكومة الفرنسية في عام 2022 لمحاربة الإسلاموية وتعزيز الإسلام “المخلص لقيم الجمهورية” من قبل عناصر الإخوان المسلمين المعارضين لتدجين الإسلام في فرنسا. وقال أحد المراقبين إن المنتدى أصبح “ملعباً” للإسلاميين في البلاد.

أطلق وزير الداخلية جيرالد دارمانين منتدى الإسلام في فرنسا في فبراير / شباط 2022 بهدف “تجديد أساليب الحوار” بين الحكومة و”الجهات الفاعلة والجمعيات التي تمثل العقيدة الإسلامية”. ومن السمات الرئيسة للمنتدى تنسيقه من الأسفل إلى الأعلى، والذي يسعى إلى تعزيز الحوار مع رجال الدين المسلمين والعلمانيين على مستوى القاعدة، وتجاوز ما يسمى بـ “الإسلام القنصلي” الذي تفضله الجماعات الإسلامية المظلية التي تسيطر عليها الحكومات الأجنبية.

وقد حلّ هذا المنتدى محلّ المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الذي أنشأه وزير الداخلية آنذاك نيكولا ساركوزي في مايو/ أيار 2003 ليكون المحاور الرئيس للحكومة الفرنسية مع الجالية المسلمة في البلاد. وكان الهدف منه هو جعل ممارسة الإسلام في فرنسا متوافقة مع قانون العلمانية الصادر عام 1905، لكنه فشل في منع تجاوزات الإسلاموية.

لقد أصبح المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية عاجزاً عن القيام بدوره بسبب الصراعات الداخلية على السلطة بين أعضائه الرئيسيين؛ أي الاتحادات الإسلامية التي تسيطر عليها حكومات الجزائر ومصر والمغرب وباكستان والمملكة العربية السعودية وتركيا. كما تعرض المجلس للعراقيل بسبب التيارات الإسلامية المتنافسة المتمثلة في السلفية وجماعة التبليغ وملي غوروش وجماعة الإخوان المسلمين.

وقد دُق المسمار الأخير في نعش المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية في يناير/ كانون الثاني 2021، عندما رفض أربعة من أعضائه التسعة التوقيع على ما يسمى “ميثاق مبادئ الإسلام في فرنسا”، وهي مبادرة رعاها ماكرون كجزء من سياسته ضد “الانفصالية الإسلامية”.

وقد طالبت الوثيقة المكونة من ثماني صفحات الزعماء المسلمين في فرنسا بالالتزام “بحرية الضمير” و”المساواة بين الرجال والنساء” وإدانة التمييز على أساس “التوجه الجنسي”. وأكد الميثاق أن “معتقداتنا الدينية أو أي سبب آخر لا يمكن أن يحلّ محلّ المبادئ الموجودة في القانون الفرنسي ودستور الجمهورية”.

وأعلن دارمانين في وقت لاحق أن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية قد “مات”، وأنه “لم يعد موجوداً بالنسبة إلى السلطات العامة كمحاور مع الجمهورية الفرنسية”. وأضاف أن زوال المجلس يعني “نهاية النفوذ الأجنبي على الإسلام في فرنسا”، وتعهد بأن ينجح المنتدى الجديد حيث فشل مجلس الديانة الإسلامية القديم.

إن منتدى الإسلام في فرنسا هو جزء لا يتجزأ من خطة طموحة أعلن عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في فبراير / شباط 2020 لمحاربة “الانفصالية الإسلامية”، من خلال إنشاء “إسلام فرنسي” متجذر في المجتمع الفرنسي، ويحد من الدور الذي تلعبه الحكومات الأجنبية في تدريب الأئمة وتمويل المساجد وتعليم الأطفال في فرنسا.

يتألف المنتدى حالياً من 60 عضواً – من الزعماء الدينيين، وممثلي المساجد، وأعضاء الجمعيات الثقافية أو الدينية، والمثقفين المستقلين، والمحامين – يتم تعيينهم من قبل وزارة الداخلية وممثلي الحكومة (المحافظات) على المستوى المحلي والإقليمي.

وعلى مدار العام الماضي، عمل أعضاء المنتدى، بالتنسيق مع وزارة الداخلية، على أربع قضايا رئيسة: 1) تأهيل الأئمة وتدريبهم؛ 2) تعيين وتدريب المرشدين الدينيين في السجون والمستشفيات والجيش؛ 3) تطبيق القانون لضمان امتثال الجمعيات الإسلامية لمبادئ الجمهورية؛ و4) حماية أماكن العبادة الإسلامية. ومن المقرر أن تنتج مجموعات العمل أدلة عملية لمساعدة المساجد في فرنسا على الامتثال للقانون الفرنسي.

وفي السادس عشر من فبراير/ شباط 2023، بمناسبة الذكرى الأولى لتأسيس منتدى الإسلام في فرنسا، دعا ماكرون العديد من أعضاء المنتدى إلى قصر الإليزيه لتقديم تقارير عن سير العمل والمشاركة في التقاط الصور. وقد حظي هذا اللقاء بتغطية إعلامية واسعة النطاق. وأعلن ماكرون أن المنتدى يهدف إلى تحويل “الإسلام المارق” إلى “إسلام التنوير”.

ولكن العمل الداخلي لمنتدى الإسلام في فرنسا ظل محاطاً بالسرية، ورفضت الحكومة نشر قائمة كاملة بأعضائه. ووصفت السيناتور جاكلين أوستاش برينيو من الحزب الجمهوري (يمين الوسط)، والتي حاولت دون جدوى الحصول على قائمة كاملة بأعضائه، المنتدى بأنه “جمعية غامضة تماماً تضم العديد من أعضاء الإخوان المسلمين”.

وعلى الرغم من المماطلة التي مارستها الحكومة، فقد تسربت مؤخراً أسماء بعض أعضاء منتدى الإسلام في فرنسا إلى مجلة الأخبار الفرنسية “لو بوان”، والتي كشفت عن أن عملاء بارزين من جماعة الإخوان المسلمين “تسللوا” إلى المنتدى. وأشار الصحافي كليمنت بيترو إلى “وجود العديد من المسؤولين التنفيذيين من اتحاد المنظمات الإسلامية السابق في منتدى الإسلام في فرنسا”. ويُعَد اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، الذي غير اسمه إلى “مسلمو فرنسا”، منظمة إسلامية بارزة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بجماعة الإخوان المسلمين.

من بين هؤلاء طارق أوبرو، “الإمام الأكبر” لبوردو، المولود في المغرب، والذي علم نفسه بنفسه، والذي قال إنه ترك اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا في عام 2018، بعد أكثر من ثلاثة عقود هناك، لكنه حافظ على روابط مع المجموعة “لمشاركة قناعاته وعمله”. ويواصل نشاطه في مجموعات مرتبطة بالإخوان المسلمين.

ومن بين خريجي اتحاد المنظمات الإسلامية الفرنسية الذين التحقوا الآن بمنتدى الإسلام في فرنسا عز الدين قاسي، وهو إمام مسجد عثمان في فيلوربان بالقرب من ليون، وهو جزائري المولد. وكان قاسي عضواً رئيساً في شبكة الإخوان المسلمين في فرنسا، ورفض التوقيع على ميثاق ماكرون لمبادئ الإسلام الفرنسي.

ومن بين الأعضاء الآخرين في المنتدى عبد الغني بن علي، إمام المسجد الكبير في سانت أوين سور سين، الذي تلقى مئات الآلاف من اليورو في شكل منح خيرية من الحكومة القطرية، وهو أيضاً مدرس في المعهد الأوربي للعلوم الإنسانية في باريس، وهو معهد إسلامي ممول من قطر ويوصف بأنه “أحد درر” جماعة الإخوان المسلمين.

ومن بين الأعضاء الآخرين في المنتدى عبد الحق نبوي، وهو رئيس المدرسة الوطنية للقيادات الدينية والعسكرية الممولة من قطر (إنكرام)، وهي المدرسة التي دربت مئات الأئمة الفرنسيين. وهو أيضاً عضو في الجمعية الإسلامية من أجل إسلام فرنسا (أميف)، وهي جماعة مقربة من جماعة الإخوان المسلمين.

ومن بين الإسلاميين الآخرين المتورطين مع المنتدى: شمس الدين حافظ، إمام المسجد الكبير في باريس، الذي تسيطر عليه الحكومة الجزائرية، والمولود في الجزائر؛ ومحمد موساوي، رئيس اتحاد المساجد الفرنسية، الذي تسيطر عليه الحكومة المغربية، والمولود في المغرب؛ وإبراهيم ألجي، رئيس لجنة تنسيق المسلمين الأتراك في فرنسا، الذي تسيطر عليه الحكومة التركية، والمولود في تركيا.

وهناك إسلامي آخر متورط بشكل مباشر مع منتدى الإسلام في فرنسا، وهو مراد دالي، الذي يشرف على مجموعة العمل الخاصة بالدعاة. وتصف أجهزة الاستخبارات الفرنسية دالي بأنه “سلفي جديد” (مزيج من السلفية والإسلاموية التي يتبناها الإخوان المسلمون)، وهو رئيس اتحاد الجمعيات الإسلامية في سان كونتين أون إيفلين، وهي جمعية تضم مساجد إسلامية في إيفلين، إحدى ضواحي باريس. وقد وثق السياسي الفرنسي داميان ريو التاريخ الطويل لهذه المساجد في معاداة السامية، والفصل بين الجنسين، والانفصالية الإسلامية، والثناء على الإخوان المسلمين.

وقد سجل الكاتب الفرنسي المغربي محمد لويزي، وهو عضو سابق في جماعة الإخوان المسلمين، ويكرس نفسه الآن لمحاربة استراتيجية الجماعة في أسلمة فرنسا، جهود الإخوان المسلمين التي استمرت لسنوات للسيطرة على التعيينات المهمة استراتيجياً لرجال الدين المسلمين في السجون الفرنسية، وهي الجهود التي شجعتها المؤسسة السياسية الفرنسية. ويقول إن الإخوان يمارسون الآن نفوذاً مماثلاً على منتدى الإسلام في فرنسا.

وأخيراً وليس آخراً، فإن ماريون لاليس، التي تم تعيينها مؤخراً منسقة للمفوضية الأوروبية لمكافحة الكراهية ضد المسلمين، هي عضو في مجموعة العمل التابعة لمنتدى الإسلام في فرنسا المختصة في “الأعمال المعادية للمسلمين”. وتقول الأكاديمية الفرنسية فلورنس بيرجود-بلاكلر، مؤلفة كتاب جديد عن جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا، إن جماعة الإخوان المسلمين “أملت” على لاليس الوصف الوظيفي لها، وحذرت من أن تعيينها “يصب في صالح استراتيجية الإخوان في اختراق مؤسسات الاتحاد الأوروبي والجامعات والمجتمع المدني”.

وخلص المراقبون إلى أنه من غير المرجح أن يغير المنتدى الجديد طبيعة الإسلام في فرنسا. وحذر كليمنت بيترو، الكاتب في صحيفة لو بوان، من أن “نفوذ جماعة الإخوان المسلمين لن يختفي مع هذه المنظمة الجديدة؛ لأن نفس الجهات الإسلاموية الفاعلة تعيد تقديم نفسها في واجهة جديدة”.

ووصف البروفيسور الفخري شارل أرامبورو منتدى الإسلام في فرنسا بأنه “ساحة لعب تقدمها الحكومة للإسلاميين”. وأضاف أن إسلام ماكرون في فرنسا “يُبنى بمساعدة الإسلاميين على جميع المستويات”. وخلص لويزي، الإخواني السابق، إلى أن الاعتماد على المنتدى الجديد، “حيث يعشش الإخوان المسلمون بالفعل، هو جنون وانتحار”.

الرابط:

https://www.meforum.org/64242/muslim-brotherhood-infiltrates-official-french

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى