الشخصيات

إبراهيم رئيسي

كان إبراهيم رئيسي رئيساً لإيران من يونيو / حزيران 2021 حتى وفاته في مايو / أيار 2024. وقد شغل سابقاً منصب رئيس السلطة القضائية الإيرانية ونائب رئيس مجلس الخبراء، المسؤول عن خلافة المرشد الأعلى. كان رئيسي متشدّداً دينياً وسياسياً، وقد جعله إخلاصه للنظام وعلاقته الوثيقة مع المرشد الأعلى علي خامنئي خليفة محتملاً له. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على رئيسي في عام 2019 بعد تعيينه لقيادة السلطة القضائية الإيرانية المتهمة بتعذيب وإساءة معاملة السجناء. فاز بالانتخابات الرئاسية الإيرانية في يونيو/ حزيران 2021، والتي قال العديد من المراقبين إنها كانت مصممة لصالحه، توفي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر في 19 مايو / أيار 2024.

مع سيطرته على إيران خلال الثورة الإسلامية عام 1979، وضع روح الله الخميني عقيدة إسلامية جديدة أصبحت تعرف باسم “الخمينية”. بعد الثورة، زُعم أن رئيسي المراهق (ولد عام 1960) كان واحداً من 70 طالباً تم اختيارهم للمشاركة في دورات حول الحكم والسياسة الخمينية. خلال هذه الدورات، التقى رئيسي للمرة الأولى بخامنئي، الذي كان أحد المدربين، ثم أصبح كاتباً قانونياً في كرج. وفي سن العشرين، أصبح المدعي العام لمنطقة كرج، ثم انتقل بعد ذلك إلى منصب نائب المدعي العام ثم المدعي العام في طهران، الذي شغله حتى عام 1994. وتميزت فترة ولاية رئيسي بالإعدام الجماعي للمعارضين السياسيين؛ ففي صيف عام 1988، على سبيل المثال، أشرف رئيسي على إعدام ما يقدر بنحو 5000 سجين سياسي بأوامر من الخميني. وبحسب التقارير، لفت رئيسي انتباه الخميني، الذي عينه قاضياً في سجن إيفين، المنشأة الرئيسة للسجناء السياسيين في إيران. واتهمت منظمة العفو الدولية رئيسي بأنه جزء من “لجنة الموت”، وهي لجنة مكونة من أربعة قضاة أشرفت على أحكام الإعدام السرية لنحو 5000 سجين مدفونين في مقابر جماعية “تخفيها السلطات الإيرانية بشكل منهجي”. وبعد أن شغل منصب المدعي العام في طهران، أمضى رئيسي 10 سنوات كرئيس لمكتب التفتيش العام في إيران. اشتهرت فترة ولايته بتشدده في مكافحة الفساد،

واستمرت مسيرته المهنية في الصعود في عهد خامنئي، خليفة الخميني. وبعد أن بدأ عمله القانوني، تزوج رئيسي من ابنة المتشدد في النظام آية الله علم الهدى. استفاد رئيسي من العلاقة الوثيقة التي شكلها مع خامنئي بعد صعود الأخير إلى منصب المرشد الأعلى في عام 1989. وفي عام 2004، تولى منصب النائب الأول لرئيس المحكمة العليا في السلطة القضائية الإيرانية. وفي عام 2006، انضم إلى مجلس الخبراء الإيراني. وفي عام 2013، أصبح رئيسي المدعي العام الرئيس للمحكمة الخاصة لرجال الدين، وهو المكتب الذي يعاقب الأصوات المعارضة بين الطبقة الدينية في إيران. وفي عام 2014، بدأ فترة ولاية مدتها عامين كمدعي عام في إيران. وفي عام 2016، عينه خامنئي رئيساً لآستان القدس الرضوية، التي تشرف على مؤسسة دينية بمليارات الدولارات تدير التبرعات لضريح إيمان رضا في مدينة مشهد، وقد أثار تعيينه في هذا المنصب بالذات تكهنات بأن خامنئي يفضله؛ لأن الضريح هو أقدس مواقع الحج الشيعية في إيران ومصدر ثابت للدخل للبلاد.

وسعى رئيسي للاستفادة من حظوظه في النظام من خلال تحدي الرئيس الأكثر اعتدالاً حسن روحاني في الانتخابات الإيرانية في مايو/ أيار 2017. وألقى باللوم على مفاوضات روحاني النووية مع الغرب في إضعاف مكانة إيران العالمية والمحلية. وعلى وجه الخصوص، هاجم رئيسي روحاني بشأن سياسته الاقتصادية وادعى أن اقتصاد إيران استمر في التراجع، حتى بعد التفاوض على اتفاق مع القوى الغربية لرفع العقوبات الاقتصادية مقابل الحد من التطوير النووي للبلاد. وفاز روحاني بإعادة انتخابه بأكثر من 23 مليون صوت مقابل 15.8 مليون صوت لرئيسي. لكن الخسارة لم تقلل من مكانته لدى خامنئي. في 7 مارس / آذار 2019، عين خامنئي رئيسي رئيساً للسلطة القضائية الإيرانية خلفاً لآية الله صادق آملي لاريجاني، واستمر التعيين لمدة خمس سنوات. وبعد أقل من أسبوع، تم انتخاب رئيسي نائباً لرئيس مجلس الخبراء.

وأظهر تعيين رئيسي رئيسا للسلطة القضائية ونائب رئيس مجلس الخبراء مدى قربه من خامنئي. إن وجوده المستمر في الحكومة الإيرانية وموقعه المتقدم بصفته أحد رجال خامنئي، جعل منه أحد أبرز المرشحين المتوقعين لخلافته في منصب المرشد الأعلى وفقاً لمراقبين إقليميين.

وترشح رئيسي مرة أخرى لرئاسة إيران في يونيو/ حزيران 2021، ووعد بمحاربة الفساد. وعلى عكس ما حدث في عام 2017، حصل على دعم كبير من النظام. وتم منع مرشحين بارزين آخرين من خوض الانتخابات، مما جعله هو المرشح الرئيس المفضل لدى الحكومة للفوز في السباق. وافترض مراقبو الانتخابات أن الانتخابات كانت مصممة لصالحه. وبدا فوز رئيسي مؤكداً مع تصويت الإيرانيين في 18 يونيو/ حزيران 2021. وتم إعلان فوزه في 19 يونيو/ حزيران بنسبة 62 بالمئة من الأصوات. ووعد بـ “تشكيل حكومة نضالية ثورية لمكافحة الفساد”. وفي إشارة إلى علاقة رئيس بانتهاكات حقوق الإنسان في السجون الإيرانية، وصفت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنتيس كالامار انتخابه بأنه “تذكير قاتم بأن الإفلات من العقاب هو السائد في إيران”. وفي 21 يونيو/ حزيران، دعا رئيسي الولايات المتحدة إلى العودة إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع إيران، والذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عام 2018. وفي الوقت نفسه، قال رئيسي إنه لن يلتقي بالرئيس جو بايدن حتى لو عادت الولايات المتحدة إلى الاتفاق.

في 3 غشت / آب 2021، أيد خامنئي رسمياً رئيسي بصفته الرئيس القادم لإيران خلال حفل أقيم في طهران. وتعهد رئيسي بمواصلة المحادثات النووية الدولية، كما وعد باتخاذ خطوات جادة لرفع العقوبات الأمريكية “الاستبدادية” عن إيران. أدى رئيسي اليمين كرئيس في 5 غشت / آب. وحضر حفل التنصيب زعيم حماس إسماعيل هنية وزعيم الجهاد الإسلامي الفلسطيني زياد النخالة. وبعد أن أدى اليمين الدستورية، دعا إلى رفع جميع “العقوبات الأمريكية غير القانونية ضد الأمة الإيرانية”، وأعرب عن دعمه “لأي خطط دبلوماسية” لرفع العقوبات.

وفي حين تعهد رئيسي بمواصلة دعم إيران للفلسطينيين ضد إسرائيل، ندد بالتطبيع ووصفه بأنه طعنة للفلسطينيين في الظهر. خلال مكالمة هاتفية في 9 أبريل / نيسان 2023 مع الرئيس السوري بشار الأسد، أعلن رئيسي أن الرأي العام العالمي يتحول بعيداً عن إسرائيل نحو ما يسمى بمحور المقاومة الإيراني. وفي مكالمة هاتفية يوم 13 أبريل/ نيسان مع رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، أعرب رئيسي عن رغبته في رؤية جبهة إسلامية موحدة تنهي ما أسماه الفظائع الصهيونية. وفي 14 أبريل/ نيسان، خاطب مسلحين في قطاع غزة خلال تجمع افتراضي بمناسبة يوم القدس السنوي في إيران. وفي خطابه الأول الموجه إلى قطاع غزة، شجع أعضاء حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني على مواصلة نضالهم العنيف ضد إسرائيل. وقال للمسلحين إن “مبادرة تقرير المصير أصبحت اليوم في أيدي المقاتلين الفلسطينيين”.

في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، شنت حماس هجوما مفاجئاً واسع النطاق على إسرائيل، فاجتاحت الحدود بمسلحين وأطلقت آلاف الصواريخ. وأدى الهجوم إلى مقتل 1200 شخص، بينما احتجزت حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين أكثر من 240 آخرين كرهائن. في 9 أكتوبر / تشرين الأول، أجرى رئيسي مكالمة هاتفية مع نخالة من الجهاد الإسلامي في فلسطين، أشاد خلالها بـ “لانتصارات الرائعة والمثيرة للإعجاب” لـ “المقاومة الفلسطينية”. ونفت إيران أي دور لها في الهجوم، وقالت الحكومة الأمريكية في البداية إنها لم تر دليلاً على تورط إيراني مباشر. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن عدة مصادر رفيعة المستوى في حماس وحزب الله أكدت مشاركة مسؤولي الحرس الثوري الإيراني في التخطيط للهجوم في اجتماعات عقدت في بيروت في غشت / آب 2023. ووفقاً لهؤلاء المسؤولين، أعطى الحرس الثوري الإيراني الضوء الأخضر للهجوم في سبتمبر / أيلول. في أعقاب 7 أكتوبر / تشرين الأول، أعلنت إسرائيل الحرب على حماس، وأطلقت عملية “سيوف من حديد” لاقتلاع الحركة المسلحة من قطاع غزة. وزعم رئيسي أن ردّ إسرائيل “قد يجبر الجميع على التحرك”.

وفي اجتماع في ديسمبر/ كانون الأول 2023 مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اتهم رئيسي إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة. وفي اجتماعه مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 23 يناير / كانون الثاني 2024، دعا المجتمع الدولي إلى فرض حصار اقتصادي على إسرائيل. وخلال اجتماع في 27 مارس/ آذار 2024 مع زعيم حماس إسماعيل هنية، هنأ رئيسي حماس على هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول، وانتقد الولايات المتحدة لدعمها لإسرائيل ووصف التحركات الدبلوماسية للولايات المتحدة وإسرائيل بأنها “خادعة”. وزعم كذلك أن الدول العربية التي طبعت علاقاتها مع إسرائيل أصبحت الآن “نادمة”.

في 13 أبريل / نيسان 2024، أطلقت إيران مئات الطائرات من دون طيار والصواريخ باتجاه إسرائيل. أسقطت إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا والقوات الإقليمية معظم الصواريخ، مما تسبب في أضرار طفيفة لقاعدة عسكرية إسرائيلية وإصابة طفل في جنوب إسرائيل. وفي اليوم التالي للهجوم، أشاد رئيسي بالحرس الثوري الإيراني ووصف الهجوم بأنه “درس للعدو الصهيوني”، وهدد كذلك بـ “رد حاسم وأقوى بكثير” إذا قامت إسرائيل بالانتقام. وزعم أن الهجوم الإيراني كان محدوداً، وأنه إذا أرادت إيران تنفيذ هجوم أكبر، “فلن يبقى شيء من النظام الصهيوني”.

في 19 أبريل / نيسان 2024، شنت إسرائيل غارة بطائرة من دون طيار على قاعدة عسكرية في أصفهان بإيران. وزعم مسؤولون إيرانيون أن الانفجارات التي سمعت حول أصفهان نتجت عن ضرب الدفاعات الجوية الإيرانية للطائرات من دون طيار. ووصف النظام الإيراني الحادث بأنه هجوم من قبل “مندسين”. وفي نفس وقت الضربة على إيران، أطلقت إسرائيل صواريخ باتجاه موقع دفاع جوي سوري، مما تسبب في أضرار مادية. في 22 أبريل / نيسان، بدأ رئيسي زيارة دولة إلى باكستان باتهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة بدعم من الولايات المتحدة. وخلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، دعا رئيسي إسرائيل إلى قبول وقف فوري لإطلاق النار.

في 19 مايو / أيار 2024، تحطمت طائرة هليكوبتر تقلّ رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان وستة ركاب آخرين وطاقمها في منطقة ورزكان بالقرب من الحدود الأذربيجانية. وكان المسؤولون عائدين من زيارة دولة لأذربيجان. وذكرت التقارير أن الظروف الجوية السيئة هي سبب الحادث. وأكدت إيران وفاة رئيسي في اليوم التالي، بعد انتشال حطام الطائرة أثناء هطول الأمطار الغزيرة والعواصف الثلجية والتضاريس الصعبة في المنطقة الجبلية. وفي 20 مايو / أيار، أعلن خامنئي الحداد لمدة خمسة أيام على رئيسي. وعين النائب الأول للرئيس محمد مخبر رئيساً مؤقتاً. وتم تعيين نائب وزير الخارجية علي باقري كاني وزيراً للخارجية بالوكالة. وبموجب القانون الإيراني، يجب إجراء انتخابات رئاسية جديدة في غضون 50 يوماً. ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيسي بأنه “صديق حقيقي لروسيا”، في حين أرسل زعماء المملكة العربية السعودية ولبنان والعراق ومصر ودول الشرق الأوسط الأخرى رسائل تعازي إلى طهران.

زر الذهاب إلى الأعلى