المؤسسات والمنظمات

حركة الشباب المجاهدين

حركة الشباب هي الفرع الرسمي لتنظيم القاعدة في شرق إفريقيا. تأسست في أواخر التسعينيات (1996 ـ 97)، وتتخذ من الصومال مقرّاً لها، وتسعى إلى إقامة دولة إسلامية أصولية في البلاد، وتأمل أن تتوسع في نهاية المطاف لتشمل القرن الإفريقي بأكمله. وتسيطر حركة الشباب على جزء كبير من منطقة جنوب الصومال وجيوب صغيرة في كينيا وإثيوبيا على طول الحدود الصومالية. وفي المناطق الخاضعة لسيطرتها، تفرض حركة الشباب تفسيرها الصارم للشريعة الإسلامية، حيث تحظر أنشطة مثل الاستماع إلى الموسيقى أو حلق اللحية. وتشن الجماعة في الغالب هجمات تستهدف الحكومة الصومالية وبعثة الاتحاد الأفريقي إلى الصومال (أميصوم).

وفقاً لرسالة وجهها زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن إلى مسئولين مجهولين في حركة الشباب، فإن حركة الشباب كانت موالية لتنظيم القاعدة منذ ما قبل غشت / آب 2010. ومع ذلك، حث بن لادن الحركة على عدم تقديم نفسها علناً على أنها جزء من تنظيم القاعدة. وبعد تعهد الحركة بالولاء لتنظيم القاعدة عام 2012، بدأت في تنفيذ عدد من الهجمات العنيفة في البلدان المجاورة للصومال، بما في ذلك هجمات سبتمبر / أيلول 2013 على مركز ويستجيت التجاري في نيروبي، كينيا، والتي خلفت 68 قتيلاً و175 جريحاً. والحركة مسؤولة أيضاً عن هجمات جامعة غاريسا في أبريل / نيسان 2015، حيث اقتحم خمسة من مقاتليها الجامعة الكينية، مما أسفر عن مقتل ما يقرب من 150 شخصاً. ومنذ ذلك الحين، واصلت الحركة محاولاتها لتنفيذ هجمات إرهابية خارج معقلها في الصومال. وفي أول محاولة لحركة الشباب لمهاجمة أهداف غربية، فجر مهاجم قنبلة كمبيوتر محمول مخبأة على متن طائرة تابعة لشركة طيران دالو كانت تغادر مقديشو إلى مدينة جيبوتي في 2 فبراير / شباط 2016. ولم يكن الانفجار، الذي أدى إلى مقتل المهاجم فقط، قوياً بما يكفي لإسقاط الطائرة. وبحسب ما ورد، قتلت حركة الشباب أكثر من 4200 شخص في عام 2016، مما يجعلها الجماعة الجهادية الأكثر دموية في إفريقيا. وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2017، نُسب إلى حركة الشباب أسوأ هجوم إرهابي في الصومال حتى الآن، وهو تفجير شاحنة مفخخة أدى إلى مقتل أكثر من 300 شخص في مقديشو.

عادة ما توصف أيديولوجية حركة الشباب بأنها نوع من السلفية الجهادية التي تدعم التكفير. وعلى الرغم من أنها أعلنت العديد من الأهداف في الماضي، فإنها تناضل في المقام الأول من أجل إنشاء دولة إسلامية أصولية في القرن الإفريقي، والتي لن تشمل الصومال فحسب، بل وأيضاً جيبوتي وكينيا وإثيوبيا.

وبموجب الشريعة الصارمة التي تتبعها حركة الشباب، فإن الرجم وبتر الأطراف وقطع الرؤوس هي عقوبات منتظمة للمجرمين والمرتدين. وتضطهد الجماعة بعنف غير المسلمين وتشتبك بشكل متكرر مع عمال الإغاثة الإنسانية الدوليين.

بالعودة إلى أصل حركة الشباب، فإن سلف الحركة هي الجماعة الصومالية المتمردة الاتحاد الإسلامي، التي استهدفت نظام سياد بري العسكري خلال الحرب الأهلية الصومالية في التسعينيات. وبعد سقوط نظام بري، انفصلت مجموعة أصغر سناً وأكثر تشدداً عن الاتحاد الإسلامي، سعياً إلى إقامة “الصومال الكبرى” التي تحكمها الشريعة. وانضمت هذه المجموعة من الشباب ـ المعروفة بالعربية باسم “الشباب” ـ إلى قوات اتحاد المحاكم الإسلامية في محاولة لفرض الشريعة في جميع أنحاء مقديشو. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2006، غزت القوات الإثيوبية المدعومة من الولايات المتحدة الصومال وطردت اتحاد المحاكم الإسلامية من العاصمة. وعلى الرغم من فرار غالبية مقاتلي اتحاد المحاكم الإسلامية إلى البلدان المجاورة، تراجعت حركة الشباب جنوباً، وبدأت في تنظيم هجمات ضد القوات الإثيوبية. وبهذه الطريقة، انتقلت حركة الشباب من جماعة متمردة إلى حركة حرب عصابات وبدأت في الاستيلاء على الأراضي في وسط وجنوب الصومال. وقد تنامت الحركة من بضع مئات من المقاتلين في عام 2006 إلى الآلاف بحلول عام 2008. منذ نهاية الاحتلال الإثيوبي في عام 2008، واصلت حركة الشباب جهودها لتطبيق الشريعة محلياً ومهاجمة ممثلي الحكومة وقوات البعثة الإفريقية، بينما قامت أيضاً بتكييف أهدافها الخارجية من إثيوبيا إلى كينيا بعد غزو كيني قصير في عام 2011. تنظر حركة الشباب إلى بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال، وكذلك الحكومة الفيدرالية الصومالية، كأعداء أساسيين لها نظراً لانقيادهم المزعوم للدول الغربية.

وقد تعهدت حركة الشباب بالولاء رسمياً لتنظيم القاعدة عام 2012، على الرغم من أن العلاقات بينهما موجودة منذ عام 2008، عندما أصدر رجل الدين الأمريكي المولد في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أنور العولقي بياناً أشاد فيه بالحركة لقتالها ضد الغزو الإثيوبي المدعوم من الولايات المتحدة. وفي عام 2010، أصدر نائب زعيم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية سعيد الشهري أيضاً بياناً يشجع فيه حركة الشباب على العمل مع جماعته في حربها ضد الولايات المتحدة. وبعد إعلان الولاء، انتقل بعض مقاتلي القاعدة الذين تدربوا في معسكرات التنظيم في أفغانستان إلى الصومال لتدريب أعضاء حركة الشباب. وتواصل المجموعتان التعاون بشكل وثيق في كل شيء، بدءاً من التلقين العقائدي ومهارات القتال الأساسية وحتى صناعة المتفجرات المتقدمة والتدريب على الاغتيالات. وتتشارك حركة الشباب وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في نقل المقاتلين والأسلحة بين اليمن والصومال. وتمكن مقاتلو حركة الشباب من الحصول على أسلحة جديدة وتطوير تكتيكات جديدة من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، بما في ذلك استخدام متفجرات الكمبيوتر المحمول والمزيد من السيارات المفخخة التدميرية. وتفيد التقارير أن تنظيم القاعدة يلعب دوراً مهماً في قيادة حركة الشباب، حيث أفاد أحد الإحصاءات أن الأجانب يشكلون أكثر من نصف المجلس التنفيذي لحركة الشباب وأن الجماعة أصبحت تتبنى الخطاب والدعاية الجهادية المعولمة بشكل أساسي. ومن بين ما يقدر بنحو 3000 إلى 5000 مقاتل، هناك 200 إلى 300 مقاتل غير صومالي، ويأتي عدد منهم من الصوماليين في الشتات.

ويستشهد المحللون بالجماعة السلفية المتطرفة المبكرة، الاتحاد الإسلامي، بوصفها مقدمة لحركة الشباب وحاضنة للعديد من قادتها. بلغ الاتحاد ذروته في التسعينيات بعد سقوط نظام سياد بري العسكري واندلاع الحرب الأهلية. وانفصلت جماعة متشددة من المقاتلين الأصغر سناً عن الاتحاد الإسلامي، وسعت إلى إقامة “الصومال الكبير” الذي تحكمه الشريعة. انضمت هذه المجموعة من الشباب إلى اتحاد المحاكم الإسلامية، وهي مجموعة من المحاكم الشرعية، لتكون بمثابة بديل للحكم بمجرد سيطرتهم على مقديشو. وفي النهاية تم طرد هذه المجموعة المشتركة من قبل إثيوبيا، وفر جزء كبير من اتحاد المحاكم الإسلامية إلى جنوب الصومال، وظهرت حركة الشباب وواصلت هجماتها غير المتكافئة على أهداف إثيوبية.

وهذا السياق مهم لفهم السمة الرئيسة لحركة الشباب، فهي ليست متجانسة وعرضة للانقسامات الداخلية حول الإستراتيجية والتكتيكات. وقد أصبحت هذه الصراعات ذات أهمية خاصة عندما انفصلت عشائر بأكملها عن الحركة في عام 2008. وسلطت التقارير الضوء على الصراعات المتزايدة بين القيادات حول التكتيكات، ومصالح العشائر، والانتماء إلى تنظيم القاعدة، والسياسات تجاه وكالات الإغاثة الدولية.

وفي نهاية المطاف، انتصر أحمد غودان على المعارضة الداخلية بسلسلة من عمليات التطهير عام 2011 ومعركة داخلية دامية بشكل خاص في يونيو/ حزيران 2013. ومن بين العواقب المترتبة على انتصار غودان هو أن عقيدة المجموعة الأساسية وانتماءاتها قد تم تسويتها على ما يبدو. فعلى الرغم من أن حركة الشباب كانت دائماً ذات توجه جهادي سلفي، فإن قيادة الجماعة كانت مكونة ذات يوم من شخصيات غير متجانسة، بما في ذلك شخصيات قومية وبراغماتية سياسية مثل حسن ضاهر عويس ومختار روبو. لقد انتصر غودان ومجموعته التي نشأت من الهامش المتطرف، وكانت غارقة في الروح التكفيرية التي تضفي الشرعية على قتل المسلمين الآخرين وإعادة الالتزام بالجهاد العالمي واستعادة الخلافة.

وبعد وفاة غودان عام 2014، تم تعيين أحمد عمر أبو عبيدة، المعروف سابقاً باسم أحمد ديري، أميراً. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، ظهر أبو عبيدة في مقطع فيديو لأول مرة ووصف الولايات المتحدة بأنها “الهدف الرئيس للحركة” وطالب أنصاره بمهاجمة الأمريكيين أينما استطاعوا.

بالنسبة إلى البنية التنظيمية لحركة الشباب، فهي منظمة هرمية يقودها أميرها أحمد عمر أبو عبيدة. ويلي أبا عبيدة مجموعة من القادة الإقليميين الذين يديرون الحركة في جنوب الصومال ومقديشو، وباي وبوكول، وبونتلاند، وأرض الصومال، ووادي جوبا.

كما قام أبو عبيدة بتعيين مجلس شورى مكون من 10 أعضاء يشرفون على القادة الإقليميين لحركة الشباب. ويضع المجلس سياسة الحركة التي من المتوقع أن تتبعها الإدارات المحلية داخل الأراضي التي تسيطر عليها. ويساعد مجلس الشورى قادة صغار مسؤولون عن الفرع الإعلامي للحركة، وإنفاذ القانون، والعمليات العسكرية. يتولى الفرع الإعلامي للحركة، المعروف باسم مؤسسة الكتائب، مسؤولية إنتاج مقاطع فيديو للتجنيد ومحتوى دعائي يتم نشره بعد ذلك على الجماهير المحلة ولدولية.

ويشرف قائد العمليات العسكرية لحركة الشباب على فرعين منفصلين، جيش العسرة وجيش الحسبة. ويشكل جيش العسرة، بقيادة قادة عسكريين إقليميين، الجهاز العسكري الخارجي الرئيس للحركة. ويعمل جيش الحسبة كقوة الشرطة الدينية للحركة، حيث تابع تطبيق الشريعة في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وفيما يخص التمويل، كان لدى حركة الشباب عدة مصادر للدخل طوال تاريخها، بما في ذلك درجات متفاوتة من الدعم من الشتات الصومالي، والسكان المحليين، والجهات الراعية، والتبرعات المستمرة.

محلياً، حصلت حركة الشباب على إيرادات كبيرة من الابتزاز بعد الاستيلاء على مدينة كيسمايو الساحلية الجنوبية عام 2008. وكانت تجارة الفحم ضرورية لاقتصاد المدينة، وتمكنت الحركة من الحصول على عائدات من تصدير الفحم بقيمة إجمالية تقدر بـ 35-50 مليون دولار سنوياً. وعلى الرغم من أن بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال تمكنت من استعادة كيسمايو في أكتوبر / تشرين الأول 2012، أفادت الأمم المتحدة أن تجارة الفحم غير المشروعة التي تمارسها حركة الشباب استمرت في المناطق الخاضعة لسيطرتها مثل براوي، وتقدر أن الأرباح من هذه المدينة وحدها تصل إلى ملايين الدولارات شهرياً. وحظرت الأمم المتحدة صادرات الفحم من الصومال عام 2012. وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2014، وفي إطار جهود استهداف تمويل حركة الشباب، سمح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بتفتيش السفن المشتبه في أنها تحمل الفحم الصومالي.

ووفقاً للأمم المتحدة، زادت واردات السكر في أواخر عام 2012 بسبب زيادة إنتاج الفحم، ثم زادت بعد ذلك لأغراض النقل عبر الحدود الكينية. وهذه التجارة الدورية، مع تصدير الفحم مقابل واردات السكر التي تباع في نهاية المطاف في كينيا بسعر أقل، هي إحدى الطرق التي تمكنت بها الحركة من الحفاظ على استقرارها المالي، على الرغم من فقدان السيطرة على ميناء كيسمايو. وتستطيع حركة الشباب أيضاً تسهيل التدفقات النقدية داخل الصومال من خلال شركات تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول التي تخضع لتدقيق أقل. كما أفادت مجموعة الأزمات الدولية عام 2014 أن حركة الشباب تتأقلم مع بيئة مالية متقلبة وتدفق نقدي متقطع من خلال الاستثمار في الذهب.

وبعد حملة التطهير التي طالت معارضة غودان داخل القيادة في يونيو/ حزيران 2013، حولت حركة الشباب اهتمامها نحو “الضرائب” وجمع الأموال من خلال الدعم الطوعي والابتزاز والشراكة مع الشركات والوكالات الإنسانية وغيرها من المنظمات غير الحكومية التي تعمل في جنوب وسط الصومال. ووفقاً للأمم المتحدة، حققت حركة الشباب ما يصل إلى 100 مليون دولار سنوياً من الرسوم المفروضة على موانئ الدخول، والضرائب على السلع، والضرائب على المنتجات المحلية، ورسوم نقاط التفتيش، والابتزاز، و”مساهمات الجهاد” الخاصة بتغطية الالتزامات الدينية للحركة.

ومن الأمور الأساسية في ممارسات حركة الشباب الضريبية والابتزازية استخدام حواجز الطرق بين بيدوا ومقديشو وكذلك بين مقديشو ومنطقة شابيلي السفلى. ويُكسب كل حاجز على طول هذه المسارات حركة الشباب 5000 دولار يومياً من ابتزاز التجار. وتأتي هذه الأموال إلى حد كبير من الأموال التي توزعها الأمم المتحدة ووكالات المعونة المرتبطة بها على النازحين داخلياً. تصدر الأمم المتحدة للنازحين الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين في بيدوا بطاقات نقدية تتراوح قيمتها بين 80 إلى 90 دولاراً شهرياً، مما يسمح لهم بشراء الضروريات من التجار المسافرين من مقديشو. وفي طريقهم من وإلى بيدوا، يتم إيقاف هؤلاء التجار وفرض الضرائب عليهم عند حواجز الطرق التي أقامتها حركة الشباب، وبالتالي يقومون بتحويل أموال الأمم المتحدة إلى الحركة دون رغبتهم.

وبحسب ما ورد، تلقت حركة الشباب أيضاً تمويلاً من حكومات إريتريا وإيران وسوريا وقطر واليمن، وقد نفت غالبيتها هذه المزاعم. كما قام عملاء حركة الشباب بجمع الأموال على المستوى الدولي. على سبيل المثال، في سبتمبر/ أيلول 2014، اتهم المدعون العامون في فنلندا أربعة أشخاص بجمع “آلاف اليورو” لصالح حركة الشباب ما بين 2008 و2011. وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2016، أدينت امرأتان في الولايات المتحدة لتنظيمهما مجموعة من النساء من ثماني دول مختلفة قامت بجمع تبرعات للحركة.

وتجري جهود التجنيد التي تقوم بها حركة الشباب في المقام الأول داخل الصومال وكينيا، على الرغم من أن استراتيجية التجنيد عبر الإنترنت استهدفت الولايات المتحدة أيضاً.

وتسعى حركة الشباب إلى تجنيد المراهقين والشباب الصوماليين على وجه التحديد. وقد تم إجبار أطفال لا تتجاوز أعمارهم 9 سنوات على الانضمام إلى صفوف الحركة. وفي يناير/ كانون الثاني 2017، قدر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن أكثر من نصف مقاتلي حركة الشباب قد يكونون من الأطفال. وسجلت فرقة عمل صومالية تجنيد 4213 طفلاً ـ جميعهم من الذكور تقريباً ـ في حركة الشباب في الفترة ما بين 1 أبريل / نيسان 2010 و31 يوليو / تموز 2016. ووفقاً لتقرير للأمم المتحدة عام 2017، فإن الأطفال “الذي تم تجنيدهم واستخدامهم من قبل حركة الشباب كانوا ضحايا. وقد تعرضوا لانتهاكات جسيمة أخرى بما في ذلك القتل والتشويه خلال العمليات العسكرية والغارات الجوية التي استهدفت الحركة، وتعرضوا للاعتقال والاحتجاز من قبل قوات الأمن الصومالية”.

ووفقاً لمسؤولين صوماليين، تحتاج حركة الشباب إلى مجندين أصغر سناً ليحلوا محل المقاتلين المسنين. واختطفت الحركة الأطفال من المدارس، وأجبرت آخرين على الفرار من المناطق التي تسيطر عليها لتجنب التجنيد. وفي أوائل غشت / آب 2017 وحده، فر أكثر من 100 طفل من المناطق التي تسيطر عليها الحركة في الصومال بحثاً عن الأمان في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في البلاد. وقدر المسؤولون أن أكثر من 500 طفل فروا من منازلهم هرباً من التجنيد الإجباري في حركة الشباب.

تستخدم حركة الشباب الأطفال في أدوار قتالية واستطلاعية وفقاً للأمم المتحدة. وقال مجند صومالي يبلغ من العمر 14 عاماً، أجرى معهد الدراسات الأمنية مقابلة معه في سبتمبر/ أيلول 2014: “عندما تنضم، يعطونك هاتفاً محمولاً، وكل شهر تحصل على 50 دولاراً. وهذا ما يدفع الكثير من أصدقائي للانضمام”. وتذكر عضو آخر كيف أنه أثناء تجربته في التجنيد، “قاموا بإلقاء خطب علينا لساعات حول حلاوة الجهاد. كما وزعوا منشورات عن الإسلام [و] أظهروا تسجيلات فيديو لجهاديين آخرين في مناطق أخرى من العالم”.

وبينما تقوم حركة الشباب بتجنيد الذكور، فإنها اختطفت أيضاً نساء مسلمات ومسيحيات في الصومال وكينيا كسبايا. وأجبرت الجماعة بعض الفتيات والنساء على العمل في بيوت الدعارة، بينما أجبرت أخريات على الزواج من مقاتلي الحركة. وتقتل حركة الشباب بانتظام النساء والفتيات اللاتي يرفضن الزواج القسري من مقاتلي الحركة.

وحاولت حركة الشباب التأثير على الأسر الصومالية نحو الإسلاموية. أصدرت مجموعة التعليم وإشراك الشباب في الحركة منهجها التعليمي الخاص في أوائل عام 2017، مع التركيز فقط على القرآن والرياضيات والتاريخ والجغرافيا. في أبريل/ نيسان من ذلك العام، أصدرت الحركة بياناً يأمر الآباء الصوماليين بتجنب التعليم العام وإرسال أطفالهم إلى المدارس الإسلامية، وهددت بأنها ستعاقب الآباء والمعلمين الذين يتبنون التعليم العلماني.

تمتلك حركة الشباب ذراع علاقات عامة متطورة وقدرات عالية على إنتاج مقاطع الفيديو. وقد اجتذب استخدام الحركة لوسائل التواصل الاجتماعي للدعاية مجندين من جميع أنحاء العالم. وتنشر حركة الشباب أيضاً مقاطع فيديو للتجنيد مدبلجة باللغتين الإنجليزية والصومالية. ويظهر مقطع فيديو صدر عام 2010 أحد المقاتلين وهو يحاول تجنيد مقاتلين شباب: “فماذا تنتظرون يا إخواني، لماذا لا تندفعون إلى هذه العبادة [الجهاد]؟ انضموا إلينا حتى نتمكن معاً من محاربة قوى الكفر…”.

وفي الصومال، يتسلل القائمون على التجنيد إلى المناطق الريفية النائية ويتواصلون مع المجندين المحتملين. وهناك روايات عن قيام المجندين بتهديد حياة الرجال المسلمين الصوماليين الذين قاوموا في البداية الانضمام إلى الحركة.

وتقدم حركة الشباب خدمات اجتماعية لتعزيز دعمها بين الصوماليين، وتشارك في بناء البنية التحتية وجمع الأموال لإعادة توزيعها على الفقراء. ويُعرض على الشباب الصومالي أيضاً رواتب تصل إلى 700 دولار شهرياً للانضمام إلى الحركة، ووُعدوا بدفع مبالغ إضافية إذا أحضروا زوجاتهم وأطفالهم. منذ عام 2009، قام مسؤول التجنيد في حركة الشباب، الشيخ أحمد إيمان علي، بتجنيد أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 12 و16 عاماً يعيشون في المناطق الفقيرة في الصومال. ووفقاً للسلطات الكينية، تفيد التقارير أن الأطفال في تلك المناطق يفتقرون إلى السكن الأساسي والملابس والغذاء، وهو ما توفره حركة الشباب عادة مقابل تجنيدهم. وفقاً لأحد التقارير الصادرة عام 2012، كان السبب الرئيسي وراء ادعاء مقاتلي حركة الشباب السابقين انضمامهم إلى الجماعة المسلحة هو الهوية الدينية، ونقص التعليم والتوظيف، والتأثر بالعائلة أو الأصدقاء، والحاجة إلى هوية جماعية والإحساس بالانتماء.

ويعمل القائمون على التجنيد في حركة الشباب على دفع الشباب الكينيين المسلمين ـ الذين غالباً ما يتحولون إلى الإسلام ـ إلى اعتناق الفكر السلفي الجهادي من خلال خطب متطرفة. وتكشف الحسابات الشخصية أن القائمين على التجنيد يستخدمون التلاعب النفسي لزيادة معدلات الالتحاق بالحركة. وقال أحد المجندين السابقين المحبطين إن عضو حركة الشباب المتوفى ورجل الدين الكيني المتطرف عبود روغو محمد “كان يقول لنا: بدلاً من الجلوس في الأحياء الفقيرة وعدم القيام بأي شيء، من الأفضل أن تذهبوا إلى الصومال وتقاتلوا من أجل دينكم، وسوف تذهبون مباشرة إلى الجنة”.

وبمجرد أن يصبح المجندون مستعدين للانضمام إلى حركة الشباب، يسافرون إلى الجزر النائية قبالة ساحل كينيا، والتي لا تبعد سوى بضع ساعات عن الصومال بالقارب. ومن هذه الجزر، يرشدهم الدعاة المتطرفون إلى وجهتهم النهائية: الأراضي التي تسيطر عليها الحركة في الصومال.

ونظراً لغياب سلطة الدولة في الصومال، تمكنت حركة الشباب من إدارة معسكرات تدريب متخصصة. وبالإضافة إلى معسكر القتال بالأيدي في رأس كيامبوني ومعسكرات التفجيرات الانتحارية في إلبردي ومقديشو، قامت حركة الشباب بإدارة معسكر للتدريب على اختطاف الرهائن في إيل أرفيد. كما قامت الحركة بتجنيد النساء للقتال، على الرغم من التقارير التي تفيد بإرسالهن إلى معسكرات التدريب لغرض وحيد هو اتخاذهن كعرائس.

وكان لتنظيم القاعدة المركزي تأثير على تدريب حركة الشباب منذ ما قبل تعهد الحركة رسمياً بالولاء للقاعدة عام 2012. وخلص تقرير صدر عام 2011 عن لجنة الأمن الداخلي بمجلس النواب الأمريكي إلى أن المجندين الأمريكيين كانوا يتلقون تدريباً من كبار قادة تنظيم القاعدة، وبعضهم له علاقات بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. واعتباراً من عام 2011 أيضاً، أفادت التقارير أن أبا موسى مومباسا، الناشط الباكستاني المولد في تنظيم القاعدة، هو رئيس الأمن والتدريب في حركة الشباب. وتحت رعاية تنظيم القاعدة المركزي، ركزت الحركة بشكل متزايد في برنامجها التدريبي على المتفجرات والانتحاريين.

واليوم، يخضع مجندو حركة الشباب لعملية تدريب مدتها ستة أشهر. ووفقاً لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، فإن التدريب يشمل “قراءة وتفسير القرآن، والتمارين البدنية، والتعامل مع الأسلحة”. وتشمل هذه الأسلحة بنادق هجومية وقذائف صاروخية. وفي إحدى حفلات التخرج المفتوحة أمام وسائل الإعلام، تخرج 300 متدرباً من معسكرات التدريب وأصبحوا أعضاء في الحركة. وتمكن الخريجون الجدد من اختيار أي قطاع من الحركة سينضمون إليه، حيث يمكن للخريجين الاشتراك في وحدة قتالية، أو أن يصبحوا صانعي قنابل، أو العمل في الشبكة الأمنية التابعة لجيش الحسبة. ويتمتع المجندون المتميزون بفرصة خاصة للانضمام إلى قائمة الانتظار الطويلة لوحدة الاستشهاديين، وهي الكتيبة الانتحارية التابعة للحركة.

في سبتمبر / أيلول 2014، شنت الولايات المتحدة هجوماً بطائرة من دون طيار على معسكر تدريب لحركة الشباب جنوب مقديشو. وأدى الهجوم إلى مقتل زعيم حركة الشباب في ذلك الوقت، أحمد عبدي غودان. وفي مارس / آذار 2016، تم استهداف معسكر تدريب آخر لحركة الشباب في غارة جوية أمريكية بطائرة بدون طيار شمال مقديشو، مما أسفر عن مقتل أكثر من 150 مسلحاً. ووفقاً للحكومة الصومالية، دمرت غارة أمريكية في يونيو / حزيران 2017 معسكر تدريب لحركة الشباب بالقرب من ساكو بالصومال، والذي كان بمثابة “مركز إمداد رئيسي للقيادة”.

ومع ذلك، ما زالت عمليات حركة الشباب متواصلة. في يوليو / تموز 2023، نفذت الحركة أربع هجمات في مقاطعة مانديرا بكينيا. ومن بين المواقع المستهدفة معسكر جابيبار للرد السريع، ومعسكر قوات الدفاع الكينية إلواك، ومركز شرطة وارجادود. وتم الإبلاغ عن مقتل ثلاثة أشخاص في وارغدود، حيث دمر المسلحون برج الاتصالات قبل نصب كمين لمركز الشرطة.

زر الذهاب إلى الأعلى