شركة عسكرية خاصة لأردوغان تسعى إلى تكوين جيش إسلامي
يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أن يكون لتركيا دور في إعادة إعمار غزة بعد الحرب إن لم يكن في حكمها، ويبدو أن إدارة بايدن مستعدة للاستجابة لهذا الطلب، ويرى آخرون أيضاً أن التدخل التركي بعد الصراع أمر واقع.
في مقابلة أجريت معه مؤخراً، قال السفير الأمريكي المتقاعد في تركيا جيف فليك: “من الصعب أن نتخيل أي حل طويل الأمد للوضع في غزة دون أن تلعب أطراف إقليمية مثل تركيا دوراً، إما كضامن – كما تحدثوا – أو بالتأكيد في إعادة الإعمار”.
ولكن بدلاً من الترحيب بتركيا، ينبغي لواشنطن أن تتوخى الحذر. فالمشكلة لا تكمن فقط في التعاطف الأيديولوجي الذي يكنه أردوغان لحماس، بل وأيضاً في استعداده لاستخدام منظمة شبه عسكرية تركية تدعى “سادات” للعمل نيابة عنه.
في عام 2012، أسس العميد المتقاعد عدنان تانريفيردي، وهو أحد المقربين من أردوغان وأعلى ضابط يتم تطهيره من الجيش التركي بسبب ميوله الإسلامية في أعقاب الانقلاب الناعم عام 1997، شركة سادات إلى جانب ما يقرب من عشرين ضابطاً عسكرياً لديهم تعاطف مماثل. وقد عززت جهود “سادات” في الدفاع عن أردوغان خلال محاولة الانقلاب عام 2016 التي قامت بها بعض فصائل القوات المسلحة التركية ثقة الرئيس في الشركة العسكرية الخاصة.
ويشير موقع الشركة على الإنترنت إلى أنها تقدم استشارات دفاعية وأمنية، وتدريبات عسكرية وأمنية داخلية، وخدمات لوجستية للقوات المسلحة والشرطة، بما في ذلك أنظمة الصيانة والإصلاح. كما تقول الشركة إنها قادرة على شراء الأسلحة والمتفجرات لعملائها.
مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ومجموعة فاغنر، تساعد “سادات” أردوغان على تعزيز مصالح تركيا الخارجية مع الحفاظ على قدر من الإنكار المعقول. والفرق الرئيس بين “فاغنر” و”سادات” هو الأيديولوجية. “سادات” إسلاموية بلا مواربة، وتشمل مهمتها المعلنة الرغبة في تشكيل تحالف من الدول الإسلامية يأخذ مكانه بين القوى العظمى في العالم. كما دعا مؤسسها تانريفردي إلى إنشاء جيش إسلامي مشترك.
وتعمل شركة سادات على ترتيب الأمن العسكري وتوفير التدريب للمنظمات التي تتبنى الأيديولوجيات الإسلاموية في ليبيا وأذربيجان وغرب إفريقيا وسوريا والعراق. وتقول الشركة إنها لا تدعم حماس، ولكن الأدلة تشير إلى عكس ذلك.
توفي تانريفيردي في أغسطس / آب الماضي، لكن “سادات” ـ مثل “فاغنر” ـ ما زالت على قيد الحياة بعد وفاة مؤسسها. ويسعى نجل تانريفيردي والرئيس الجديد للشركة العسكرية الخاصة التركية، مليح تانريفيردي، إلى ملء أي فراغ تتركه الولايات المتحدة أو أوروبا أو الشركاء العرب المعتدلون في المنطقة.
ومع تقدم جهود التطبيع مع الرئيس السوري بشار الأسد، وسعي الولايات المتحدة إلى سحب قواتها من العراق، تقف شركة سادات على أهبة الاستعداد لتعزيز وجودها في كلا البلدين.
قبل وفاته، دعا عدنان تانريفردي إلى تشكيل “جيش إسلامي من أجل فلسطين”، وهدد بأن أي عملية إسرائيلية في غزة لابد وأن تؤدي إلى هجمات على تل أبيب. وعلى هذا، فإن “سادات” من المرجح أن تكون بمثابة القناة التي يمكن أن ينفذ من خلالها أردوغان تهديده الأخير باتخاذ إجراءات ضد إسرائيل على خلفية حرب إسرائيل مع حماس.
يتعين على الإدارات الأميركية الحالية والمستقبلية أن تفهم هذا التاريخ ومهمة شركة سادات قبل منح تركيا دوراً في تدريب أو تجهيز الفلسطينيين في غزة، وخاصة في ضوء الأدلة التي تثبت أن الشركة دعمت الإرهاب من خلال تدريب وتجنيد مقاتلين لجبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وفي 18 سبتمبر/ أيلول، طلبت نقابة المحامين الأرمينية أيضاً فرض عقوبات بموجب قانون ماجنيتسكي العالمي على “سادات” بسبب “مزاعم بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والتواطؤ في العنف وعدم الاستقرار في مناطق الصراع، وخاصة في آرتساخ (ناغورنو كاراباخ) وليبيا وسوريا”.
في حين لا يثق القادة الغربيون في قدرة مجموعة فاغنر على جلب الأمن إلى أي مكان في العالم، فإن شركة سادات أيضاً تفتقر إلى المصداقية؛ لأنها تتبنى أجندة إسلاموية. وبدلاً من النظر إلى تركيا كحليف وافتراض أن وكلاءها قادرون على المساهمة في الأمن بعد الحرب في غزة، فإن الولايات المتحدة ستكون في وضع أفضل إذا قامت وزارة الخزانة بالتحقيق في علاقات “سادات” بالإرهاب. وإذا تبين أن الشركة قد عززت بشكل قاطع قدرات الجماعات الإرهابية، فإن ذلك سيؤدي إلى فرض عقوبات على قيادة المجموعة وتجميد أصولها في الولايات القضائية التي تمس النظام المالي الأمريكي، وليس تكليف هذه المنظمة شبه العسكرية بمهام إعادة الإعمار وحفظ السلام والأمن.
الرابط: