الإخوان المسلمون في الجزائر
ظهرت جماعة الإخوان المسلمين لأول مرة في الجزائر في الخمسينيات كجمعية دينية. وفي التسعينيات، أطلقت الجماعة حزباً سياسياً هو حركة مجتمع السلم. منذ تأسيسها، عملت حركة مجتمع السلم من داخل النظام السياسي الجزائري على الدعوة إلى التبني الوطني للمثل الإسلامية في الجزائر، بما في ذلك تطبيق الشريعة. وبعد انتفاضات “الربيع العربي”، عملت حركة مجتمع السلم كجزء من تكتل الجزائر الخضراء، وهو ائتلاف مكون من أحزاب ذات توجه إسلامي تأسس عام 2012 وعارض في كثير من الأحيان الحكومة الجزائرية، وقاطع انتخابات عام 2014 وعملية الإصلاح الدستوري لعام 2016، قبل أن يتم حله عام 2017. وفقاً لموقعها على الإنترنت، تسعى حركة مجتمع السلم إلى إنشاء “دولة جزائرية ذات سيادة… في إطار المبادئ الإسلامية” و”اعتماد مبادئ الشريعة الإسلامية [باعتبارها] المصدر الأساسي للتشريع في الجزائر”.
أسس رجلا الدين الإسلاميان عبد اللطيف سلطاني وأحمد سحنون لأول مرة الفرع الجزائري لجماعة الإخوان المسلمين عام 1953. ويُزعم أن سلطاني وسحنون استلهما أعمال المنظر الإخواني المصري سيد قطب. يعود تاريخ المشاركة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في الجزائر إلى عام 1990، عندما انفتحت البلاد على نظام متعدد الأحزاب. في ذلك العام، قام رجل الدين الجزائري والمتعاطف مع جماعة الإخوان محفوظ نحناح بتحويل منظمته التعليمية الدينية والخيرية – الإرشاد والإصلاح – إلى حزب سياسي: حركة المجتمع الإسلامي. دافع نحناح عن ثلاثة مبادئ رئيسة في جهوده لتحقيق دولة إسلامية في الجزائر: الاعتدال، المشاركة، والمرحلية.
كانت حركة المجتمع الإسلامي بطيئة في الصعود إلى الواجهة في السياسة الجزائرية. في الانتخابات التشريعية التي جرت في البلاد عام 1991، حصلت الحركة على 5.3% فقط من الأصوات الوطنية. وعندما اندلعت الحرب الأهلية في الجزائر في وقت لاحق من ذلك العام، قام النظام بقمع الأحزاب الإسلامية المرتبطة بالجماعات المتمردة. عندما منعت الحكومة الجبهة الإسلامية للإنقاذ من المشاركة في انتخابات يناير / كانون الثاني 1992، لم تنحز حركة المجتمع الإسلامي إلى حركة التمرد الجزائرية، وفضلت بدلاً من ذلك تحقيق أهدافها الإسلامية من داخل النظام السياسي القائم. ابتداءً من تسعينيات القرن الماضي، بدأت الحكومة الجزائرية في تعيين أعضاء من الحركة في عدة مناصب وزارية داخل الحكومة، حيث اعتبرت الحركة بديلاً أكثر قبولاً للمنظمات الإسلامية العنيفة العاملة في ذلك الوقت.
بحلول عام 1995، حققت حركة المجتمع الإسلامي تقدماً كبيراً في تعزيز الدعم السائد والرسمي لقضيتها. في الانتخابات الرئاسية لعام 1995، حصل نحناح على 25% من الأصوات الوطنية، ليأتي في المرتبة الثانية بعد مرشح الجيش الجزائري، اليامين زروال. خلال هذا الوقت، واصلت الحركة العمل كوسيط أيديولوجي بين الحكومة الجزائرية العلمانية والجماعات الجهادية المتمردة، وحثت على المصالحة بين الطرفين المتصارعين وقدمت نفسها كحل بديل لكليهما.
في عام 1997، في أعقاب الحظر الحكومي على استخدام الإسلام السياسي (الأيديولوجي)، أعادت حركة المجتمع الإسلامي تنظيم نفسها تحت اسم “حركة مجتمع السلم” وغيرت شعارها من “الإسلام هو الحل” إلى “السلام هو الحل”. وعلى مدى السنوات الست التالية، خفف نحناح من خطابه الديني ودمج حزبه بشكل أكبر داخل النخبة السياسية الجزائرية.
توفي نحناح عام 2003، وخلفه في زعامة حركة مجتمع السلم بوجرة سلطاني. ومن عام 2003 إلى عام 2013، عمل سلطاني على تعزيز حضور الحركة بشكل أكبر داخل النخبة الحكومية، وإن كان ذلك على حساب شعبيتها. وفي خطوة مثيرة للجدل إلى حد كبير، دافع سلطاني من جانب واحد عن سعي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لإعادة انتخابه عام 2009، مما أدى إلى حدوث صدع داخل الحركة وانشقاق فصيل عنها: حركة الدعوة والتغيير.
منذ الربيع العربي عام 2011، وتحول قيادة الحركة من سلطاني إلى الزعيم الأكثر “راديكالية” عبد الرزاق مقري عام 2013، نأت الحركة بنفسها بشكل متزايد عن الحكومة الجزائرية، وبدلاً من ذلك، أعادت ترسيخ نفسها كحزب معارضة جدي. وفي عام 2014، انضم مقري إلى أحزاب إسلامية أخرى وقاد حركة مجتمع السلم لمقاطعة الانتخابات الرئاسية.
كما قاد مقري الحركة لمقاطعة العملية الدستورية لعام 2016، زاعماً أن “هذا الدستور غير التوافقي، والذي لا يتضمن إمكانية إجراء إصلاحات كبيرة، يعبر فقط عن آراء الرئيس وحاشيته”. وبعد حصول حركة مجتمع السلم على المركز الثالث في الانتخابات البرلمانية عام 2017، اتهم مقري ائتلاف بوتفليقة الحاكم بتزوير الانتخابات. وكان مقري يعتزم الترشح لرئاسة الجزائر عام 2019، لكنه انسحب بعد أن أعلن بوتفليقة أنه يسعى للترشح لولاية خامسة.
بدأت الاحتجاجات الشعبية المطالبة باستقالة بوتفليقة في الجزائر في فبراير/ شباط 2019 بعد أن أعلن الرئيس المريض نيته الترشح لولاية أخرى. وانضمت حركة مجتمع السلم إلى الدعوات المطالبة باستقالة بوتفليقة ودعت إلى تشكيل حكومة تصريف أعمال. استقال بوتفليقة في 2 أبريل / نيسان 2019، بعد أكثر من عقدين في السلطة. وواصلت حركة مجتمع السلم الترويج لنفسها، بوصفها أكبر الأحزاب السياسية المعارضة في الجزائر خلال المرحلة الانتقالية بعد استقالة بوتفليقة.
في 29 يونيو / حزيران 2021، أعلنت حركة مجتمع السلم عدم المشاركة في الحكومة التي يتوقع تشكيلها قريباً، وأن قرار عدم المشاركة تم اتخاذه على مستوى مجلس الشورى الوطني. وكانت الحركة قد خاضت الانتخابات التشريعية التي أجريت في 12 يونيو/ حزيران، وحصلت على 65 مقعداً، لتحل ثالثاً بعد حزب جبهة التحرير الوطني الذي فاز بـ 98 مقعداً، والقوائم المستقلة التي حصلت على 84 مقعداً.
في يوليو / تموز 2021، قال رئيس الحركة، عبد الرزاق مقري، إن الحكومة الجديدة التي تم تعيينها مؤخراً ببلاده “معزولة عن الشعب لا تمثل من انتخبوا كما لا تمثل من لم ينتخبوا”، مشيراً إلى أنها “حكومة مؤدلجة تؤثر فيها أقليات لم ينتخبها الشعب”.
وفي 25 مايو / أيار 2024، أعلنت حركة مجتمع السلم ترشيح رئيسها عبد العالي حساني شريف رسمياً لانتخابات الرئاسة المقررة في سبتمبر / أيلول. وقال شريف، الذي تولى رئاسة الحركة في مارس / آذار 2023، إن حركته “وطنية وسطية وتسعى للحفاظ على التعددية”.
كرونولوجيا
ـ 1953: رجلا الدين الإسلاميان عبد اللطيف سلطاني وأحمد سحنون يؤسسان الفرع الجزائري لجماعة الإخوان المسلمين.
ـ 1964: سلطاني وسحنون – وكذلك رجل الدين الإسلامي عباسي مدني ـ يؤسسون مجموعة دينية تدعو إلى مقاومة الممارسات المعادية للإسلام في البلاد وتطبيق الحكم الإسلامي وإغلاق المحلات التجارية خلال ساعات الصلاة.
ـ أواخر الثمانينيات: الداعية الإسلامي محفوظ نحناح يؤسس جمعية الإرشاد والإصلاح، وهي منظمة ممولة من الإخوان مخصصة للتعليم الديني والوعظ والعمل الخيري. كانت الجمعية بمثابة نواة للحزب السياسي الذي أسسه نحناح خلال التسعينيات.
ـ التسعينيات: الجزائر تعتمد نظام التعددية الحزبية، وجماعة الإخوان المسلمين تؤسس حركة المجتمع الإسلامي.
ـ 1991: حركة المجتمع الإسلامي تحصل على 5.3 بالمائة من الأصوات خلال الانتخابات التشريعية في البلاد. مع بداية الحرب الأهلية الجزائرية عام 1991، نحناح يدعم قرار الحكومة الجزائرية بوقف العملية الانتخابية عام 1992
ـ 1995: في الانتخابات الرئاسية الجزائرية، نحناح يحصل على 25 بالمائة من الأصوات، ليحتل المركز الثاني بعد مرشح الجيش الجزائري.
ـ 1997: حركة المجتمع الإسلامي تعيد تنظيم نفسها تحت اسم حركة مجتمع السلم بعد أن حظرت الحكومة الجزائرية الاستخدام السياسي (الأيديولوجي) للإسلام. حركة مجتمع السلم تحتل المركز الرابع في الانتخابات التشريعية في البلاد، حيث حصلت على 7 في المائة من الأصوات / 69 مقعداً في البرلمان.
ـ 1999: الحكومة الجزائرية تمنع محفوظ نحناح من الترشح للانتخابات الرئاسية بعد فشله في إثبات أنه قاتل ضد الفرنسيين خلال حرب الجزائر من أجل الاستقلال.
ـ 2003: وفاة نحناح وبوجرة سلطاني يخلفه في قيادة حركة مجتمع السلم.
ـ 2007: حركة مجتمع السلم تحصل على 13.36 بالمائة من الأصوات في الانتخابات التشريعية الجزائرية / 52 مقعداً برلمانياً من أصل 389
ـ 2008: أعضاء في حركة مجتمع السلم ينتقدون سلطاني لدعمه دعوة بوتفليقة لولاية ثالثة دون الحصول على إجماع من الحزب.
ـ 16 أبريل / نيسان 2009: دعم سلطاني للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يؤدي إلى انقسام داخل حركة مجتمع السلم وانشقاق فصيل باسم حركة الدعوة والتغيير.
ـ 2012: حركة مجتمع السلم تنسحب من التحالف الرئاسي وتنضم إلى تكتل الجزائر الخضراء، وهو ائتلاف يضم عدة أحزاب إسلامية جزائرية، بما في ذلك حزب الإصلاح وحركة النهضة الإسلامية.
ـ مايو / أيار 2012: حركة مجتمع السلم تترشح في الانتخابات التشريعية الجزائرية كجزء من تكتل الجزائر الخضراء، وتحصل على 48 مقعداً من أصل 462
ـ مايو / أيار 2013: عبد الرزاق مقري يتولى رئاسة حركة مجتمع السلم، ويسعى إلى تحويل حركة إلى قوة معارضة جدية للحكومة الجزائرية.
ـ 2014: حركة مجتمع السلم، إلى جانب أحزاب إسلامية أخرى، تقاطع انتخابات أبريل / نيسان 2014 متهمة الحكومة بالتلاعب بالعملية الانتخابية.
ـ يناير / كانون الثاني 2015: مقري يعلن أن حركة مجتمع السلم ستجري جولة جديدة من المشاورات مع الحكومة الجزائرية والمعارضة.
ـ 2016: حركة مجتمع السلم تقاطع العملية الدستورية لعام 2016. ومقري يدعي أن “هذا الدستور ليس توافقياً ولا يحمل إمكانية إجراء إصلاحات كبيرة، وأنه يعبر فقط عن آراء الرئيس وحاشيته”.
ـ مايو / أيار 2017: حركة مجتمع السلم تحتل المركز الثالث في الانتخابات البرلمانية الجزائرية بحصولها على 33 مقعداً من أصل 462. ومقري يتهم الائتلاف الحاكم بتزوير الانتخابات.
ـ فبراير / شباط ـ أبريل / نيسان 2019: بعد إعلان بوتفليقة عن نيته الترشح لولاية رئاسية خامسة، اندلاع احتجاجات شعبية تطالب باستقالته من أجل تأمين انتقال السلطة وسط مخاوف بشأن تدهور حالته الصحية. حركة مجتمع السلم تدعو بوتفليقة ومساعديه إلى التنحي وتشكيل حكومة تصريف أعمال. بوتفليقة يعين حكومة تصريف أعمال في 31 مارس / آذار ثم يستقيل في 2 أبريل / نيسان.
ـ أواخر يونيو / حزيران 2021، حركة مجتمع السلم تعلن عدم المشاركة في الحكومة التي يتوقع تشكيلها قريباً، وأن قرار عدم المشاركة تم اتخاذه على مستوى مجلس الشورى الوطني. وكانت الحركة قد خاضت الانتخابات التشريعية التي أجريت في 12 يونيو/ حزيران، وحصلت على 65 مقعداً، لتحل ثالثاً بعد حزب جبهة التحرير الوطني الذي فاز بـ 98 مقعداً، والقوائم المستقلة التي حصلت على 84 مقعداً.
ـ يوليو / تموز 2021: رئيس الحركة، عبد الرزاق مقري، يقول إن الحكومة الجديدة التي تم تعيينها مؤخراً ببلاده “معزولة عن الشعب لا تمثل من انتخبوا كما لا تمثل من لم ينتخبوا”، مشيراً إلى أنها “حكومة مؤدلجة تؤثر فيها أقليات لم ينتخبها الشعب”.
ـ مايو / أيار 2024: حركة مجتمع السلم تعلن ترشيح رئيسها عبد العالي حساني شريف رسمياً لانتخابات الرئاسة المقررة في سبتمبر / أيلول. وقال شريف، الذي تولى رئاسة الحركة في مارس / آذار 2023، إن حركته “وطنية وسطية وتسعى للحفاظ على التعددية”.