نعيم قاسم: حزب الله لن يسلّم سلاحه

أمام لبنان فرصة تاريخية نادرة لنزع سلاح حزب الله يأمل معظم اللبنانيين أن تتمكن حكومتهم من استغلالها. ويعزز هذه الفرصة إصرار الرئيس جوزيف عون على حصر استخدام القوة بيد الدولة، ودعوة حكومة رئيس الوزراء نواف سلام إلى وضع استراتيجية دفاع وطني تخلص لبنان نهائياً من آخر الميليشيات التي عصفت به لعقود.
ومع ذلك، لا أحد يتوقع أن يتخلّى حزب الله عن سلاحه طواعية. فترسانة الحزب تعد جوهر هويته ومصدراً رئيساً للدعم الشيعي اللبناني. وفي خطابه الأخير، يوم الجمعة 18 أبريل/ نيسان، سعى الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، إلى تقويض أي أمل في نزع سلاح جماعته. وأكد قاسم مجدداً أن احتكار الدولة اللبنانية للسلاح لن يؤثر على ترسانة حزب الله الخاصة، وأن الحزب سيبقى مسلّحاً ومندمجاً بشكل كامل في استراتيجية الدفاع الوطني اللبناني بمجرد بدء المناقشات حولها.
وبرر قاسم موقفه بأن لبنان، على ضعفه، بحاجة إلى المقاومة لمواجهة تهديدات إسرائيل واحتلالها لأراضيه. ويتطلب الوضع حشد “جميع الإمكانات المتاحة”، بما في ذلك “الجيش والشعب والمقاومة”، مشيراً إلى أن دور حزب الله هو أن يكون سنداً للجيش اللبناني، “مسانداً ومؤازراً له، ونقطة انطلاق لتوجيه الطاقات الشعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي”.
وأكد قاسم أن احتلال إسرائيل للأراضي اللبنانية “لا ينفصل” عن احتلالها لفلسطين؛ لأن إسرائيل “توسعية” وتسعى أيضاً إلى احتلال لبنان. لذلك، فإن عقيدة حزب الله وحسه الوطني اللبناني يحتمان عليه الاحتفاظ بسلاحه وتوسيع نطاق مقاومته لتحرير “فلسطين المحتلة”.
وجادل قاسم بأن المقاومة تعمل من خلال انتصارات تدريجية – مثل انتصارات حزب الله على إسرائيل في أعوام 1985 و2000 و2006. وقال إن هذه الانتصارات “أدت إلى النصر الكبير” في الحرب الأخيرة من خلال “إيقاف إسرائيل وراء الحدود اللبنانية ومنعها من الوصول إلى الليطاني أو بيروت أو تحقيق أي من أهدافها”. وجادل أيضاً بأن “إنجازات المقاومة العظيمة والواعدة” وحدها هي التي حققت هذه النتيجة، وهي القادرة على تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي. لذلك، لا ينبغي أن يركز الخطاب [الشعبي] العام على خسائر وشهداء حزب الله ولبنان خلال أي من هذه الاشتباكات، بل على إنجازات الجماعة.
ودافع قاسم عن حزب الله، بصفته الضحية في الحرب الأخيرة، وقال إنه لا ينبغي مساءلة الحزب عن تعرضه لهجمات إسرائيلية، بل عن مدى صموده أمام هذه الهجمات. وأصر قاسم على أن حزب الله ظل صامداً حتى بعد انحسار غبار الصراع، وأن صموده وحده هو ما أجبر “إسرائيل على الموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني”. لذلك، اعتبر أن “المقاومة كانت على قدر المسؤولية” و”ضربت مثالاً يُحتذى به يشهد له العالم أجمع”.
واعتبر قاسم أن دعوات نزع سلاح حزب الله بالقوة “تقدم خدمة مجانية لإسرائيل”؛ لأن جيشها “لم ينتزع ولا قطعة سلاح واحدة [من الحزب]”. وأضاف أن هذه الدعوات ستفشل أيضاً في تأجيج الصراع والقتال [المخطط له] بين حزب الله والجيش اللبناني؛ لأن القوتين “يجمعهما تفاهم متبادل، وتتعاونان، وهما في خندق واحد ضد العدو الإسرائيلي”. كما اتهم خصوم الحزب في الداخل باستغلال دعوات نزع السلاح لتعزيز مساعيهم للسيطرة على الدولة اللبنانية بدعم أمريكي. وأضاف قاسم أنه بينما “يسعى نزع السلاح إلى تحقيق هذه الأهداف”، فإن خصوم الحزب “يحملون أنفسهم فوق طاقتهم”.
وتابع: “لن نسمح لأحد بالاستيلاء على سلاح حزب الله أو المقاومة؛ لأن حزب الله والمقاومة شيء واحد. يجب وضع مفهوم نزع السلاح جانباً. لن نسمح لأحد بنزع سلاح المقاومة؛ لأن هذا السلاح هو الذي يحمي المقاومة… سنواجه كل من يعتدي على المقاومة أو يسعى لنزع سلاحها كما واجهنا إسرائيل، سواءً كانت أمريكا أو أتباعها”.
وقال إن على لبنان الآن التركيز على مواجهة إسرائيل، محذراً “أي أحد من الانخراط في هذه اللعبة” المتمثلة في السعي لنزع سلاح حزب الله. وبدا قاسم واثقاً من أن المناخ السياسي في لبنان يصبّ في مصلحة الحزب، “على مستوى الدولة والجيش والفصائل السياسية”، مشيراً إلى أن “لا أحد يتحدث عن نزع سلاح حزب الله بالقوة”.
