تقارير ودراسات

علاقة قديمة: إيران وجماعة الإخوان المسلمين المصرية

لقد عملت الثورة الإيرانية على الدوام كنموذج للمنظمات الإسلامية السُنّية والشيعية الساعية إلى السلطة. ففي عام 1979، كان الجمهور المصري مفتوناً بما يحدث داخل إيران. ومع تزايد الحماسة الإسلامية في البلاد، كانت صور آية الله الخميني تُعرض بشكل بارز. وقد انحازت جماعة الإخوان المسلمين المصرية علناً إلى ثوار الخميني، عندما أطاحوا بالشاه. وكذلك فعلت جماعتان انفصلتا عن جماعة الإخوان، لتصبحا مكونين أساسيين لتنظيم القاعدة: الجماعة الإسلامية التي يتزعمها الشيخ عمر عبد الرحمن، وجماعة الجهاد الإسلامي التي يتزعمها أيمن الظواهري.

الواقع أن العلاقات بين الإخوان المسلمين وإيران ترجع إلى ما قبل عام 1979. فقد كان حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، يعتقد أن السنة والشيعة لابد وأن يتغلبوا على خلافاتهم لمواجهة أعدائهم المشتركين. وكان هذا هو رأي آية الله الخميني أيضاً، الذي دعا علناً إلى إقامة تحالف بين الفرعين الرئيسيين للإسلام. كما ارتبط البنا والخميني أيضاً بعالم إيراني بارز يُدعى نواب صفوي. وكان الخميني قريباً من صفوي، كما تبنى البنا رجل الدين الإيراني. وقد ورد أن صفوي هو الذي عرّف الخميني بجماعة الإخوان المسلمين وأيديولوجيتها السياسية.

ومن خلال صفوي، انتقلت أفكار الإخوان المسلمين إلى إيران، وكان لها تأثير دائم على الفكر الإسلامي الإيراني. ولنتأمل هذا المثال المذهل:

إن أحد أهم مهندسي الفكر الجهادي هو سيد قطب، أحد أبرز أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، والذي أعدم في مصر عام 1966 بسبب مؤامراته ضد نظام الرئيس جمال عبد الناصر. ويوصف قطب على نطاق واسع بأنه الأب الفكري لتنظيم القاعدة، ولا تزال هذه الإشارة إلى كتاباته مستمرة حتى يومنا هذا، بعد مرور ما يقرب من خمسين عاماً على إعدامه. ولكن قطب لم يؤثر على تفكير القاعدة فحسب. فقد ترجم آية الله خامنئي، المرشد الأعلى الحالي في إيران، اثنين من أهم مجلدات قطب إلى الفارسية. وقد قُرِئ هذان المجلدان المترجمان على نطاق واسع داخل إيران، ويقول البعض إنهما من أكثر الكتب الإسلامية انتشاراً هناك.

إن كل هذا لا يعدو أن يكون وسيلة مختصرة للقول إن الثورة الإيرانية وجماعة الإخوان المسلمين تشتركان في أيديولوجية سياسية مماثلة، حتى وإن كانت عقيدتهما مختلفة. وبعبارة أخرى، فإن الاختلافات بين السنة والشيعة ليست مستعصية على الحل من وجهة نظر إيران أو جماعة الإخوان المسلمين.

والواقع أن هذا لابد أن يكون واضحاً. فإيران اليوم هي الراعي الرئيس لحركة حماس، وهي منظمة إسلامية سُنّية تشكل في حد ذاتها جناحاً من أجنحة جماعة الإخوان المسلمين. وعلى مدار تسعينيات القرن العشرين، كانت إيران متحالفة مع حسن الترابي، زعيم جماعة الإخوان المسلمين الذي ساعد على تدبير الانقلاب العسكري في السودان في عام 1989. وكان الترابي بدوره أحد الداعمين الرئيسيين لأسامة بن لادن في الفترة من عام 1991 إلى عام 1996. وكما تم توثيقه أثناء محاكمة بعض أعضاء القاعدة المسؤولين عن تفجير السفارتين الأمريكيين في شرق إفريقيا، في نيروبي ودار السلام، في عام 1998، فقد تم تقديم بن لادن إلى زعماء إيرانيين رئيسيين، فضلاً عن قادة في حزب الله، في السودان تحت حكم الترابي.

وعلى هذا، فإن إيران كانت دائماً متحالفة مع جماعة الإخوان المسلمين، حتى وإن ظهرت التوترات والخلافات الخطابية بينهما بين الحين والآخر. وعلى المستوى السياسي البحت، تشارك إيران جماعة الإخوان المسلمين والإسلاميين المصريين في العداء العميق للرئيس السابق أنور السادات، ولهذا السبب أطلق الخميني على أحد شوارع طهران اسم خالد الإسلامبولي ـ قاتل السادات ـ وأعلنه شهيداً. وبما أن الإسلامبولي كان عضواً في حركة الجهاد الإسلامي المصرية، سنشير إلى دور أيمن الظواهري في هذه القصة.

كما ذكرت آنفاً، فإن أيمن الظواهري، الذي كان ذات يوم عضواً في جماعة الإخوان المسلمين، كان متأثراً إلى حد كبير بالثورة الإيرانية. وفي السنوات الأخيرة، قبل مقتله في ضربة أمريكية في أفغانستان في عام 2022، انتقد الظواهري إيران مراراً وتكراراً في تصريحات دعائية. ولكنني لا أنصح بقراءة الكثير من أقوال الظواهري عن إيران؛ لأنها مصممة للاستهلاك العام، والظواهري كانت لديه كل الحوافز للتقليل من شأن علاقة القاعدة بإيران. وقد شكك بعض أفراد المجتمع الجهادي علناً في علاقات القاعدة بالملالي، ولهذا السبب حاول الظواهري التقليل من شأن هذه القضية أو صرف الانتباه عنها.

إن سلوك الظواهري يشكل دليلاً أكثر دقة. فبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001، أرسل صهره (الذي هو أيضاً عضو بارز في تنظيم القاعدة) وبناته إلى إيران، حيث وجدوا ملاذاً آمناً. كما أبرم أسامة بن لادن صفقة مماثلة مع أفراد عائلته، الذين احتُجزوا تحت شكل فضفاض من أشكال الإقامة الجبرية في طهران.

إن العلاقات بين الظواهري وإيران تمتد إلى عقود من الزمن. ففي كتابه “البروج المشيدة”، يشرح لورانس رايت أن الظواهري خطط لانقلاب في مصر في عام 1990. ويوضح رايت: “لقد درس الظواهري الإطاحة بشاه إيران في عام 1979، وسعى إلى التدريب لدى الإيرانيين”. وفي المقابل، عرض الظواهري على الإيرانيين معلومات حساسة “حول خطة الحكومة المصرية لاقتحام العديد من الجزر في الخليج الفارسي التي تدعي كل من إيران والإمارات العربية المتحدة ملكيتها”. ودفع الإيرانيون للظواهري مليوني دولار مقابل هذه المعلومات، كما دربوا عملاء الظواهري على محاولة الانقلاب التي تم إحباطها في نهاية المطاف.

باختصار، كانت الثورة الإيرانية مصدر إلهام للإسلاميين السنة والشيعة على حد سواء. فقد منحتهم الأمل في إمكانية قلب النظام القائم وفرض رؤيتهم المتطرفة على الدولة. وبعد كل هذه السنوات، لا تزال ثورة الخميني تلوح في الأفق في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، ولهذا السبب، لا يمكن تجاهلها بسهولة.

الكاتب: توماس جوسلين، زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات / واشنطن.

زر الذهاب إلى الأعلى