تقارير ودراسات

إيران تستخدم المراكز الإسلامية الأجنبية لنشر الإرهاب والكراهية.. يجب على العالم إغلاقها

في الشهر الماضي، أعلنت ألمانيا أنها ستقوم بترحيل محمد هادي مفتح، المدير السابق للمركز الإسلامي الشيعي في هامبورغ، والذي أمرت السلطات المحلية بإغلاقه قبل خمسة أسابيع بتهمة نشر التطرف وارتباطاته المالية مع حزب الله.

بحسب السلطات الألمانية، كان مفتح يتلقى أوامر مباشرة من مكتب المرشد الأعلى الإيراني للترويج لرسائل متطرفة حول الحرب الحالية في غزة بين إسرائيل وحماس.

منذ أن حظرت ألمانيا حزب الله بصفته منظمة إرهابية قبل أربع سنوات، أغلقت ستة مراكز إسلامية مرتبطة بإيران ورحلت بعض مسؤوليها. في نوفمبر / تشرين الثاني 2022، طردت ألمانيا نائب مدير المركز الإسلامي الشيعي في هامبورغ. في يونيو / حزيران 2024، أمرت الحكومة الألمانية بترحيل مدير مركز آخر مقره برلين.

ينبغي للدول الأخرى أن تحذو حذو ألمانيا

بعد ما يقرب من أربعة عقود من النشاط غير المقيد تقريباً، انتشرت المراكز الثقافية والمساجد المدعومة من إيران خارج الشرق الأوسط. وقد نجحت في غرس الأفكار المتطرفة في عقول الآلاف من السكان المحليين، وتحويلهم إلى متطرفين، وتعبئتهم، وهم على النقيض من مفتح وزملائه، لا يمكن ترحيلهم.

ومن الأمثلة على ذلك: توجد مراكز مؤيدة لإيران في إيطاليا وإسبانيا وجنوب إفريقيا. ومديروها هم على التوالي من خريجي جامعة المصطفى العالمية المولودين في إيطاليا وإسبانيا وجنوب إفريقيا، وهم يروجون لروايات مؤيدة لإيران، وأخرى مؤيدة لحزب الله من خلال أنشطة مراكزهم.

وتشكل المساجد والمراكز الثقافية، التي يسيطر عليها المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي مباشرة، أو المرتبطة بجامعة المصطفى العالمية، وهي مؤسسة أكاديمية ظاهرياً تخضع أيضاً لسيطرة خامنئي المباشرة، معاقل النفوذ الأيديولوجي لإيران خارج حدودها.

وقد فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على جامعة المصطفى في عام 2020 بسبب دورها في جهود الدعاية الإيرانية، بما في ذلك دعم تدريب وتلقين الميليشيات الشيعية.

وبفضل ميزانية تزيد على 100 مليون دولار أمريكي سنوياً، والتي يوفرها مكتب المرشد الأعلى مباشرة، تمكنت جامعة المصطفى من تدريب عشرات الآلاف من المبعوثين، الذين يتم نشرهم الآن في الخارج للترويج لخطاب محور المقاومة الذي ترعاه إيران وتجنيد السكان المحليين لقضية ثورة الخميني. ويشكل إنشاء المساجد والمراكز الثقافية عنصراً أساسياً في هذا الجهد العالمي المعقد لنشر العلامة الثورية الإيرانية. وتعمل هذه المؤسسات كأماكن للعبادة والبحث الثقافي، ولكنها في واقع الأمر أدوات دعائية في حرب آيات الله ضد الغرب.

وبعيداً عن أوروبا، فإن المشكلة أكثر حدة، وهي أنه إذا كان بوسع الحكومات الأوروبية، بل وينبغي لها، أن تحذو حذو ألمانيا؛ لأنها تعتمد على تشريعات قوية لمكافحة الإرهاب، فإن بلدان أمريكا اللاتينية وإفريقيا لا تتمتع بإطار قانوني قوي يسمح لها باتخاذ إجراءات مماثلة، لذلك شبكات الدعاية الإيرانية نشطة للغاية هناك.

وبحسب بيان الموقف السنوي لعام 2015 الذي أصدره قائد القيادة الجنوبية الأميركية آنذاك، الجنرال جون كيلي، فقد أنشأت إيران بحلول ذلك الوقت أكثر من 80 مركزاً في نصف الكرة الأرضية الغربي. وقد تزايد هذا العدد منذ ذلك الحين. علاوة على ذلك، حدد تقرير منتدى الشرق الأوسط لعام 2018 17 فرعاً لجامعة المصطفى في إفريقيا، إلى جانب عشرات المدارس والمؤسسات الأخرى التابعة لها، وآلاف الطلاب والخريجين.

يعتمد نموذج الانتشار الذي تتبناه جامعة المصطفى على خريجيها بصفتهم أدوات للقوة. ويعود العديد منهم إلى بلدانهم الأصلية لفتح وإدارة مراكز جديدة، في حين تدعم جامعتهم الأم عملهم من مقرات إقليمية يرأسها مسؤولون إيرانيون. على سبيل المثال، لدى جامعة المصطفى مقر إقليمي يرأسه ممثلها الدائم، سيد مجتبى حسيني نجاد، في فنزويلا، وحرم جامعي في جوهانسبرغ يديره رجل دين من جنوب إفريقيا تلقى تدريبه في إيران. ويجتمع رجال الدين من المراكز المختلفة بشكل روتيني، وينسقون أنشطة الدعاية، في حين يسافر المبعوثون من وإلى إيران بانتظام.

في أبريل/ نيسان الماضي، اعتقلت سلطات الهجرة البرازيلية الشيخ روبن إدجاردو (المعروف أيضاً باسم سهيل أسعد)، وهو مبعوث دعائي إيراني رئيسي، لدى وصوله إلى ساو باولو بالبرازيل قادماً من الدوحة بقطر لحضور اجتماع في نصف الكرة الغربي لرجال الدين الإيرانيين وحزب الله. وتعتقد السلطات الفيدرالية البرازيلية أن أسعد مرتبط بحزب الله والحرس الثوري الإيراني. وعلى هذا الأساس، وضعت أسعد على متن أول طائرة متجهة إلى الدوحة ولن تسمح له بعد الآن بدخول البلاد.

ومع ذلك، في حين أن أسعد قد لا يزور البرازيل مرة أخرى، لا يزال هناك مجموعة قوية من رجال الدين الشيعة المدربين في جامعة المصطفى والذين يحملون الجنسية المحلية ويديرون مراكز في مختلف أنحاء المنطقة.

وقد درب أسعد العديد منهم، إلى جانب رئيسه الشيخ محسن رباني، المطلوب من قبل السلطات الأرجنتينية والإنتربول بسبب دوره في تفجير المركز الثقافي اليهودي في بوينس آيرس بواسطة سيارة مفخخة انتحارية في عام 1994، مما أسفر عن مقتل 85 شخصاً وإصابة أكثر من 200 آخرين.

والمشكلة أصبحت أكثر حدة الآن

منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ـ عندما قتلت حماس 1200 إسرائيلي، مما أدى إلى اندلاع صراع جديد في المنطقة ـ نشطت طهران ووكلاؤها في استغلال شبكاتهم في الخارج، بما في ذلك مراكزهم الثقافية والدينية، لتنفيذ هجمات إرهابية، وتأجيج موجة من الكراهية ضد الغرب في المجال العام.

في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أحبطت السلطات البرازيلية مخططاً لحزب الله لاستهداف مؤسسات يهودية في برازيليا، عاصمة البلاد. وكان الرجل الرئيس في المؤامرة، وهو عضو في حزب الله يحمل الجنسيتين السورية والبرازيلية، والذي سعى إلى تجنيد مواطنين برازيليين ذوي خلفية إجرامية، له دور فعال في إنشاء المركز الثقافي الإيراني في برازيليا مؤخراً، وكان على علاقة وثيقة بأحد المتحولين الشيعة البارزين في البرازيل المرتبطين بإيران، وبرجل دين شيعي يعمل في مسجد في ساو باولو تابع لحزب الله.

وفي أغسطس/ آب، ألقي القبض على مواطن طاجيكي من خريجي جامعة المصطفى في آسيا الوسطى، حيث كان يخطط لشن هجمات إرهابية. كما ظهرت مؤامرات أخرى في فرنسا وألمانيا، حيث اتبع وكلاء إيرانيون محليون نفس الأسلوب في العمل وسعوا إلى تجنيد المجرمين لتنفيذ هجمات إرهابية.

في هذه المرحلة الحرجة، يتعين على الحكومات أن تبذل المزيد من الجهود. إن تقليل مخاطر الهجمات الإرهابية لا يتطلب إحباط المؤامرات النشطة فحسب، بل يتطلب أيضاً القضاء على الجهود الرامية إلى تطرف الجماهير المستهدفة وتحريضها.

إن إغلاق المراكز الشيعية المرتبطة بإيران وحزب الله، كما فعلت ألمانيا؛ ومنع دخول المبعوثين الدينيين الإيرانيين، كما فعلت البرازيل؛ ومراقبة محتوى الخطب والأدبيات والمواد الدعوية من قبل المراكز الثقافية التابعة لإيران، كلها خطوات عاجلة يجب على الحكومات الغربية اتخاذها لحماية مواطنيها من الإرهاب المدعوم من إيران.

لقد اتخذت الحكومات الغربية إجراءات مماثلة بشكل روتيني في الماضي، عندما كان التهديد من تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في أوجه. وليس هناك من سبب يمنعها من القيام بنفس الشيء مع إيران ووكلائها والشبكة المعقدة من المؤسسات الثقافية والدينية التي تستخدمها لنشر التطرف الإيراني.

إيمانويل أوتولينغي*

الرابط: 

https://www.fdd.org/analysis/2024/09/18/iran-is-using-foreign-islamic-centers-to-spread-terror-and-hatred-the-world-must-close-them/

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* زميل أول في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة بحثية غير حزبية مقرها واشنطن العاصمة تركز على الأمن القومي والسياسة الخارجية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى