دعم إيران لحماس: عام من العزلة الدولية وردود الفعل العنيفة
قبل عام من اليوم، شنّت حماس هجوماً على إسرائيل، مما أشعل فتيل صراع دموي تردد صداه في مختلف أنحاء الشرق الأوسط. وكانت عواقب الهجوم بعيدة المدى، حيث أحدث تغييراً لا رجعة فيه في غزة وفلسطين ولبنان، وحتى في إيران.
تحت قيادة علي خامنئي البالغ من العمر 85 عاماً، تجد الجمهورية الإسلامية نفسها في وضع دولي غير عادي. يقف خامنئي بمفرده بصفته الزعيم العالمي الوحيد الذي يدعم علناً هجمات حماس على إسرائيل وغزو روسيا لأوكرانيا.
ونتيجة لهذا، واجهت إيران عقوبات كبيرة على مدى العام الماضي. ويبدو المسؤولون الإيرانيون غير مهتمين بهذه العقوبات، ويرجع هذا على الأرجح إلى الأزمات العديدة الملحة التي تواجهها البلاد. ومع ذلك، فإن حتى القضايا التي تعد بالغة الأهمية بالنسبة إلى الحكومة الإيرانية عانت من انتكاسات غير مسبوقة كنتيجة مباشرة لهجوم حماس.
غزة: ملطخة بالدماء ومدمرة
لقد أثار هجوم حماس رد فعل مدمر من جانب إسرائيل، مما أسفر عن مقتل أكثر من 41780 فلسطينياً. إن الوضع في غزة مزرٍ، ويتسم بدمار واسع النطاق وشعور عميق باليأس من المستقبل. ويبدو أن القيادة في إيران تنظر إلى هذه الخسائر على أنها مجرد إحصاءات، متجاهلة الكلفة البشرية الهائلة للهجوم.
إن محاولة التقليل من أهمية الخسائر في الأرواح الفلسطينية واضحة في خطاب خامنئي؛ فهو يشير إلى الضحايا بوصفهم “حطباً للمقاومة”، ويربطهم بالجماعات شبه العسكرية الإيرانية، ويرى في صمود المعزين الفلسطينيين قوة لتحقيق النصر في نهاية المطاف على إسرائيل.
وبعد مرور عام على الهجوم، لا تزال غزة في حالة قاتمة، حيث تواجه الحقوق الفلسطينية تهديداً أعظم من أي وقت مضى، وتُركت البنية التحتية الحيوية في حالة خراب. إن الطريق إلى إعادة غزة إلى الحالة التي كانت عليها قبل السابع من أكتوبر / تشرين الأول 2023 طويل ومليء بالتحديات. لم يتسبب الهجوم في دمار وتشريد واسع النطاق فحسب، بل أدى أيضاً إلى إضعاف “محور المقاومة”.
الضربة الأكبر لحزب الله في لبنان
لقد عانى حزب الله، وهو التنظيم الرئيس الذي تدعمه إيران منذ تأسيسه في أوائل الثمانينيات، من انتكاسات كبيرة في الحرب مع إسرائيل، وهو ما أثر سلباً على مصالح الجمهورية الإسلامية في المنطقة.
وخلال هذا العام، لم تستهدف إسرائيل حسن نصر الله، زعيم حزب الله فحسب، بل نفذت أيضاً عمليات أدت إلى القضاء على القيادة الأساسية للحزب بأكملها.
فضلاً عن ذلك، تأثر الآلاف من الأعضاء من ذوي الرتب الأدنى بشكل خطير بسلسلة من الهجمات التي نُفذت من خلال تفجيرات أجهزة النداء. علاوة على ذلك، قُتل أيضاً خلال هذا العام بعض قادة حزب الله الذين ظلوا فارّين من القبض عليهم منذ تفجير ثكنة بيروت في عام 1983 والهجمات الانتحارية على القوات الإسرائيلية في جنوب بيروت.
إن اغتيال نصر الله، الذي أشار إليه خامنئي بـ “أخي العزيز”، يمثل انتكاسة كبيرة لطموحات إيران العسكرية وفيلق القدس. إن وفاته، التي قوبلت بحزن عميق من قبل المرشد الأعلى، هي الخسارة الأكثر أهمية لشبكة الوكلاء الإيرانية منذ مقتل قاسم سليماني في عام 2020. كما أن لبنان، حيث كان نصر الله يتمتع بنفوذ هائل، يعاني أيضاً من عواقب هذه الخسارة، ويواجه تهديدات متزايدة لسلامة أراضيه.
إن هجوم حماس لم يجر لبنان إلى الحرب مع إسرائيل فحسب، بل أدى أيضاً إلى إلغاء اتفاق مهم بين حزب الله، ممثلاً للبنان، وإسرائيل.
قبل عام من اندلاع الصراع في غزة، توصل حزب الله وإسرائيل إلى اتفاق تاريخي بشأن ترسيم الحدود البحرية، وبالتالي حلّ النزاعات في البحر الأبيض المتوسط.
وقد منح الاتفاق لبنان حقوق التنقيب والاستخراج في حقل غاز قانا. وفي الوقت نفسه، حصلت إسرائيل على حقوق الملكية والاستغلال الكاملة لحقل غاز كاريش، وهي نقطة خلاف قبل ترسيم الحدود البحرية.
واعتُبر الاتفاق، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة ووقعه الرئيس اللبناني ورئيس الوزراء الإسرائيلي في مقر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في بيروت، انتصاراً دبلوماسياً كبيراً.
لقد اكتسبت الدولتان موارد طاقة وإيرادات جديدة من حقلي قانا وكاريش دون صراع. لقد نجح حزب الله، بصفته وكيلاً لإيران، في تأمين نصر سياسي كبير للبنان، حيث تخلص من جزء من صورته العسكرية والإرهابية وحقق فوزاً دبلوماسياً نادراً.
كما احتفلت إسرائيل بالاتفاق بوصفه انتصاراً على عدوها. ولكن بعد أيام قليلة من هجوم حماس، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الاتفاق باطل ولاغ. وكان هذا بمثابة انتكاسة كبيرة لحزب الله، الذي حقق نجاحاً دبلوماسياً نادراً للبنان، وللجمهورية الإسلامية، التي دعمت الاتفاق.
كسر الخط الأحمر للهجمات المباشرة
لقد تجاوزت هجمات حماس العلنية على إسرائيل، بدعم من خامنئي، الخطوط الحمراء العسكرية بين إسرائيل وإيران. ورداً على ذلك، نفذت إسرائيل غارة جوية على القنصلية الإيرانية في دمشق، مستهدفة بشكل مباشر مصالح الجمهورية لإسلامية، مما أسفر عن مقتل أكثر من 10 من قادة الحرس الثوري الإيراني.
ومن بين القتلى العميد محمد رضا زاهدي من فيلق القدس ورازي موسوي، وكانت هذه الخسائر هي الثانية والثالثة من حيث الأهمية بالنسبة إلى الحرس الثوري بعد اغتيال سليماني، وجاءت كنتيجة لعملية “طوفان الأقصى”.
وبعد الهجوم على القنصلية، شنت الجمهورية الإسلامية، تحت ضغط الرد، هجمات محدودة، ولكن معلنة مسبقا، على إسرائيل من داخل إيران في 13 أبريل/ نيسان، مسجلة بذلك المرة الأولى التي يتم فيها تنفيذ مثل هذه الهجمات. وقد كسر هذا الخط الأحمر للضربات العسكرية بين البلدين.
وفي يوليو/ تموز، وقع هجوم مماثل بعد أن اغتالت إسرائيل زعيم حماس إسماعيل هنية أثناء زيارته لطهران. وفي 27 سبتمبر/ أيلول، استهدفت عملية أخرى نصر الله في بيروت، مما أسفر عن مقتل العميد عباس نيلفوروشان، نائب قائد العمليات في الحرس الثوري الإيراني.
في الأشهر الخمسة التي سبقت ذكرى الحرب بين حماس وإسرائيل (من مايو/ أيار 2024، باستثناء الحداد العام على الوفاة المشبوهة لإبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية، والذي يشتبه جزء من الجمهور الإيراني في تورط إسرائيل فيه)، شهدت إيران عشرة أيام من الحداد العام على مقتل أعضاء الحرس الثوري والقوات التابعة له في أعقاب حرب غزة.
في الذكرى السنوية لهجوم حماس على إسرائيل، أشاد خامنئي بالهجوم، غير مبالٍ على ما يبدو بالدمار الذي خلفته الحرب على غزة طوال العام. وقد تم تفسير ظهوره النادر في صلاة الجمعة في طهران على أنه إظهار “للشجاعة” في مواجهة الضربة العسكرية الإسرائيلية المحتملة.
لقد هددت إسرائيل برد شديد على الهجوم الإيراني الثاني. إن الجمهورية الإسلامية، التي تواجه بالفعل عقوبات وإدانة من أوروبا والولايات المتحدة بسبب دعمها للغزو الروسي لأوكرانيا، تفتقر حتى إلى الدعم العلني من روسيا.
والآن، في الذكرى السنوية لحرب غزة، تتزايد التوقعات بشأن الرد العسكري الإسرائيلي على إيران. ويذكرنا هذا الموقف بشعار المحتجين الإيرانيين: “لا غزة ولا لبنان، حياتي فداء لإيران”.
لقد ترك دعم خامنئي لهجوم حماس وعواقبه المدمرة، بالإضافة إلى تجاهله المستمر لمخاوف الجمهور الإيراني وحتى مواطني الدول العربية والإسلامية، الكثيرين يتساءلون: “ما هي الفائدة التي جلبها هذا الهجوم على غزة ولبنان وإيران؟”.
الكاتب: فرامرز دافار
الرابط:
https://iranwire.com/en/politics/134719-irans-hamas-support-a-year-of-global-isolation-and-backlash/