تقارير ودراسات

في رسم خرائط الجهاد الرقمي

فهم بنية وتطور المنظومة المعلوماتية للقاعدة على شبكة الإنترنت المرئية

يناقش هذا المقال، الذي يجمع بين تحليل شبكات التواصل الاجتماعي والاستخبارات مفتوحة المصدر، وظائف وبنية وتطور المنظومة المعلوماتية للقاعدة على شبكة الإنترنت المرئية في النصف الثاني من سنة 2023. ويذكر المقال أنه على الرغم من تفضيل تطبيق “روكيت شات” كقناة تواصل أساسية، فقد طورت هذه المنظمة الإرهابية شبكة نشر دعاية واسعة النطاق وقوية يمكن اكتشافها من خلال شبكة الإنترنت المرئية. وقد اعتمدت المنظومة المؤيدة للقاعدة على طبقة التواصل عبر الإنترنت هذه بشكل أساسي على مواقع الويب المستقلة ولوحات الرسائل والمدونات، المترابطة مع مجموعة واسعة من خدمات تبادل الملفات والقنوات على تطبيقات التواصل المشفرة. وبصرف النظر عن ذلك، أظهرت الجماعة نشاطًا محدودًا على وسائل التواصل الاجتماعي البارزة. في النصف الثاني من سنة 2023، أظهرت الجماعة مرونة في إزالة المحتوى، حيث استمرت معظم المجالات الرئيسة المستخدمة لنشر الدعاية في العمل تحت نفس محدد موقع الموارد المُوحّد ‘URL’ أو العمل على تغييرها.

تظهر هذه الدراسة أنه على النقيض من تنظيم الدولة الإسلامية، كانت المنظومة المعلوماتية لتنظيم القاعدة لامركزية إلى حد كبير، وهو ما كان مردّه في المقام الأول للمقاربات المتباينة لفروعه للحفاظ على وجوده في هذه البيئة، كما يمكن اعتبار غياب المركزية على مستوى شبكة نشر الدعاية في تنظيم القاعدة ذات مزايا وعيوب في نفس الوقت. من ناحية؛ لأن ذلك يزيد من قدرتها على الصمود في مواجهة عمليات إزالة المحتوى. ومع ذلك، من ناحية أخرى، فإنه يوضح أيضًا الافتقار إلى التنسيق بين الفروع، مما يقلل من كفاءة عملياتها الإعلامية ومدى وصولها.

مقدمة

يعدّ تنظيم القاعدة أحد أوائل المنظمات الإرهابية التي بدأت في استخدام الإنترنت لتشجيع تطرف متتبعيها وإلهامهم وتجنيدهم. وقد تطورت أنشطة التنظيم في هذا المجال، والتي يعود تاريخها إلى تسعينيات القرن العشرين، بشكل كبير مع مرور الوقت. وخلال الحرب على الإرهاب، قاد تنظيم القاعدة تطوير الدعاية الإرهابية عبر الإنترنت في العديد من الجوانب؛ إذ قام، من جملة أمور أخرى، بإدخال أشكال جديدة للتأثير على الجماهير عبر الإنترنت، كما أظهر ذلك أبو مصعب الزرقاوي في تنظيم القاعدة في العراق. وكان أيضًا أحد أوائل من جربوا قنوات جديدة لنشر الدعاية.

وبسبب هذه الميزات، أثار التواصل الاستراتيجي لتنظيم القاعدة عبر الإنترنت اهتماماً كبيراً من قبل الأوساط الأكاديمية. ومنذ بداية القرن الحادي والعشرين، قام باحثون يمثلون مجالات متنوعة بتحليل هذه الظاهرة من زوايا متعددة. وقد ركز العديد من الباحثين على فهم ما نشرته القاعدة، وكيف أدت هذه الإنتاجات إلى تطرف الجماهير وإلهامها عبر الإنترنت. وكان آخرون أكثر ميلاً لاستكشاف القوى التي تقف وراء آلة الدعاية الخاصة بها. كما تم تكريس اهتمام ملحوظ لفهم بعض الأنواع المميزة من دعاية القاعدة، مثل سلسلة كتيبات الإرهاب والمجلات الإلكترونية. ومع ذلك، في وفرة الإصدارات المتعلقة بالاتصالات الاستراتيجية للقاعدة، ركز عدد قليل نسبيًا من المنشورات على فهم بنية شبكات نشر الدعاية الخاصة بها وميزاتها الأساسية وتطورها. وفي حين نُشرت مثل هذه الأعمال في مرحلة ما قبل قيام الدولة الإسلامية، إلا أن القليل من الدراسات المهمة حاولت القيام بذلك في السنوات الأخيرة. وهو ما يتعارض مع مقدار الاهتمام في المجال الفرعي للإرهاب عبر الإنترنت والعنف السياسي المتصل به، على سبيل المثال، لرسم خرائط المنظومات المعلوماتية التي تتوفر عليها المنظمات العنيفة اليمينية المتطرفة والدولة الإسلامية. في حقيقة الأمر، لدينا فهم محدود لكيفية نشر القاعدة لدعايتها بالضبط اليوم وكيفية الحد منها.

تهدف هذه الدراسة إلى سد هذه الفجوة في البحث، وهي ذات ثلاثة أهداف علمية؛ أولاً، تحديد قنوات التواصل التي يستغلها تنظيم القاعدة وأتباعه على شبكة الإنترنت المرئية في النصف الثاني من سنة 2023 وفهم وظائفها الرئيسة. ثانيًا، رسم خريطة لبنية المنظومة المعلوماتية المؤيدة لتنظيم القاعدة في هذه البيئة واستكشاف عناصرها الحاسمة المسؤولة عن نشر الدعاية. ثالثًا، فهم تطور شبكة نشر الدعاية الخاصة بتنظيم القاعدة التي تم اكتشافها على مدى ستة أشهر، مما يتيح قياس حيويتها وقدرتها على الصمود.

لتحقيق هذه الأهداف، تستغل هذه الدراسة مزيجًا من الاستخبارات مفتوحة المصدر وتحليل شبكات التواصل الاجتماعي والتحليل المقارن. وتركز على قنوات التواصل المتاحة على شبكة الإنترنت المرئية أو التي يمكن اكتشافها منها، حيث توفر هذه الطبقة من الاتصالات عبر الإنترنت أسهل وأوسع ولوج إلى الدعاية الإرهابية. تم جمع البيانات التي تمت مناقشتها في هذه الورقة بين فاتح يوليوز و31 ديسمبر 2023.

ينقسم مقال البحث هذا إلى خمسة أقسام؛ يقدم القسم الأول نظرة عامة موجزة على الدراسات الأكثر أهمية حول استغلال تنظيم القاعدة لشبكة الإنترنت المرئية لنشر الدعاية. ويغطي القسم الثاني بالتفصيل منهجية هذا المشروع البحثي، بما في ذلك أساليب الاستخبارات مفتوحة المصدر المستخدمة والأساليب المستخدمة في تحليل الشبكات الاجتماعية. ويناقش القسم الثالث البيانات الكمية الأساسية التي جمعتها هذه الدراسة من منظور مقارن. ويقدم معلومات عن كمية وأنواع قنوات نشر الدعاية التي تم تحديدها في يوليوز وديسمبر 2023. ويستكشف الجزء الرابع بنية وترابط المنظومة المعلوماتية لتنظيم القاعدة على شبكة الإنترنت المرئية التي تمت إزاحة الستار عنها في يوليوز 2023. ويسلط القسم الأخير الضوء على التغييرات الحاسمة التي تم إدخالها على هذه المنظومة طوال فترة ستة أشهر.

ماذا نعرف عن استخدام القاعدة للإنترنيت المرئي؟

كانت شبكات نشر الدعاية التابعة للقاعدة في المقام الأول موضوعاً لتحليلات علمية في أوج الحرب على الإرهاب. وكان وايمان من أوائل من قاموا بذلك، حيث قام بإدراج قنوات التواصل التي استخدمتها الجماعة في بداية القرن الحادي والعشرين والتحقيق فيها. وقد غطت تحليلاته صفحات الويب الشهيرة التي تديرها القاعدة في ذلك الوقت، مثل alneda.com وjihagunspun.net وaloswa.org وislammemo.com وjehad.net. وفي السنوات الموالية، انكب العديد من الأكاديميين المعروفين، مثل ريدل وزيلين وأوان وكونواي، على دراسة جوانب مختلفة من استغلال القاعدة لمواقع الويب المستقلة ولوحات الرسائل. وقد قُدِّر حجم المنظومة المعلوماتية للسلفية الجهادية ــ التي تهيمن عليها القاعدة ــ بنحو أربعة آلاف نطاق ما بين عامي 2000 و2005. ولسوء الحظ أنه بسبب الافتقار إلى قواعد البيانات المتاحة للعامة من هذه الفترة، فإننا لا نعرف إلا القليل عن كيفية عمل هذه الشبكة بالضبط، وحجمها الدقيق في وقت معين، وإمكانية الولوج إليها، وكيف استجابت لعمليات إزالة المحتوى. وبمرور الوقت، وبسبب الاعتقاد بأن المواقع التقليدية كانت في انحدار، بدأ اهتمام الأكاديميين يتحول بشكل متزايد نحو استكشاف هجرة القاعدة إلى منصات التواصل الاجتماعي. ووصفت أوراق فايمان وكلاوسن وويست وتوريس سوريانو جوانب مختلفة من هذه العملية البارزة.

منذ عام 2014، أولى الوسط العلمي الذي يدرس التواصل الإرهابي عبر الإنترنت اهتماما أقل بشكل واضح لتحليل العمليات الإعلامية للقاعدة على الإنترنت. وكان السبب الرئيس وراء ذلك هو إطلاق تنظيم الدولة الإسلامية لحملة الدعاية “الصدمة والرعب”. وفي الواقع أن الخطاب الأكاديمي في هذا المجال الفرعي كانت تهيمن عليه لعدة سنوات دراسات تستكشف جوانب مختلفة من أنشطة تنظيم الدولة الإسلامية على الإنترنت. وكثيراً ما قارنت هذه الدراسات التي شملت تنظيم القاعدة عمليات هذا الأخير على الإنترنت بتلك التي ينفذها تنظيم الدولة الإسلامية. وبعد سقوط تنظيم الدولة الإسلامية كمنظمة إقليمية، بدأت تهيمن على أبحاث الإرهاب والعنف السياسي على الإنترنت دراسات تركز على استخدام المتطرفين العنيفين من اليمين المتطرف لمنصات مختلفة على الإنترنت، بما في ذلك في المقام الأول تطبيقات وخدمات المراسلة التي يستخدمها لاعبو ألعاب الفيديو.

وفي الواقع، لم تحظ أنشطة تنظيم القاعدة على الإنترنت إلا بقدر ضئيل من الاهتمام من قبل الوسط الأكاديمي في العقد الماضي. ونحن لا نعرف إلا القليل عن نطاق وبنية وتطور المنظومة المعلوماتية منذ إطلاق حملة الدعاية التي يقودها تنظيم الدولة الإسلامية. وهذا واضح بشكل خاص فيما يتصل بحضور تنظيم القاعدة على شبكة الإنترنت المرئية، والذي ظل غير مدروس على النحو اللائق لسنوات. وقد لخص كونواي ولوني هذا الاتجاه بدقة، حيث قالا إن “المواقع الإرهابية لم تختف حقًا، بل تم تجاهلها لمدة عقد من الزمان من قبل الباحثين وغيرهم بسبب تضييق التركيز بشكل غير مبرر على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الآونة الأخيرة، على تطبيقات المراسلة والمساحات الإلكترونية المجاورة”.

في هذا السياق، نشر عدد قليل من الأوراق الأكاديمية الأحدث في المجلات المعروفة، والتي تتناول وجود القاعدة على شبكة الإنترنت المرئية وخارجها. في سنة 2017، نشر رودنر ورقة حاولت فهم كيفية استغلال هذه المنظمة الإرهابية لمنصات الإنترنت المختلفة، بدءًا من لوحات الرسائل إلى فيسبوك وتويتر. وقد لاحظت دراسته هجرة السلفيين الجهاديين من شبكة الويب العالمية نحو وسائل التواصل الاجتماعي، ولكنها أكدت مع ذلك على أهمية المواقع الإلكترونية التي يديرها الإرهابيون. في عام 2021، نشر كل من نسيبيا وليموري تحليلاً قيماً لاستراتيجية نشر الدعاية الخاصة بالقاعدة، على الرغم من أنها ركزت في المقام الأول على تطبيقات التراسل الفوري المشفرة مثل واتساب وروكيت شات. وقد لاحظوا أنه “في حين أن مجموعات القاعدة موجودة على تلغلرام وواتساب وريوت ومايندز، فإن عدد المشتركين على هذه المنصات لا يمثل سوى جزء ضئيل من عدد المستخدمين على روكيت شات”. كما نشر تانيجا وثاكار مؤخرًا تقارير مهمة حول جوانب مختلفة من الدعاية عبر الإنترنت للقاعدة. قارن تانيجا دعاية القاعدة والدولة الإسلامية المتعلقة بالتوترات بين الهندوس والمسلمين. من ناحية أخرى، ركزت ثاكار على تطوير قدرات القاعدة في تنفيذ حملات الدعاية العالمية. كما لاحظت أن القاعدة استفادت من “جهود أجهزة الاستخبارات والأمن لحذف مجموعات وسائل الإعلام التابعة للدولة الإسلامية من على منصات الوسائط الاجتماعية والمشفرة”. في هذا السياق، وفي حين قدمت كل هذه الدراسات رؤى قيمة، لم يسمح أي منها بفهم أفضل لحجم وبنية ووظائف المنظومة المعلوماتية للقاعدة على شبكة الإنترنت المرئية.

المنهجية

كما أكدنا أعلاه، تهدف هذه الدراسة إلى سد هذه الفجوة في البحث الأكاديمي من خلال تقديم صورة مفصلة عن المنظومة المعلوماتية التابعة لتنظيم القاعدة، والتي يمكن اكتشافها على شبكة الإنترنت المرئية ومن خلالها في النصف الثاني من عام 2023. ولتحقيق هذه الغاية، استندت الدراسة إلى الجمع بين الاستخبارات مفتوحة المصدر والتحليل المقارن وتحليل الشبكات الاجتماعية. واستندت وسائل الاستخبارات مفتوحة المصدر في المقام الأول إلى ما يسمى “Google dorks”، وهي مجموعة من الأساليب التي تسمح بتعظيم نتائج البحث استنادًا إلى استخدام الخيارات والمشغلات المتقدمة في محرك بحث جوجل. كما تم استخدام محركات بحث أخرى، بما في ذلك Bing وYahoo وBaidu وYandex وDuckDuckGo، بطريقة مماثلة.

كما كانت هناك عدة طرائق مميزة لإجراء عمليات بحث متقدمة عن محددات موقع الموارد المُوحّد URL المرتبطة بتنظيم القاعدة. في البداية، استخدم هذا الجزء من التحقيق كلمات رئيسة محددة تتعلق بتنظيم القاعدة أو فروعه أو مكاتبه الإعلامية أو عناوين إنتاجات الدعاية الفردية. وقد تم دمجها مع مشغلين متقدمين، مما سمح بالكشف عن قنوات التواصل التي يديرها الإرهابيون. استخدمت الدراسة استعلامات بحثية باستخدام مصطلحات بلغات متعددة شائعة في دعاية القاعدة، بما في ذلك العربية والإنجليزية والبنغالية والصومالية. وبصرف النظر عن المصطلحات نفسها، استغلت طرائق البحث المتقدمة عناوين المواقع الإلكترونية المكتشفة لتنظيم القاعدة، مما سمح بتحديد أدلة الروابط ونقاط الاتصال التي يستخدمها أتباعه. وبصرف النظر عن محركات البحث، استخدمت الدراسة أيضًا طرائق بديلة للكشف عن مثل هذا المحتوى، بما في ذلك منصات البحث العكسي عن الصور والبرامج، مثل TinEye أو Yandex Image Search أو Google Lens. استخدمت استعلامات البحث القائمة على الصور أكثر قطع المحتوى أو الشعارات شيوعًا التي نشرتها القاعدة. بعد ذلك، تم التحقق من الروابط المكتشفة فيما يتعلق بارتباطها بهذه المنظمة الإرهابية.

كانت محددات موقع الموارد المُوحّد URLالتي تم التحقق منها بشكل إيجابي والمتاحة خاضعة لجمع معلومات استخباراتية لاحقة على مواقع الويب (WEBINT)، والتي تتألف بشكل أساسي من أشكال مختلفة من كشط البيانات. وكان الهدف الأساسي هو اكتشاف المعلومات، مما يسمح بمعرفة مواقع قنوات الاتصال المترابطة الأخرى التي تستخدمها القاعدة. وللقيام بذلك، استخدمت الدراسة عدة طرائق مميزة، بما في ذلك تلك التي ركزت على استخراج الروابط المؤدية إلى نطاقات AQ المرتبطة الأخرى. وبصرف النظر عن ذلك، ركزت الدراسة على قطع أخرى ذات صلة من البيانات، مثل المواقع التي يستضيفها نفس الخادم أو المعلومات المضمنة في كود الموقع. ولهذا الغرض، تم استخدام عدة أنواع من البرامج، بما في ذلك SpiderFoot وRecon NG. وفي هذا السياق، وجبت الإشارة إلى أن كشط البيانات لم يتم على قنوات التواصل التي تقع خارج الويب المرئي ما لم يكن من الممكن الولوج إليها باستخدام متصفح عادي ودون الحاجة إلى تسجيل إضافي. بعبارة أخرى، جمعت الدراسة روابط الويب العميق والويب المظلم المتاحة من الويب المرئي، بالإضافة إلى معلومات حول القنوات الموجودة في تطبيقات المراسلة، ولكن في معظم الحالات، لم تخضع لكشط بيانات إضافي.

وقد تم تسجيل جميع عناوين الإنترنت المحددة في قاعدة البيانات تحت فئات متعددة. أولاً، تم ترميز كل محدد من محددات موقع الموارد المُوحّد URL من حيث نوعه، أي: الويب 1.0 (مجالات الويب المرئية، مثل مواقع الويب المستقلة والمدونات ولوحات الرسائل)، والويب 2.0 (الشبكات الاجتماعية وخدمات مشاركة الملفات)، وتطبيقات التواصل (تلغرام وروكيت شات وثريما والواتساب وما إلى ذلك) والويب المظلم (نطاقات .onion بالأساس). ثانيًا، تم التحقق من توفر جميع محددات موقع الموارد المُوحّد URLالمكتشفة التي يمكن الوصول إليها باستخدام متصفح عادي وتسجيلها في قاعدة البيانات على فترات منتظمة. حدث هذا التحقق في بداية ونهاية كل شهر. تم ترميز عناوين الإنترنت على أنها “إيجابية” إذا كان محتواها متاحًا لمدة يوم واحد على الأقل في الشهر. ثالثًا، تم أيضًا تسجيل التغييرات الشهرية في إمكانية الوصول بشكل منفصل. رابعًا، تم تضمين التواريخ التقريبية للإزالة والإنشاء حيثما أمكن ذلك. خامسًا، تم تسجيل جميع محددات موقع الموارد المُوحّد URL المرتبطة بنطاق معين (على سبيل المثال، من خلال الروابط) لتحليل الشبكات الاجتماعية. في هذا السياق، يجب ملاحظة أن الروابط الخارجية المتعددة من محدد موقع موارد مُوحّد URL واحد إلى منصة مشاركة ملفات واحدة تم التعامل معها في قاعدة البيانات كسجل واحد. ولم تُستثنَ من ذلك إلا الحالات التي تعامل فيها عملاء وسائل الإعلام المؤيدين لتنظيم القاعدة مع مجالات مشاركة الملفات، بوصفها أنظمة اتصال منفصلة. وقد انطبق هذا الموقف بشكل أساسي على الحسابات النشطة على أرشيف الإنترنت. وأخيراً، خضع كل مجال تم اكتشافه والوصول إليه للمراقبة عبر الإنترنت، مع التركيز على فهم وظيفته الرئيسة في نشر الدعاية.

وقد خضعت قاعدة البيانات التراكمية هذه، التي تم تجميعها وتحديثها شهرياً، لتحليل لاحق للشبكات الاجتماعية، والذي تم إجراؤه في المقام الأول باستخدام برنامج Gephi. وللقيام بذلك، تم إعطاء محددات موقع الموارد المُوحّد URLالمكتشفة معرِّفات فريدة ومعاملتها بوصفها “عقداً” في نظام الحسابات القومية. وتم تعيين متغيرات إضافية لكل عقدة، بما في ذلك التوافر في شهر معين والعدد التراكمي للمرايا المكتشفة أثناء التحقيق. وقد سمح ذلك بإنشاء “قائمة العقد”. كما تم تجميع قاعدة بيانات ثانية – “قائمة الحافة” – والتي تضمنت الترابط بين العقد بناءً على الروابط الخارجية المكتشفة في قنوات التواصل المؤيدة لتنظيم القاعدة. وقد سمح هذا النهج فعلياً برسم خريطة لهيكل المنظومة المعلوماتية التابعة لتنظيم القاعدة.

لقد خضعت كلتا قاعدتي البيانات لتحليل الشبكات الاجتماعية من زوايا متعددة، بما في ذلك:

  • الدرجة – وتتعلق بعدد الاتصالات بعقدة معينة؛
  • فئة الوحدات النمطية – وهي طريقة تسمح بإظهار التقسيمات الفرعية الداخلية (“المجتمعات”) في الشبكة، بناءً على مقارنة كثافات الحواف داخل المجموعة؛
  • ترتيب الصفحة – تم حسابه على أساس الروابط الموجهة إلى عقدة من عقد أخرى.

في حقيقة الأمر، تم إنشاء ستة رسوم بيانية شهرية تصور الترابط والميزات المحددة للمنظومة المعلوماتية للقاعدة على شبكة الإنترنت المرئية. وقد تم إجراء تحليل مقارن لقواعد البيانات الشهرية في المرحلة النهائية. كما تم تبني كل من النهج الكمي والنوعي. ركز التحليل الكمي على التغييرات الشهرية في جميع المتغيرات المشفرة – بما في ذلك، على سبيل المثال، عدد المواقع المستقلة أو ملفات تعريف وسائل التواصل الاجتماعي التي تم اكتشافها ومدى توفرها. وقد سهّل ذلك تعلم كيفية تطور شبكة نشر الدعاية هذه بمرور الوقت. من ناحية أخرى، ركز النهج النوعي بشكل أكبر على التغييرات في ميزات المنظومة ككل، فضلاً عن التغييرات في وظائف قنوات التواصل الفردية على مدى فترة ستة أشهر.

لهذه الدراسة قيد واحد وجبت مناقشته بالتفصيل. كما جاء على ذكر ذلك أعلاه، أعطى هذا المشروع الأولوية لاستكشاف شبكة الإنترنت المرئية. وقد سمحت هذه المقاربة باكتشاف أجزاء من المنظومة المعلوماتية التابعة لتنظيم القاعدة توجد على شبكة الويب العميقة والمظلمة، وكذلك في تطبيقات التواصل المشفرة. ومع ذلك، لم تكن هذه البيئات تخضع عادةً لكشط بيانات إضافي، على غرار مواقع الويب المرئية. وقد تم اعتماد هذا النهج؛ لأن الويب المرئي، بصرف النظر عن كونه غير مدروس جيدًا، لا يزال يلعب دورًا حاسمًا في نشر الدعاية الجهادية السلفية. إن مواقع الويب التي يديرها الإرهابيون (TOWs) أقل زوالًا مقارنة بقنوات التواصل البديلة، ويمكن الوصول إليها باستخدام متصفحات الويب العادية، وعادةً ما لا تتطلب تسجيلًا إضافيًا. وبالتالي، تميل المنظمات المتطرفة العنيفة إلى استخدامها لتعظيم كفاءة اتصالاتها الاستراتيجية. وعلاوة على ذلك، هناك قيود قانونية معينة في استكشاف البيئات المشفرة التي يستخدمها الإرهابيون في أراضي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، حيث تم إجراء هذا المشروع. في الواقع، هناك خطر محدود من أن هذه الدراسة لا تقدم صورة كاملة للمنظومة المعلوماتية التابعة لتنظيم القاعدة في النصف الثاني من سنة 2023 بسبب نقص كشط البيانات، على سبيل المثال، من منصة GeoNews. ومع ذلك، سمحت البيانات التي تم جمعها في هذا المشروع بتصوير جوهر شبكة نشر الدعاية الخاصة بالتنظيم، والتي كانت متاحة (أو قابلة للكشف عنها) على شبكة الإنترنت المرئية في ذلك الوقت.

هناك تحذيران أيضًا؛ أولاً، لأسباب تتعلق بأخلاقيات البحث، تجنبت هذه الدراسة جمع أو معالجة أي بيانات يمكن أن تكون مرتبطة بالأفراد، ولم تتكون من أي أنشطة محددة على أنها تحديد هوية الأشخاص الطبيعيين باستخدام معرفات عبر الإنترنت. ثانيًا، لأسباب تتعلق بمكافحة الإرهاب، لا تقدم هذه الورقة محددات موقع الموارد المُوحّد URLدقيقة لقنوات الاتصال المرئية التي يستخدمها تنظيم القاعدة وأتباعه. بدلاً من ذلك، فهي تستخدم العلامات المعتمدة في تحليل شبكات التواصل الاجتماعية.

تطور شبكات نشر الدعاية التابعة لتنظيم القاعدة على شبكة الويب المرئية في النصف الثاني من عام 2023: منظور كمي

في يوليوز 2023، حددت الدراسة 237 عنوانا إلكترونيا فردياً مرتبطاً بتنظيم القاعدة. يتألف هذا العدد من 40 صفحة ويب مستقلة، و101 عنوان ويب 2.0 (وسائل التواصل الاجتماعي أو خدمات مشاركة الملفات)، و95 قناة على تطبيقات التواصل، ونطاق .onion واحد. وبعد ستة أشهر، تبين أن المنظومة المحددة أكبر بنسبة 53.1 في المائة، وتتكون من عدد تراكمي يبلغ 36345 عنوان إنترنت. ويتألف من 88 موقع ويب ومدونة مستقلة، و152 عنوان ويب 2.0، و122 تطبيق تواصل، وصفحة ويب واحدة توجد بالويب المظلم. تُظهر هذه البيانات مدى ديناميكية منظومة القاعدة، حيث أنشأت بانتظام طرائق جديدة للتواصل مع الجماهير عبر الإنترنت. كما وجبت الإشارة إلى أنه طوال النصف الثاني من سنة 2023، تغيرت نسب بنية هذه المنظومة. ويمكن ملاحظة التغيير الأكثر أهمية في استخدام مواقع الويب التي يديرها الإرهابيون TOWs، حيث زاد العدد التراكمي للمواقع الإلكترونية والمدونات المستقلة بنسبة 120 في المائة مقارنة بشهر يوليوز. وهو ما يدل على أهميتها في نشر دعاية القاعدة. علاوة على ذلك، وبينما كانت حصة تطبيقات المراسلة والويب 2.0 في الشبكة بأكملها متساوية تقريبًا في صيف عام 2023، فقد تحولت لصالح الأخير بعد ستة أشهر. في ديسمبر، زاد عدد محددات موقع الموارد المُوحّد URL لويب 2.0 المكتشفة بنسبة 50.4 في المائة، مقارنة بارتفاع بنسبة 28.4 في المائة فقط في استخدام تطبيقات التواصل المشفرة، ولم يتم اكتشاف أي تطورات جديدة في استخدام الويب المظلم.

وقد حدث التغيير الكمي الأكثر أهمية في عدد عناوين الإنترنت المكتشفة في أكتوبر (تم تحديد 37 قناة جديدة) ونوفمبر (59 محددات موقع الموارد المُوحّد URL. وقد نجمت هذه التغييرات، جزئيًا على الأقل، عن الهجوم الإرهابي الذي شنته إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول والعملية العسكرية التي تلتها في غزة، والتي أضرت بشكل كبير بالاتصالات الاستراتيجية للقاعدة. من جهتها، أطلقت المكاتب الإعلامية للقاعدة العديد من سلسلات المنشورات المخصصة حصريًا للأحداث في فلسطين، والتي تم نشرها من خلال مجموعة من المدونات الجديدة وخدمات مشاركة الملفات. ومع ذلك، في ذلك الوقت، أعلنت المجموعة أيضًا عن عدد كبير من قنوات تلغرام وروكيت شات الجديدة، التي تديرها خلايا إعلامية مثل مركز الفتح، والسند ميديا، ووكالة أنباء ثبات، والفردوس ميديا. وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، انخفض نشاط القاعدة في إحداث قنوات تواصل جديدة بشكل طفيف.

رسم خريطة منظومة دعاية القاعدة على شبكة الإنترنت المرئية في يوليوز 2023

إن التمعن في المنظومة المعلوماتية الخاصة بتنظيم القاعدة، اعتبارًا من يوليوز 2023، من خلال عدسة تحليل شبكات التواصل الاجتماعي، يسمح بتحديد بعض ميزاته التي تعد بالغة الأهمية لفهم استراتيجية نشر الدعاية الخاصة بالجماعة. أولاً وقبل كل شيء، فقد كان جزء كبير من الشبكة المرئية مركّزًا حول لوحة رسائل الدعوة إلى الله، والتي تبرز من حيث مستوى درجة نظام الحسابات المرئية، حيث حافظت على 168 اتصالًا اعتبارًا من يوليوز 2023. وقد أثبت هذا المجال، النشط منذ عام 2017 على الأقل، أنه نقطة اتصال أساسية للمجتمعات عبر الإنترنت ومكاتب الوسائط التي تدعم تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية (AQIS)، على الرغم من أن جمهوره اليومي كان محدودًا إلى حد ما. وقد تم استخدامه بشكل أساسي من قبل مؤيدي المجموعة الناطقين باللغة البنغالية للتواصل وتبادل الأفكار وجمع المعلومات. لقد كان هذا المنتدى بمثابة دليل روابط يسمح للمتابعين بالوصول إلى قنوات الاتصال النشطة للقاعدة المتاحة على تطبيقات المراسلة، فضلاً عن الويب المرئي والعميق والمظلم. وبصرف النظر عن هذه الوظائف، خدمت دعوة الله العديد من المراكز الإعلامية المؤيدة للقاعدة في شبه الجزيرة العربية كمجمع للدعاية. واستخدمت مؤسسات مثل الفردوس ميديا، والحكمة ميديا، ومركز الترجمة الإسلامية، والنصر ميديا ​​وظيفة “الموضوعات الثابتة” في هذا المنتدى لمشاركة إنتاجاتها بانتظام. علاوة على ذلك، وفر هذا المجال لمؤيدي القاعدة منصة لمناقشة أهم الأحداث الدولية، وتفسير النصوص الدينية، ومناقشة جوانب مختلفة من الجهاد.

لقد ثبت أن دعوة الله مترابطة مع العديد من الأجزاء المهمة في المنظومة المؤيدة للقاعدة. أولاً، اعتبارًا من يوليوز 2023، شاركت روابط مع 84 قناة على تطبيقات التواصل المشفرة. وقد أعادت معظمها توجيه المستخدمين نحو منصة جيو نيوز المستندة إلى روكيت شات، والتي تستخدمها مكاتب إعلامية بارزة تابعة لتنظيم القاعدة، بدءً من مؤسسة الكتائب – التي تدعم حركة الشباب المجاهدين – إلى الأندلس ميديا، التي تنتج الدعاية الخاصة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي (AQIM). وهو ما يؤكد تفضيل القاعدة المذكور سابقًا لاستغلال روكيت شات، الذي يوفر بنية مفتوحة المصدر وخوادم يديرها مالكوها. ومع ذلك، وبصرف النظر عن جيو نيوز، نشر أعضاء المجلس معلومات حول مكان وجود المحتوى المؤيد للقاعدة على منصات المراسلة المشفرة الأخرى مثل Chirpwire وTelegram.

ثانيًا، أعادت الدعوة إلى الله توجيه المستخدمين نحو مجموعة واسعة من خدمات مشاركة الملفات والنصوص، بما في ذلك mega.nz وnoteshare.id وjumpshare.com وmediagram.me وfile.fm وgofile.io وjustpaste.it. بشكل عام، احتوت صفحة الويب على روابط خاصة ب 49 منصة ويب 2.0 مختلفة اعتبارًا من يوليوز 2023. وقد تم استخدامها بشكل أساسي كتخزين قصير الأجل لقطع فردية من المحتوى الذي أصدرته القاعدة. كما تم أيضًا الوفاء بنفس دور مشاركة الملفات من قبل العديد من مدونات وورد بريس التي تم الإعلان عنها على اللوحة، ومعظمها من قبل مؤسسة النصر الإعلامية. وقد كانت تفتقر إلى أي محتوى على الصفحة الرئيسة، ولكن تم استغلال المجالات الفرعية الخاصة بها لتخزين عناصر دعائية فردية لفترات تتراوح من عدة أسابيع إلى عدة أشهر، وهو نهج غير شائع نسبيًا في استخدام المدونات في صفوف المنظمات المتطرفة العنيفة الأخرى.

ثالثًا، أعادت الدعوة إلى الله توجيه مستخدميها إلى مواقع ويب ومدونات مستقلة أخرى لعبت أدوارًا مهمة في المنظومة المعلوماتية التابعة للقاعدة. وقد أعطى أعضاء المجلس الأولوية لنشر الروابط لدى مجموعة واسعة من المواقع الإلكترونية التي تستهدف الجماهير على الإنترنت من جنوب وجنوب شرق آسيا، بما في ذلك على سبيل المثال، مطبوعات، أو غزوة، أو الصفحة الرئيسة لموقع النور ميديا، والتي نشرت جميعها مجموعة متنوعة من الدعاية المؤيدة لتنظيم القاعدة باللغة البنغالية. وقد برز موقع غزوة من حيث كمية ونوعية المحتوى المنشور. وكان موقعًا مستقلاً ينشر ترجمات لأنواع مختلفة من الدعاية المرتبطة بتنظيم القاعدة. كما حافظ على شبكة نشر دعاية كبيرة بمفرده، حيث شارك منشوراته من خلال ثلاث عشرة خدمة مختلفة لمشاركة الملفات، بما في ذلك mega.nz، وInternet Archive، وnoteshare.id، وjustpaste.it. كما كان مرتبطًا بالعديد من المدونات. هذا وتم استهداف مجتمعات أخرى في المنطقة. ومن بين أمور أخرى، شارك موقع الدعوة إلى الله روابط إلى صفحة ويب مخصصة للتأثير على مجتمع الروهينجا أو إلى مجال نوايغ، والتي استهدفت مستخدمي الإنترنت الناطقين باللغة الهندية. وبصرف النظر عن ذلك، أعلنت لوحة الرسائل هذه عن هذه الأجزاء من منظومة الويب السطحي الذي كانت تديره نواة القاعدة الناطقة باللغة العربية. وشملت هذه المواقع، من بين أمور أخرى، ساحل نيوز، الذي كان يخزن أنواعًا مختلفة من الدعاية في نطاقاتها الفرعية. كان التحليل الأكثر تعمقًا لمحتواها مستحيلًا، حيث تطلبت صفحة الويب إجراء تسجيل الدخول. في يوليوز 2023، شاركت لوحة الرسائل أيضًا روابط إلى محددات موقع الموارد المُوحّد URL – غير نشطة في ذلك الوقت – تستخدمها الملاحم ميديا ​​والزلاقة ميديا. بالإضافة إلى ذلك، وزع أعضاء اللوحة روابط إلى مجموعة من المجالات المرتبطة بشكل فضفاض، مثل عمر ميديا، والتي تشكل قناة تواصل أساسية تستخدمها حركة طالبان باكستان المرتبطة بالقاعدة. افتقرت دعوة الله إلى اتصال كبير بالمواقع الإلكترونية التي تستغل اللغات الغربية. كان أحد الاستثناءات البارزة هو مدونة المنارة باللغة الإنجليزية، والتي ظلت متاحة في عام 2023 ولكن لم يتم تحديثها لبعض الوقت.

وقد برز موقعان على الإنترنت من بين جميع المواقع الإلكترونية المترابطة مع لوحة الرسائل هذه. الأول تديره مؤسسة الفردوس الإعلامية، وهي مؤسسة مؤيدة لتنظيم القاعدة تنشر محتوى باللغة البنغالية. وبالرغم من كونها ركزت في المقام الأول على شبه القارة الهندية، فقد شاركت مؤسسة الفردوس الإعلامية بشكل متكرر في إنتاجات أصدرتها فروع أخرى لتنظيم القاعدة. وبالمقارنة مع المواقع الإلكترونية المستقلة الأخرى المرتبطة بدعوة الله، فقد أثبتت أنها تتمتع بالبنية الأكثر احترافية وكانت تُحدَّث بانتظام. على سبيل المثال، أصدرت سلسلة مخصصة لتسليط الضوء على “الجرائم” المرتكبة ضد المسلمين على مستوى العالم، ومقالات تروج للعمليات الناجحة لتنظيم القاعدة في إفريقيا والشرق الأوسط، أو مقالات تؤطر بشكل إيجابي حكم طالبان لأفغانستان. وكان نطاق الفردوس أيضًا نقطة مركزية لشبكة نشر دعاية منفصلة تتكون من اثني عشر منصة ويب 2.0، مثل anonfiles.com وtop4top.io وtinyupload.com وgofile.io وfile.fm وsendspace.com وzippyshare.com وudrop.com. كما قام موقع الفردوس بتوجيه جميع زواره إلى قناته الرسمية على التليغرام.

كان الموقع الاستثنائي الثاني يديره مركز الترجمة الإسلامي (ITC)، وهو مكتب إعلامي مخصص لتعزيز الحملة المتعددة اللغات لتنظيم القاعدة على غرار مؤسسة إعلام الدولة الإسلامية أو فرسان الترجمة. اعتبارًا من يوليوز 2023، نشر نطاق ITC محتوى بـ 34 لغة، بما في ذلك الإنجليزية والألبانية والفارسية والبشتونية والعربية والتاميلية. وبصرف النظر عن الموقع نفسه، تم تخزين عناصر الدعاية المترجمة على مجموعة من منصات مشاركة الملفات الخارجية، بما في ذلك mediagram.me وmediafire.com وnoteshare.id وInternet Archive. وعدا عن تجميع الدعاية، ركزت صفحة مركز الترجمة الإسلامي على إعادة توجيه جميع الزوار إلى قنواتها الرسمية في GeoNews وChirpwire.

في هذا السياق، تم تحديد أجزاء أخرى من المنظومة المعلوماتية المؤيدة لتنظيم القاعدة في يوليوز 2023 والتي لم تحافظ على أي روابط واضحة مع الشبكة المذكورة أعلاه، مما يدل على الافتقار إلى التنسيق بين الفروع المختلفة. وتتألف هذه الأجزاء بشكل أساسي من مواقع الويب المرتبطة بحركة الشباب المجاهدين. ومن بين تلك القنوات، برزت كالامادا، وشاهد نيوز، وراديو الفرقان، وصومالي ميمو. وقد أثبتت كالامادا أنها قناة التواصل الأساسية التي نشرت المحتوى باللغة الصومالية، الذي أنتجته جميع مكاتب الإعلام الرسمية وغير الرسمية المرتبطة بحركة الشباب الصومالية، بما في ذلك مؤسسة الكتائب، وإيداكادا أندلس، وراديو الفرقان. وقد برز هذا المجال في المقام الأول فيما يتعلق بانتظام المحتوى المنشور. ففي كل يوم، كان يصدر ما بين ثلاثة إلى خمسة برامج إذاعية إلى جانب العديد من الإنتاجات الأخرى، بما في ذلك مقاطع فيديو قتالية وتقارير مصورة ومقالات مستقلة. وقد غطت مجموعة واسعة من الموضوعات التي تتراوح من العلاقات الدولية إلى تسليط الضوء على انتصارات حركة الشباب الصومالية في شرق إفريقيا. كما حافظت كالامادا على شبكة صغيرة من قنوات نشر الدعاية المترابطة، والتي تتكون من ok.ru أو تلغرام (من بين أمثلة أخرى). وقد قامت شهادة نيوز، التي تديرها وكالة أنباء شهادة المتحالفة مع حركة الشباب الصومالية، بأداء وظيفة مماثلة ولكنها نشرت محتوى باللغة العربية. وركزت على مجموعة ضيقة نسبيًا من الموضوعات، بما في ذلك الترويج لعمليات حركة الشباب الصومالية في الصومال وكينيا على وجه الخصوص. وعلى النقيض من كالامادا، وبصرف النظر عن ok.ru، لم تحتفظ بأي روابط ذات صلة بمنصات أخرى اعتبارًا من يوليوز 2023. نشرت صفحة راديو الفرقان على الويب بثًا صوتيًا منتظمًا. تم تنظيم محتواها في عدة أقسام، مثل الأخبار الداخلية والأخبار الدولية والتقارير وتاريخ الإسلام والبرامج الخاصة والمزيد (الصور ومقاطع الفيديو والأدب). وعلى غرار شهادة نيوز، كان الرابط الخارجي الوحيد ذو الصلة يؤدي إلى صفحة الويب ok.ru، والتي فضلتها مكاتب الوسائط التابعة لحركة الشباب المجاهدين. كان آخر موقع إلكتروني مستقل ذي صلة متحالف مع حركة الشباب – Somalimemo – له تاريخ في دعم هذه المنظمة منذ عام 2011. وقد قام عمومًا بأداء وظائف مماثلة لـ شهادة نيوز، على الرغم من أنه شارك المحتوى باللغة الصومالية في المقام الأول. وقد برز بشكل أساسي من حيث العدد الأكبر من المرايا المتوازية النشطة في وقت واحد على شبكة الويب المرئية.

كانت هناك ميزتان لافتتان للنظر لشبكة نشر الدعاية المتعلقة بحركة الشباب. على النقيض من بقية المنظومة المرسومة التي تدعم تنظيم القاعدة على شبكة الويب المرئية، فقد حاولت استغلال منصات التواصل الاجتماعي السائدة. وقد لاحظ أياد وهاراسي وعبد الله أ. هذا الاتجاه بالفعل في سنة 2022. فقد قامت ‘صومالي ميمو’ بالترويج لنفسها على حسابها على الفايسبوك، على الرغم من أن نطاقها كان محدودًا بـ 34 متابعًا فقط اعتبارًا من يوليوز 2023. واستغلت كالامادا نفس المنصة، وإن كان بطريقة مختلفة قليلاً – في الغالب لأغراض مشاركة الملفات. وأخيرًا، أدارت الكتائب للإعلام أيضًا حسابًا مشهورا على تيكتوك كان يضم أكثر من 30 مقطع فيديو في صيف عام 2023. وهو دليل على أن عملاء وسائل الإعلام في حركة الشباب أرادوا الاستفادة من شعبية هذه المنصة بطريقة مماثلة، على سبيل المثال، للمنظمات المتطرفة العنيفة اليمينية المتطرفة. وبصرف النظر عن هذه المحاولات، يجب التأكيد أنه من المدهش أن أيًّا من مواقع الويب والملفات الشخصية المرتبطة بحركة الشباب الإسلامية، لم تحتو على روابط تؤدي إلى أجزاء أخرى من النظام البيئي لحركة الشباب. ومن ثم، لم تُبذل أي محاولة لتعزيز حركة المرور الخاصة بهم بشكل متبادل بدون روابط، وهو ما يتناقض مع النهج الذي تتبناه بشكل متكرر منظمات العنف المتطرف الأخرى.

ولقد لعبت مواقع الإنترنت الأخرى في المنظومة المعلوماتية لتنظيم القاعدة أدواراً ثانوية وافتقرت إلى الترابط الجوهري مع قنوات التواصل التي ناقشناها أعلاه. وبالحكم على محتواها، فمن المحتمل أنها كانت تمظهرات لمحاولات أتباع القاعدة لدعم وجود الجماعة على شبكة الإنترنت المرئية. ويشير إلى ذلك حقيقة أن العديد منها شكلت أدلة ارتباط، وأعادت توجيه الجماهير عبر الإنترنت إلى قنوات تواصل تابعة لتنظيم القاعدة.

بنية المنظومة المعلوماتية لتنظيم القاعدة على شبكة الإنترنت المرئية في ديسمبر/كانون الأول 2023

في نهاية عام 2023، ظلت إمكانية الولوج إلى قنوات التواصل الأساسية على شبكة الإنترنت المرئية التي يستخدمها تنظيم القاعدة ووظائفها دون تغيير بشكل عام. وبعد ستة أشهر، استخدمت المواقع الإلكترونية التي تهدف إلى التأثير على الجماهير عبر الإنترنت في جنوب وجنوب شرق آسيا عناوين مماثلة، وظلت نشطة. ويشير هذا، من بين أمور أخرى، إلى صفحات الويب الخاصة بـالفردوس وغزوة ومطبوعات ومركز الترجمة الإسلامي. وكان الاستثناء الوحيد هو عمر ميديا المتحالف مع طالبان باكستان، والذي كان غير متاح مؤقتًا ولكنه أعاد في النهاية إنشاء محدد موقع الموارد المُوحّد URL نشط. ولم يتم تسجيل أي تغييرات كبيرة في إمكانية الولوج والوظائف في الشبكة المرتبطة بحركة الشباب المجاهدين. ولم تخضع لأي عمليات إزالة للمحتوى.

ومع ذلك، وخلال النصف الثاني من سنة 2023، تم إدخال خمسة تغييرات كمية ونوعية في المنظومة المعلوماتية التابعة للقاعدة. بادئ ذي بدء، تطورت شبكة نشر الدعاية التي تركز حول لوحة رسائل الدعوة إلى الله بشكل كبير. وارتفع عدد محددات موقع الموارد المُوحّد URL الخاصة بويب 1.0 المعلن عنها على لوحة الرسائل هذه من 35 إلى 62 عنوان إنترنت اعتبارًا من ديسمبر 2023. وكانت تتألف في الغالب من مدونات وورد بريس التي تستخدمها مؤسسة النصر الإعلامية بشكل أساسي لتخزين إنتاجاتها. وعلاوة على ذلك، ومقارنة بيوليوز 2023، اكتسبت الدعوة إلى الله تسعة روابط جديدة (ليصل العدد التراكمي إلى 58) إلى منصات ويب 2.0. كانت تتألف بشكل أساسي من خدمات مشاركة الملفات الجديدة مثل drive.internxt.com وbackblazeb2.com وk00.fr. كما اكتسبت روابط متعددة لقنوات جديدة على تطبيقات المراسلة، بما في ذلك الواتساب وجيو نيوز وماتريكس وتلغرام. يبدو أن معظمها إصدارات جديدة من القنوات المحظورة من قبل وكالات إنفاذ القانون، حيث سجلت الدراسة بمرور الوقت العديد من القنوات الجديدة التي تديرها نفس المكاتب. بشكل عام، في ديسمبر 2023، ارتفع مستوى درجة الدعوة إلى الله إلى 228، مقارنة بـ 168 في يوليوز 2023، وهو ما يشكل ارتفاعًا بنسبة 35.7 في المائة. يتجلى هذا التغيير في أنه بصرف النظر عن تجميع الدعاية والتواصل، لعبت لوحة الرسائل هذه دورًا مهمًا في مشاركة المعلومات حول مكان وجود الدعاية التابعة لتنظيم القاعدة. ومع ذلك، تم التخفيف من هذه الوظيفة جزئيًا بسبب شعبيتها المنخفضة نسبيًا، والتي تقلصت بشكل أساسي إلى المتحدثين باللغة البنغالية. في حين أن اللوحة تتكون من دعاية نشرتها فروع متعددة من المجموعة، إلا أن مكاتب وسائل الإعلام المتحالفة مع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة الهندية فقط استخدمتها لنشر الدعاية. في الواقع، وعلى الرغم من مستواه العالي في نظام الحسابات القومية، بسبب ترابطه مع عناوين أخرى مؤيدة للقاعدة، لا يمكن اعتباره حجر الزاوية للمنظومة المعلوماتية بأكملها الذي تدعمها هذه المنظمة الإرهابية.

ثانيًا، قامت مؤسسة الفردوس الإعلامية، المكتب الإعلامي الأكثر نشاطًا في دعم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، بمحاولات للتوسع خارج بيئتها التقليدية خلال النصف الثاني من عام 2023. وقد تجلى ذلك من خلال حقيقة أن المجموعة أنشأت واستغلت قناة على اليوتيوب كانت وظيفتها الأساسية إصدار سلسلة إخبارية تلخص أهم الموضوعات التي تغطيها هذه المجموعة كل أسبوع. وعادة ما يتم نشر مثل هذا المحتوى بطريقة تسمح بإخفائه كصحافة غير حزبية. تجنبت مؤسسة الفردوس الموضوعات الأكثر إثارة للجدل وغالبًا ما استخدمت الصور ومقاطع الفيديو الصدرة عن وسائل الإعلام أو الشبكات الاجتماعية. ومع ذلك، تم حظر هذا الحساب لاحقًا من قبل المنصة.

ثالثًا، تم تحديد عدد من المواقع الإلكترونية المستقلة الجديدة التي تدعم أيديولوجية القاعدة. كان بعضها نشطًا لفترة طويلة، على الرغم من عدم اكتشافها في البداية. كان أحد أهم هذه المواقع موقع إلكتروني يركز على تاريخ الجهادية. وقد عرض هذا المجال، المرتبط على ما يبدو بالمجتمع المؤيد للقاعدة في القوقاز، العديد من مقاطع الفيديو والصور التي تسلط الضوء على أهم قادة الجهاديين خلال الحرب على الإرهاب، بما في ذلك أسامة بن لادن وأيمن الظواهري. حافظت هذه الصفحة الإلكترونية على شبكة نشر دعائية متطورة تتكون من عدة قنوات على تلغرام وشيربواير، وحساب Internet Archive، ومجموعتين على Discord. كانت هذه هي الحالة الوحيدة المسجلة لمكتب إعلامي مؤيد للقاعدة يستغل Discord، وهو ما لاحظه باحثون آخرون أنه استراتيجية شائعة في صفوف الجماعات اليمينية المتطرفة.

كانت هناك صفحة إلكترونية أخرى ذات صلة تركز على نشر الفتاوى حول القضايا المتعلقة بالجهاد. وقد تم الإعلان عنها من قبل لوحة رسائل الدعوة إلى الله كمصدر ذي صلة ودقيق للمعلومات المتعلقة باللاهوت حول النضال المسلح ضد الكفار. ومع ذلك، وعلى غرار الفردوس ميديا، تجنب هذا المجال نشر محتوى مرتبط مباشرة بالقاعدة. وبفضل هذه الاستراتيجية، كان موجودًا على منصات رئيسة متعددة، مما سمح له بزيادة صداه لدى الجمهور عبر الإنترنت. وشملت هذه الحسابات حسابات X/ تويتر والفايسبوك واليوتيوب وحساب Internet Archive. كانت قناتها على اليوتيوب تحتوي على 61 مقطع فيديو و513 مشتركًا اعتبارًا من نوفمبر 2023. بالإضافة إلى ذلك، استخدمت العديد من خدمات مشاركة الملفات، بما في ذلك mymegacloud.com وtop4top.io وmegaup.net.

خلال النصف الثاني من سنة 2023، ظهرت العديد من المدونات الجديدة المؤيدة للقاعدة على الإنترنت. من بينها مدونة شهيب التي تضمنت عدداً من إنتاجات الدعاية الرسمية للقاعدة. على سبيل المثال، نشرت رسالة أسامة بن لادن التي وجهها للولايات المتحدة، والتي كانت بمثابة رد فعل من القاعدة على حقيقة انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي الأمريكية. كما وجبت الإشارة إلى إجراءات مماثلة نفذت في ذلك الوقت أيضًا من قبل قنوات تواصل أخرى متحالفة مع القاعدة. كان محدد موقع الموارد المُوحّد URL جديد آخر، يقع على منصة Site123، يشكل صفحة ويب إخبارية عالية الجودة حول أنشطة القاعدة. وبصرف النظر عن هذين، كانت هناك أيضًا بعض المدونات التي روجت لأجندات القاعدة وطالبان في وقت واحد. علاوة على ذلك، كانت العديد من المواقع الإلكترونية تتألف من دعاية الجماعة، والتي كانت لا تزال متاحة، بيدَ أنها ظلت غير نشطة لعدة سنوات.

وفي الأخير، فقد كشفت الدراسة عن العديد من قنوات الاتصال الجديدة التي استغلتها فروع القاعدة، والتي أظهرت القليل من الاهتمام بالحفاظ على وجود كبير على شبكة الإنترنت المرئية، ولا سيما جماعة نصرة الإسلام والمسلمين والقاعدة في شبه الجزيرة العربية. نقلت المكاتب الإعلامية التي تمثل تلك الفروع، الزلاقة ميديا ​​والملاحم ميديا، مواقعها الإلكترونية إلى محددات موقع الموارد المُوحّد URL جديدة. ومع ذلك، ظلت هذه المواقع غير متاحة مؤقتًا في النصف الثاني من عام 2023 وافتقرت إلى الجودة الفنية مقارنة بالمجالات التي تحتفظ بها مكاتب مؤيدة لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وعلاوة على ذلك، فقد عوملت هذه المواقع بوضوح من قبل الفرعين كقنوات تواصل ثانوية. وقد ثبت ذلك من خلال نشر أحد أهم إنتاجات الدعاية للقاعدة في السنوات الأخيرة، وهو الفيديو “إنسباير- ما لا تتوقعه أمريكا ولا الغرب: الجهاد مفتوح المصدر”، والذي نشرته شركة الملاحم ميديا ​​في ديسمبر 2023. لم يتم إصدار دليل صناعة القنابل عالي الجودة هذا من خلال موقعه الإلكتروني الرسمي ولكن فقط من خلال روكيت شات وتليغرام.

في هذا السياق، وبصرف النظر عن المجالات المستقلة، وجدت هذه الدراسة أن قناة شيربواير التابعة لشركة الزلاقة ميديا ​​تم استغلالها لنشر دعايتها والإعلان عن قنوات الزلاقة الأخرى الموجودة على منصات أخرى، مثل تلغرام. وقد أثبتت فعليًا أن هذه المنصة لا تزال تعتبر بوابة لجذب الجماهير عبر الإنترنت من شبكة الويب المرئية وإعادة توجيههم إلى الجزء المشفر من منظومة القاعدة.

خاتمة

تسمح هذه الدراسة باستخلاص عدة استنتاجات؛ ففي المقام الأول أثبتت المنظومة المعلوماتية التي حافظ عليها تنظيم القاعدة في النصف الثاني من سنة 2023 أنها مستقرة، وتتمتع بدرجة عالية من إمكانية الوصول. ظلت الغالبية العظمى من المواقع الإلكترونية المستقلة التي كانت بمثابة قنوات تواصل أساسية لتنظيم القاعدة متاحة خلال هذه الفترة، مما يدل على أن شبكة نشر الدعاية الخاصة به كانت مرنة بشكل عام في مواجهة عمليات إزالة المحتوى غير المتكررة نسبيًا. وعلى مدار ستة أشهر، نمت أيضًا بشكل كبير وتميل إلى الاعتماد بشكل أكبر على المجالات والمدونات المملوكة للإرهابيين.

كان الحجم الإجمالي للمنظومة المعلوماتية التابعة لتنظيم القاعدة على شبكة الويب المرئية خلال هذه الفترة كبيرًا نسبيًا ومماثلًا للمنظومة التي تدعم تنظيم الدولة الإسلامية في منتصف سنة 2021، كما اعتمد على مجموعة مماثلة من منصات الويب 2.0، بالإضافة إلى تطبيقات المراسلة (تلغرام وروكيت شات). ومع ذلك، كانت بنية هذه الشبكات مختلفة في العديد من الجوانب. ويشير هذا الاختلاف في المقام الأول إلى حقيقة مفادها أن شبكة نشر الدعاية التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية كان أكثر مركزية في هذه المنظومة، وتأسس على ما يسمى بصفحة الويب “فهرس” التي كانت بمثابة دليل ارتباط مركزي، حيث كانت تعيد توجيه أتباعها إلى جميع قنوات الاتصال ذات الصلة المرتبطة بهذه المنظمة الإرهابية. وتتناقض هذه الاستراتيجية مع المنظومة المعلوماتية التابعة لتنظيم القاعدة الذي رسمته هذه الدراسة، والذي يفتقر إلى حجر الزاوية المماثل لشبكة نشر الدعاية بأكملها. إن لوحة رسائل الدعوة إلى الله هي الأقرب إلى توفير مثل هذه الوظيفة. ومع ذلك، لا يمكن اعتبارها مركزية بسبب حركة المرور المحدودة، والتركيز على الجهاد الرقمي في جنوب وجنوب شرق آسيا، والافتقار إلى الاتصال بالشبكات التي تديرها حركة الشباب.

يبدو أن الافتقار إلى قناة تواصل مركزية مخصصة لتجميع الدعاية وإعادة توجيه المتابعين إلى أجزاء أخرى ذات صلة من المنظومة يرجع في المقام الأول إلى البنية الداخلية المحددة لتنظيم القاعدة. وتؤكد هذه الدراسة النتائج الأخيرة التي تشير إلى أن تنظيم القاعدة ككل أعطى الأولوية لاستخدام روكيت شات من خلال منصة جيو نيوز الخاصة به. ولكن فروع القاعدة اعتمدت استراتيجيات متباينة ــ ومتعارضة في بعض الأحيان ــ للاستفادة من الإمكانات التي توفرها شبكة الإنترنت المرئية. وفي هذا السياق، أولت جماعات مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أهمية ضئيلة نسبيا للحفاظ على وجود طويل الأمد في هذه البيئة. وفي حين أظهرت بعض الأنشطة في هذا الصدد، ظلت مواقعها الإلكترونية غير قابلة للوصول لفترات طويلة، وتفتقر إلى الاتصال الكبير بأجزاء أخرى من شبكات القاعدة. وعلاوة على ذلك، وكما أظهرت مؤسسة الملاحم الإعلامية، فقد استخدمت في بعض الأحيان شبكة الإنترنت السطحية لنشر قطع دعائية أقل أهمية فقط، في حين تم إصدار الإنتاجات الأساسية في أماكن أخرى، وهو ما يتناقض مع النهج الذي تبناه تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، واللذان أوليا أهمية كبيرة للوصول إلى الجماهير عبر الإنترنت من خلال المواقع الإلكترونية المستقلة ولوحات الرسائل والمدونات. وتفسر هذه المواقف المتناقضة الافتقار اللافت للنظر إلى الحلول التي قدمتها معظم مواقع القاعدة على الإنترنت لتعزيز حركة المرور في أجزاء أخرى من المنظومة من خلال روابطنا، وهي سمة مشتركة موجودة في مجالات تنظيم الدولة الإسلامية.

وينبغي التأكيد أيضا، أن مكاتب الإعلام المؤيدة للقاعدة أبدت اهتماما كبيرا باستخدام المنصات التي اعتبرت ناجحة في الكشف عن المحتوى الإرهابي وإزالته. وقد ثبت ذلك من خلال استغلالهم المنتظم لفيسبوك وتيك توك ويوتيوب للوصول إلى الجماهير عبر الإنترنت. كما كانوا مهتمين بإدخال ابتكارات في استراتيجية نشر الدعاية، حيث اختبروا GitHub وDiscord، والتي لم يستخدمها عملاء وسائل الإعلام الجهادية السلفية بشكل متكرر في السنوات الأخيرة. وفي حين كانت هذه الأنشطة قصيرة الأمد نسبيًا، إلا أنها أشارت إلى القدرة على التعلم من الآخرين – أي المنظمات المتطرفة اليمينية العنيفة – واختبار طرائق جديدة لتطرف الجماهير عبر الإنترنت.

باختصار، تظهر المنظومة المعلوماتية التي حددتها القاعدة أن هذه الجماعة اعتمدت نهجاً متوازناً، ولكن غير منسق بشكل عام لنشر الدعاية عبر الإنترنت، بالاعتماد على طبقات متعددة من الإنترنت في نفس الوقت. وفي حين أعطت جميع فروع القاعدة الأولوية لتطبيقات الرسائل المشفرة، بما في ذلك في المقام الأول منصة جيو نيوز، فإن معظمها أرست على الأقل بعض الوجود على شبكة الويب المرئية. وفي هذا السياق، يمكن اعتبار اللامركزية المذكورة أعلاه والافتقار إلى التنسيق في شبكة نشر الدعاية التابعة للقاعدة ميزة وعيوبًا في الوقت نفسه من وجهة نظر مكافحة التطرف العنيف على الإنترنت. من ناحية، قد يؤدي الافتقار إلى التنسيق إلى تقليل التواصل وحركة المرور على قنوات التواصل التابعة للقاعدة، مما يقلل من كفاءتها المحتملة. ومع ذلك، من ناحية أخرى، قد يزيد من مرونة المنظومة بأكملها في مواجهة عمليات إزالة المحتوى. لذلك، يجب أخذ هذه الميزات في الاعتبار في المبادرات التي تهدف إلى مكافحة التواصل الاستراتيجي للقاعدة على الإنترنت.

 

*ميرون لاكومي


*- ميرون لاكومي: أستاذ بمعهد العلوم السياسية بجامعة سيليزيا في بولندا وزميل زائر في مركز أبحاث الفريق الإيطالي للأمن والقضايا الإرهابية وإدارة الطوارئ في ميلانو بإيطاليا، ضمن برنامج ناوا بيكر(2023-2024). يركز بحثه بشكل أساسي على جوانب مختلفة من العنف السياسي والإرهاب على الإنترنت، فضلاً عن الصراعات العسكرية، وهو مؤلف كتاب “الدعاية عبر الإنترنت لتنظيم الدولة الإسلامية: تحليل مقارن” (لندن نيويورك، روتليدج، 2021) ونشر خمس دراسات وأكثر من 60 ورقة علمية في العديد من البلدان.

شكر: تم دعم هذه الدراسة من قبل الوكالة الوطنية البولندية للتبادل الأكاديمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى